الرئسيةرأي/ كرونيك

خالد فضيل يرثي أم المناضل عبد الرزاق وئام

فضيلي
بقلم خالد فضيل

بتأثر بالغ و بحزن كبير و بالكثير من الحنين، لمرحلة بأكملها..

تلقيت هذا الصباح نبأ وفاة والدة الصديق و الرفيق و الأخ العزيز عبد الرزاق وئام ، تلك السيدة الفاضلة التي كانت بمثابة أم لجيل بأكمله من المناضلات و المناضلين خلال فترة صعبة من الكفاح من أجل الديمقراطية و من سنوات الجمر والرصاص، “يُشار به إلى فترة بين ستينات وثمانينات إلى بداية تسعينيات القرن العشرين”.

عرفناها حين اعتقل إبنها عبد الرزاق و حوكم خلال الحملة القمعية الشرسة التي طالت مناضلي اليسار بالجامعات و الثانويات و الأحياء الشعبية إثر انتفاضة يناير 1984، و توطدت علاقتنا بها عندما انضافت محنة فقدان زوجها، شهورا بعد ذلك، إلى محنة اعتقال الإبن ، لتجسد، بقوة الأشياء و في الآن نفسه، ذروة المعاناة و الصمود و الجلد و قدرة فطرية هائلة على توزيع الدفئ و الحب و الأمل على كل من يقصد و يحج و يلج ذلك البيت البسيط بدرب الكانكي بحي لازاري بوجدة.


لقد كان عبد الرزاق وئام ، و مازال ، مناضلا حالما بالحرية ، أي نعم ، لكنه كان كذلك وقبل ذلك ، رجلا من طينة الكبار أخلاقا و قيما و حبا للناس ، لكل الناس و كان وراء هذه الأخلاق و القيم و الطيبة والداه طيب الله ثراهما عمي محمد و خالتي فاطمة أو لأقل ، دون أي تردد أو تحفظ أو مغالاة ، أمي فاطمة التي ، و رغم كل الضنك و القساوة و ما كابدته ، لم تشتكي يوما من حيف السلطة و الحال و الأيام بل كانت تحتضننا بقلبها الكبير و تغطينا بكرمها الغير عادي و تغدق علينا بدعواتها النابعة من فؤادها النقي و تدعونا إلى التكاثف و المودة و التآزر و التوجه بثبات نحو المستقبل…

لا أظن أن من عرفها يوما أو تحدث إليها أو تأمل وجهها الكريم سيستطيع نسيان سيدة بذلك القلب و الشموخ و العطاء . لذلك أعلن ، بعيدا عن أية مبالغة ، أن هذا يوم حزين و أن العالم ، برحيلها ، يكون قد فقد إحدى تجليات الخير و الدماثة و الصفاء و إحدى وثائق الإثبات على ما تقدر عليه إمرأة قادمة من البساطة و الإيمان و السخاء في مواجهة كل أصناف التسلط .

ليسامحني أخي عبد الرزاق و ليعذرني في هذه اللحظات العصيبة إن قلت ، أصالة عن نفسي و نيابة عن ذلك الجيل من المناضلات و المناضلين ، أننا لن نعزيه في أمنا فاطمة لأننا نذرف الحزن و الدم و الدموع على فراقها و لأن عزائنا واحد و لأننا قد نكون ، أمام هذا المصاب الجلل ، أكثر من هم في حاجة للعزاء.

رحم الله أمي فاطمة و جعل مثواها الجنة و مقامها الفردوس الأعلى على ما أسدته للأسرة و الحي و الوطن و الرفاق و لله الأمر من قبل و من بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى