
في تطور جديد لقضية النقيب و وزير حقوق الإنسان الأسبق محمد زيدان، أقدم دفاعه على تقديم طعن بالنقض في الحكم الصادر عن غرفة الجنايات المالية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، والذي قضى بإدانته بثلاث سنوات سجناً نافذاً.
هذه الخطوة القضائية تعكس تمسك زيان بموقفه الرافض للاتهامات الموجهة إليه، وتعبّر عن إصراره على خوض معركته القانونية حتى آخر نفس، ولو كان الثمن سنوات أخرى من السجن.
البلاغ الصادر عن هيئة دفاعه، والموقع أيضاً من طرف نجله المحامي علي رضا زيان، جاء ليؤكد أن موكلهم يعتبر الحكم الصادر بحقه ظلماً بيّناً، مبرزاً أن محمد زيان “يفضّل الموت في السجن على الانبطاح للظلم”، في تعبير قوي عن رفضه القاطع لما يعتبره استهدافاً شخصياً وعدالة منقوصة، ويطالب البلاغ بإلحاح شديد بإطلاق سراحه الفوري، انطلاقاً من قناعة راسخة لدى دفاعه بأنه تعرّض لحيف كبير خلال مختلف مراحل التقاضي، بدءاً من التحقيق وصولاً إلى الحكم الاستئنافي.
تموقع استراتيجي أخلاقيا وسياسيا
القرار بالطعن بالنقض لا يأتي فقط كتقنية دفاعية روتينية، بل يشكل، حسب البلاغ، تموقعاً استراتيجياً أخلاقياً وسياسياً في آن.
يرى محمد زيان يرى قبول الحكم والاستسلام لنتائجه يُعدّ بمثابة اعتراف ضمني بالجرم المنسوب إليه، وهو ما ظلّ، بحسب ما أورده البلاغ، ينفيه بشكل مطلق في كل مراحل التحقيق والمحاكمة، مؤكداً براءته من الأفعال المضمنة في الحكم.
ويُقرّ زيان، حسب ذات المصدر، بأن اللجوء إلى محكمة النقض قد يُعقّد وضعيته القانونية، إذ يُسقط عنه احتمال دمج العقوبتين ويمدد أمد اعتقاله، ما يعني أن قرار الطعن يتضمّن مغامرة قانونية قد لا تصبّ في صالحه من الناحية الزمنية، غير أنه، ورغم هذه التبعات، يختار أن يُواصل مساره النضالي القضائي، متمسكاً بما وصفه البلاغ بـ”نصرة الحقيقة” التي يعتبرها أسمى من الحرية ذاتها.
هذه المعركة القانونية التي يخوضها محمد زيان، ليست فقط دفاعاً عن شخصه بقدر ما هي – وفق فهم البلاغ – دفاع عن مبدأ، وسجال مفتوح حول استقلال القضاء، وضمانات المحاكمة العادلة، ومكانة الحقوقيين والمعارضين في الفضاء العام المغربي.
نقض يتجاوز الإطار التقني
الطعن بالنقض، بهذا المعنى، يتجاوز الإطار التقني ليدخل في صلب معركة سياسية وحقوقية تُسلّط الضوء على التوتر القائم بين بعض الفاعلين السياسيين السابقين والمؤسسات القضائية، كما يعيد إلى الواجهة النقاش حول مآل رموز المعارضة بعد مغادرتهم لمراكز القرار، وحدود حرية التعبير في السياق المغربي الراهن.
في انتظار أن تبُتّ محكمة النقض في الملف، يبقى محمد زيان، من موقعه خلف القضبان، مصراً على تحويل قضيته إلى منصة لمساءلة الواقع الحقوقي والسياسي، ولو كلّفه ذلك سنوات إضافية من السجن.