الرئسيةثقافة وفنون

الغراندي طوطو يقلب موازين “ مهرجان موازين”

في خطوة غير مسبوقة منذ انطلاق مهرجان “موازين إيقاعات العالم”، استطاع مغني الراب المغربي طه فحصي، المعروف فنياً بلقب “الغراندي طوطو”، أن يفرض حضوره على واحدة من أهم منصات المهرجان، وهي منصة “السويسي” المخصصة تقليدياً للنجوم العالميين.

لطالما اعتبرت هذه المنصة التي مجالاً حصرياً للفنانين الأجانب أصحاب الشهرة العالمية، ستحتضن في دورتها العشرين، لأول مرة، عرضاً لفنان مغربي اختار منذ بداياته أن يكون مختلفاً، مثيراً للجدل، ومؤمناً بأحقيته في معاملة توازي مكانته وجماهيريته.

طوطو الذي لم يُخفِ في خرجاته الإعلامية السابقة رفضه التام للغناء على منصتي “النهضة” و”سلا”، المخصصتين على التوالي للفنانين العرب والمغاربة، كشف أن هذا القرار لم يكن وليد لحظة أو نزوة عابرة، بل كان جزءاً من موقف فني وشخصي عبّر عنه مراراً، فهو يعتبر نفسه رقماً صعباً في الساحة الموسيقية، ليس فقط على المستوى الوطني، بل كذلك عالمياً، مستشهداً بنسب الاستماع العالية لأعماله، وبالاهتمام الدولي المتزايد الذي يحظى به.

ومع إصراره المستمر على الصعود إلى منصة السويسي، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض في دورات سابقة، يعود طوطو هذه السنة ليحقق ما اعتبره البعض إنجازاً رمزياً يعيد طرح النقاش حول معايير تصنيف الفنانين في هذا الحدث الفني الكبير.

فباستثنائه، لم يُسمح لأي فنان مغربي سابقاً باعتلاء هذه المنصة، باستثناء أسماء تنتمي لمشهد عالمي مثل ملك الراي الشاب خالد، والرابور المغربي الأصل فرانش مونتانا، ولافورين الفرنسية.

ويأتي هذا التحول في علاقة طوطو بالمهرجان بعد فترة توتر امتدت لعامين، حيث ظل اسمه غائباً عن لائحة المشاركين في عدد من التظاهرات الرسمية، في ظل موجة من الانتقادات والجدل الواسع الذي أثاره بسبب تصريحاته المتكررة حول تعاطيه الحشيش، ما خلق انقساماً حاداً بين مؤيدين يرون فيه صوت الشباب المغربي الحر، ومعارضين يعتبرون سلوكه غير مناسب لنموذج الفنان القدوة.

يعتبر قرار إدراج طوطو في برنامج مهرجان “موازين” لهذه السنة ليس فقط رضوخاً ضمنياً لمكانته الفنية، بل هو أيضاً اعتراف بتحول عميق في طبيعة الجمهور واهتماماته، فجيل اليوم لا يتماهى فقط مع الألحان والكلمات، بل أيضاً مع الهوية الثقافية والفنية التي يمثلها المغني، لكراندي،طوطو بالنسبة لفئة كبيرة ، لم يكن مجرد مغني راب، بل رمزاً لتحول ثقافي واسع يتحدى القوالب التقليدية.

وفي السياق ذاته، كشف منظمو المهرجان عن لائحة قوية من الفنانين العالميين الذين سيعتلون مسارح الرباط وسلا في الفترة الممتدة من 20 إلى 28 يونيو المقبل، منصة السويسي ستعرف حضور أسماء لامعة مثل النجم الأمريكي ويل سميث، مغني الراب كيد كودي، المنتج الهولندي أفروجاك، المغنية الأمريكية بيكي جي، الفرقة الكورية “AESPA”، بالإضافة إلى المغنيين النيجيريين “Lojay” و”Wizkid”. هذه البرمجة تؤكد أن طوطو قد دخل فعلاً إلى نادي الكبار، وضمن مكانته بين أصوات العالم المؤثرة.

منصة أبي رقراق بدورها ستعيش لحظات استثنائية مع ابن أسطورة الريغي بوب مارلي، الفنان البريطاني جوليان مارلي، في أمسية يرتقب أن تكون مزيجاً بين الحنين إلى الإرث الموسيقي العالمي والطاقة الجديدة التي يمثلها جوليان، كما سيكون الجمهور على موعد مع الفنان الغيني “Ans-T Crazy” والمغني المالي الكبير ساليف كيتا، ما يعزز تنوع العروض وقوتها.

أما عشاق الفن العربي، فستكون لهم حصتهم الكاملة من السهرات الكبرى، حيث سيحيي وائل جسار حفلاً بمسرح محمد الخامس، فيما ستصدح منصة النهضة بأغاني السوبر ستار راغب علامة، بالإضافة إلى تعاقد المهرجان مع وائل كفوري ونانسي عجرم، ما يعكس توازناً مدروساً في تمثيل مختلف الأذواق والأنماط الموسيقية.

وتجدر الإشارة إلى أن الدورة السابقة، التاسعة عشرة، سجلت نجاحاً قياسياً بلغ 2.5 مليون متفرج، في ما وصفته جمعية “مغرب الثقافات” بلحظات لا تُنسى من الفرح الجماعي والاحتفاء بالموسيقى، يضع هذا النجاح الدورة العشرين أمام تحدي الاستمرارية والارتقاء، خصوصاً في ظل مشاركة أسماء مثيرة للجدل وتغييرات رمزية في خرائط المنصات وبرمجة الفنانين.

في النهاية، يثبت الغراندي طوطو أنه ليس مجرد مغنٍ صاعد، بل ظاهرة فنية قادرة على إعادة تشكيل قواعد اللعبة، واختراق الجدران التي تفصل بين المحلي والعالمي. مشاركته في موازين هذه السنة ليست مجرد فقرة موسيقية، بل لحظة ثقافية تحمل الكثير من الدلالات حول التحولات التي يعرفها المشهد الفني المغربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى