
أعلنت الحكومة المغربية، عبر الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، عن اعتماد تقنية الأقمار الاصطناعية من نوع “V7” لتوفير خدمات الإنترنت http://بروتوكول إنترنت. عالية السرعة في المناطق القروية التي تعاني من ضعف أو انعدام التغطية الأرضية، بسبب تحديات جغرافية وعوامل طبيعية تحول دون ربطها بالشبكات التقليدية.
في تصريحها خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، أوضحت الوزيرة أن هذه التقنية الفضائية تمثل جزءاً محورياً من المرحلة الأولى للمخطط الوطني لتوسيع خدمات الصبيب العالي والعالي جداً للإنترنت، ويأتي هذا التوجه في إطار سعي الدولة لتقليص الهوة الرقمية التي تعاني منها المناطق النائية، عبر تجاوز قيود البنية التحتية الأرضية التقليدية.
مشروع “ستارلينك” في خدمة المغرب القروي
تقنية “V7” التي يعتمدها مشروع “ستارلينك” أصبحت اليوم مرادفًا للثورة في ربط المناطق المعزولة بشبكة الأنترنت، بفضل اعتمادها على تغطية فضائية بدل البنى التحتية الأرضية، تُشكل هذه التكنولوجيا بديلاً فعالاً في البيئات التي يصعب أو يستحيل فيها مد الكابلات أو نصب الأبراج الأرضية، كما هو الحال في المرتفعات والمناطق الجبلية والمناطق النائية.
تقديم دعم مالي مباشر يصل إلى 2500 درهم لكل اشتراك لفائدة المواطنين
وبحسب الوزيرة، سيتم تقديم دعم مالي مباشر يصل إلى 2500 درهم لكل اشتراك لفائدة المواطنين الذين يرغبون في الولوج إلى هذه الخدمة في المناطق غير المغطاة، مع تحديد عدد المستفيدين في حدود 4000 شخص سنويًا، ما يعكس رغبة الحكومة في ضمان ولوج تدريجي وعادل إلى خدمات الأنترنت المتقدمة، حتى في المناطق الأقل حظًا من التنمية.
حصيلة المرحلة الأولى… وملامح المرحلة الثانية
في عرضها أمام البرلمان، كشفت الوزيرة عن تقدم هام في المرحلة الأولى من المخطط الوطني لتوسيع شبكة الأنترنت، حيث تم إيصال تغطية شبكات الجيل الثاني والثالث والرابع (2G، 3G، 4G) إلى أكثر من 10,660 منطقة من أصل 10,740، أي بنسبة إنجاز تبلغ حوالي 90%، هذا الإنجاز يؤسس لمرحلة ثانية أكثر طموحًا، حيث تستهدف هذه المرحلة الجديدة و التي تم إطلاقها مؤخرًا، أزيد من 1800 منطقة قروية إضافية، تعاني إما من ضعف تغطية أو انعدامها تمامًا، هذا وقد تم تحديد هذه المناطق بتنسيق بين الوزارة والسلطات المحلية والمنتخبين والبرلمانيين، في مقاربة تشاركية تعزز من فعالية الاستهداف الترابي خسب التصريح الحكومي ، ومن المرتقب أن تكتمل التغطية الشاملة بحلول سنة 2026.
“التجوال الوطني” لتعزيز الولوج الشامل
في إطار تسهيل الولوج إلى شبكات الاتصال، أعلنت الوزيرة عن توسيع خدمة “التجوال الوطني” لتشمل أكثر من 3700 منطقة، حيث تتيح هذه الخدمة للمواطنين الولوج إلى أي شبكة متوفرة بغض النظر عن الشركة المزودة الأصلية، ما يعزز من الاستفادة الفعلية من البنية التحتية المتوفرة ويقلص من حدة التفاوتات في جودة الخدمة.
فيما أكدت الوزيرة كذلك على جدية الوزارة في تتبع هذا الورش الاستراتيجي، مشيرة إلى أن مصالحها على تواصل دائم مع ممثلي الأمة، وأن فرقًا تقنية تُوفد ميدانيًا كلما تم التبليغ عن إشكال في التغطية أو الخدمات.
كلفة الخدمة ودعم الدولة
رغم التقدم التقني، تظل كلفة الاشتراك في خدمة “ستارلينك” مرتفعة نسبيًا مقارنة بالدخل القروي، فثمن الاشتراك الشهري يتراوح بين 440 و880 درهمًا، إلى جانب تكلفة اقتناء معدات الاستقبال التي تتراوح بدورها بين 2750 و5500 درهم، وهو ما دفع الدولة إلى “اعتماد منحة تشجيعية” لتخفيف العبء المالي، وتسهيل ولوج الفئات المستهدفة إلى هذه الخدمة.
تحليل وسياق
تعكس هذه المبادرة وعيًا حكوميًا متزايدًا بأهمية العدالة الرقمية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فالولوج إلى الأنترنت لم يعد ترفًا، بل أصبح حقًا أساسيًا يفتح آفاقًا في التعليم، الصحة، الخدمات الإدارية، والفرص الاقتصادية، و العالم اليوم يسير نحو تحول رقمي شامل، ومن شأن تهميش المناطق القروية أن يعمق الفوارق الاجتماعية والمجالية.
و في هذا السياق، يطرح الاعتماد على تقنية الأقمار الاصطناعية “قمر اصطناعي” خيارًا استراتيجيًا ناجعًا، لكنه يحتاج إلى مرافقة مستدامة من حيث التمويل، والدعم التقني، والتكوين المحلي، لضمان اندماج فعلي للسكان في الفضاء الرقمي.
رهان تغطية المغرب القروي بشبكة الأنترنت عبر الأقمار الاصطناعية ليس فقط مشروعًا تقنيًا، بل هو في جوهره رهان تنموي وإنساني، ونجاحه يتطلب التقاطع بين التكنولوجيا والإرادة السياسية والتخطيط الميداني العميق، إلى جانب إشراك فعلي للسكان في تبني هذا التحول والاندماج فيه، فهل تنجح الحكومة في إيصال الأنترنت إلى آخر دوار في المغرب؟ السنوات القادمة كفيلة بالإجابة.