عين السبع تحت رحمة “الطوبا”…بعدما تحملت قسوة “شنيولا” في كل المواسم
25/06/2025
0
بقلم: الاعلامي والروائي خالد أخازي
في جماعة ما من هذا الوطن الجميل، لا يحتاج المواطن إلى منتخب لينقذه وأطفاله على الأقل من الناموس والجردان، ربما هي صفقات غير مربحة…كل ما عليه فعله هو أن يراقب حركة الجرذان ليحدد مصير صوته الانتخابي…
فالجرذ هناك لا يتسكع خلسة، بل يسير واثق الخطى، يعرف أنه جزء من النسيج العمراني، إن لم يكن من “السكان الأصليين” قبل رسم تصميم التهيئة…
الضحى 1 “الطوبا” تتجول مع السكان
سكان عدة أحياء بعين السبع، الضحى 1 وديور الشباب وغيرها من الأحياء الجريحة انتخابيا لا يطالبون بالكثير: فقط بغطاء بالوعة، بقليل من “الحياء الإداري”، ببعض الحصى في يد مقاولة لم تفرّ قبل إتمام الأشغال… بالتحرك بسرعة لإنقاذهم من غزوة الجرذان السمينة وما تحمل من أمراض خطيرة وفوبيا بصرية…
أين المقاطعة؟
ربما… الصراع حول الكرسي… أغشاهم عن المسؤولية…
حتى العيش بلا جرذان صار ترفًا اجتماعيا….فسكان عين السبع يطيقون تأجيل فتح الممر البحري وحديقة الحيوانات… وحتى الناموس… لكن ” الطوبا” فهذا أمر لا يطاق.
الجرذان، قررت أن تملأ الفراغ. لا تُحبّ الفراغات، لا العمرانية ولا الإدارية. فأعلنت استقلالها الذاتي في الممرات المهملة، وفي “جردات” الإقامات، بل أحيانا حتى في “دروج” العمارات، وعقدت مجلسها الليلي تحت أنوار باهتة لا تصون أمنًا ولا تُرهب فأرًا. حتى إنها –وفق ما يتناقله السكان– تفكر في تأسيس جمعية للسلامة الطرقية، لأن السيارات بدأت تزعج تنقلها ليلاً.
“شنيولا” تنهش الأجساد وتقض مضجع السكان
لن نتحدث عن الطرقات في هذه الأحياء التي تتحول مع ورش مزاجي للتبليط المفتوح جدا للشهية…ولا عن ” شنيولا” رفيقة سكان عين السبع لكن الطفل الذي كان يذهب إلى المدرسة على قدميه، صار يحتاج إلى دليل سياحي ومهندس خرائط ليتفادى فريقا من الجرذان,
المكاتب التي يفترض أنها تراقب هذا الهجوم الجرذاني، يبدو أنها قررت منح نفسها عطلة مفتوحة. لا ضير، فالشارع يتدبر أمره، والناس تعودوا أن يصمتوا، ويستبدلوا خدمة الإدارة بخدمة “البريكولاج الجماعي”. حتى أن البعض اقترح إنشاء كومندز لمواجهة ” الطوبا”.
سكان الأحياء بلغوا من الحكمة درجة جعلتهم لا يتهمون أحدًا، لا يتحدثون عن تقصير، بل يكتفون بابتسامة مريرة حين تمر سيارة رباعية الدفع مسرعة تتفادى كل شيء، ما عدا الواقع..
منتخبون يظهرون فقط في المواسم وينبتون مع اللافتات والملصقات
المنتخبون، أولئك الذين لا تزال صورهم على الجدران تتحدى عوامل الزمن، يظهرون فقط في المواسم، كزهور موسمية تنبت مع اللافتات وتذبل مع أول قفلة ميزانية. أما العمل اليومي، فيبدو أنهم فوّضوه للمصابيح العمومية المعطلة والمجاري المسدودة، فقد تُضيء فجأة، أو تُفتح صدفة، وهذا إنجاز كافٍ.
أحياء عين السبع اليوم ليس بحاجة إلى تقارير، بل إلى شجاعة في الاعتراف: أن ما يسمى “تدبيرًا” لا يعدو أن يكون فنًا في تأجيل الكارثة…
يا سادة الجرذ تصعد إلى سطوح الدور، ترتع قرب عتبات الجماعة بل إنها تتجول في حدائق مقر العمالة، حيث يوجد عامل العمالة.
الجردان وحدها تؤمن ب”الاستمرارية”
يبدو أن الجرذان وحدها من تؤمن بـ”الاستمرارية”، فهي لا تغيب، لا تنتخب، لا تحتج، بل تشتغل بصمت، في حين ما زال الإنسان هنا ينتظر من يُغطّي له حفرة، أو “قادوس” بقي مفتوحا لتخرج منه الصراصير وتلتحق عبر “الطوبات” بزميلاتها في حفل تنغيص لا يتوقف عن السكان.