اقتصادالرئسية

أكادير..ردود فعل غاضبة بعد فصل الميناء التجاري عن ميناء الصيد

وسط ذهول كبير وردود فعل غاضبة، تفاجأ المهنيون العاملون في ميناء أكادير بقرار الوكالة الوطنية للموانئ القاضي بفصل الميناء التجاري عن ميناء الصيد البحري، قرار دخل حيّز التنفيذ دون سابق إشعار فعلي يوم الأربعاء الماضي، ليصطدم به المهنيون عند محاولتهم المعتادة الولوج إلى الميناء من البوابة التجارية، حيث تم منعهم بدعوى بدء تنفيذ مقتضى إداري جديد يقضي بمنع التنقل بين المرفأين.

ردود الفعل لم تتأخر، إذ عبّر عدد من البحارة والمجهزين وأرباب الورشات وممثلي الصناعات المرتبطة بالصيد عن استنكارهم الشديد لهذا القرار المفاجئ، واصفين إياه بغير القانوني والمجحف، لكونه يتجاهل طبيعة الاشتغال الميداني وتركيبة البنيات داخل الميناء، والتي تستوجب مرونة في التنقل بين المرافق لضمان استمرارية الأداء المهني. فالعديد من المهنيين يعتمدون منذ سنوات على بوابة الميناء التجاري للوصول إلى الأرصفة والأوراش، كما أن مصالح حيوية مثل مندوبية الصيد البحري تقع داخل نطاق الميناء التجاري، مما يعني أن البحار أو المهني سيكون مضطراً للخروج من الميناء القديم والدخول مجدداً من بوابة أخرى فقط لإنجاز وثيقة إدارية، وهو أمر لا يعكس أي منطق في تقريب الإدارة من المواطن، بل يجسّد عكس ذلك تماماً.

لا تقف تبعات القرار عند حدود الإرباك الإداري، بل تتعداها إلى اضطرابات كبيرة في سلاسل الإنتاج والتوزيع.

من جهة أخرى فالمهنيون العاملون في مجال تفريغ الأسماك المجمدة، خاصة سفن أعالي البحار، سيجدون أنفسهم أمام سيناريو عبثي يفرض عليهم نقل الشحنات خارج الميناء لإعادة إدخالها من بوابة أخرى نحو الوحدات الصناعية الموجودة بالميناء التجاري، ما يعني هدرًا غير مبرر للوقت والجهد، فضلاً عن مخاطر محتملة على جودة المنتوج نتيجة كثرة التداول والنقل، كَما يواجه مجهزو السفن الذين ترتبط شركاتهم بالميناء التجاري نفس الإشكال ، حيث ستصبح عمليات التزود والتجهيز معقدة وبيروقراطية، إذ لا يمكن إخراج السلع من الميناء التجاري ثم إعادتها إلى ميناء الصيد إلا عبر سلسلة من الإجراءات المكلفة والمجهدة التي تعرقل عجلة الإنتاج ولا تخدم المصلحة العامة.

قرار الفصل الذي أعلنت عنه الوكالة الوطنية للموانئ عبر بلاغ رسمي، أكدت فيه أن بدء التنفيذ سيكون بتاريخ 23 أبريل 2025، ينص صراحة على ضرورة التمييز في الولوج إلى الميناءين، بحيث يُطالب مستعملو الميناء التجاري باستخدام بوابته الخاصة، بينما يُفرض على مستخدمي ميناء الصيد استعمال البوابة المخصصة له فقط.

هذا التقسيم، الذي يبدو في ظاهره تنظيمياً، يهدد في العمق بانهيار الانسيابية التي كانت تسود التعاملات اليومية في الميناء ويزرع بذور التوتر والاحتقان المهني.

في الأثناء، شرع عدد من المهنيين الغاضبين من مختلف المكونات الاقتصادية المرتبطة بالميناء، من مجهزين، وأرباب شاحنات، ومسيري ورشات الإصلاح، وأصحاب المصانع ومرافق التخزين، إلى جانب جمعيات فاعلة في قطاع الصيد، في عقد اجتماعات متوالية لبحث سبل الرد على هذا القرار، فيما تسير النقاشات في اتجاه بلورة خطوات تصعيدية تبدأ بإضرابات إنذارية ووقفات احتجاجية قد تنطلق شرارتها مع مطلع الأسبوع المقبل، في محاولة للضغط على السلطات المعنية لمراجعة القرار والعدول عن تنفيذه.

الفاعلون في القطاع يصرون على ضرورة إشراكهم في أي قرار مصيري يمس حياتهم المهنية اليومية، ويرفضون سياسة الأمر الواقع التي تقصيهم من دائرة التشاور والحوار، هذا وأكدت مصادر من داخل الوسط المهني استعداد المعنيين للانتقال إلى خطوات أكثر تصعيداً، في حال استمرار تجاهل مطالبهم، مؤكدين أن الرفض واسع ولا يقتصر على فئة معينة، بل يشمل الطيف المهني بأكمله.

قرار الفصل، وإن كان يُسوّق له كخطوة تنظيمية. كشف هشاشة التواصل المؤسساتي وغياب المقاربة التشاركية، مما ينبئ بأزمة ثقة بين الإدارة والمهنيين قد تكون لها ارتدادات أكبر على مستوى السير العادي للميناء، بل وحتى على الأمن الاقتصادي والغذائي المرتبط بأنشطة الصيد البحري والصناعات المرتبطة به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى