تحول معرض “جيتكس إفريقيا 2025” إلى نقطة التقاء استراتيجية بين التكنولوجيات الحديثة وطموحات التحول الرقمي في القارة السمراء، حيث خطفت الشركات الأمريكية الأضواء بحضور نوعي لافت في الدورة الثالثة من المعرض، التي احتضنتها مدينة مراكش من 14 إلى 16 أبريل.
أكثر من ستين شركة أمريكية رائدة في قطاعات الابتكار والتكنولوجيا وضعت بصمتها في هذا الحدث الرقمي الأكبر على مستوى القارة، مؤكدة بذلك حرص الولايات المتحدة على تعزيز موقعها كفاعل أساسي في مسار رقمنة إفريقيا.
لم يكن هذا الحضور المكثف مجرد تمثيل رمزي، بل عبّر عن رؤية استراتيجية أمريكية تسعى إلى دعم جهود التحول الرقمي، ليس فقط في المغرب كمحطة رئيسية، بل في إفريقيا ككل باعتبارها سوقاً صاعدة ذات إمكانات واعدة، ويعكس هذا التوجه رغبة الولايات المتحدة في ترسيخ شراكات مستقبلية قائمة على نقل المعرفة، وتبادل الخبرات، واستكشاف فرص جديدة للاستثمار التكنولوجي في بيئة متعطشة للابتكار.
شهدت الأروقة التي خصصتها الشركات الأمريكية داخل فضاءات المعرض، إقبالاً كبيراً من الزوار، الذين أبدوا اهتماماً بالغاً بما عُرض من تقنيات متقدمة وحلول رقمية مبتكرة تغطي مجالات متعددة، من الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات إلى الأمن السيبراني والتطبيقات الصناعية الذكية.
فيما يعكس هذا التفاعل الوعي المتزايد لدى الفاعلين المحليين والإقليميين بأهمية الانفتاح على التجارب العالمية الرائدة في مجال التحول الرقمي.
ما ميز المشاركة الأمريكية أيضاً هو الطابع العملي الذي طغى على عروضها، حيث لم تقتصر على عرض منتجات أو خدمات، بل قدّمت نماذج ملموسة لإمكانيات التعاون مع الفاعلين الأفارقة، مما حول هذه الدورة من المعرض إلى منصة حقيقية للتفاوض وبناء شراكات تقنية جديدة، وبذلك، يمكن اعتبار هذه المشاركة امتداداً للسياسات الأمريكية الرامية إلى إعادة صياغة علاقاتها الاقتصادية والتكنولوجية مع إفريقيا، بعيداً عن النموذج التقليدي القائم على المساعدات، نحو تعاون قائم على تبادل المصالح وتنمية القدرات المحلية.
اختيار مراكش، العاصمة السياحية ذات الرمزية الثقافية الكبيرة، لاحتضان هذا الحدث، يضفي بعداً إضافياً على الرسالة التي حملها الحضور الأمريكي، مفادها أن المغرب يمثل بوابة استراتيجية نحو إفريقيا الرقمية، وفضاءً واعداً لتجسيد الرهانات المشتركة في الاقتصاد الرقمي.
بهذا الزخم، يؤكد “جيتكس إفريقيا 2025” أنه لم يعد مجرد معرض تكنولوجي، بل تحوّل إلى مختبر مفتوح للرهانات المستقبلية في مجال الرقمنة، حيث تختبر الدول والشركات حدود التعاون، ويصوغ الفاعلون استراتيجيات التموقع في عالم سريع التغير.
