معذرة لأننا خلفنا الموعد معك، صديقتي ثريا الثناني وأنا، اتفقنا أن نعاودك ذات يوم من الأيام الأولى لأبريل الماضي، ولكن الأمور لم تتيسر بعد اتصال ثريا ببعض الرفاق لتسهيل اللقاء.
نعتذر لأننا لم نتصور أن الموت سيختطفك هكذا في غفلة منا..
اعتقدنا أننا خالدون فيها أبدا، وأنك ستظلين هناك ثابتة على العهد اليساري الديمقراطي النسائي، ولا عجلة في الزيارة على الإطلاق.
عذرا لم نستطع رؤية محياك الأخيرة، ولا ابتسامتك الخاترة، المتنكرة المستعصية
وداعا أيتها اليسارية الوفية.
شاركتك جزءا من مسارك النضالي اليساري الطويل، بعد عودتك ورفاقك من المنفى، بين1983″-1997 على ما أذكر، لتفترق السبل بنا بعد هذا التاريخ، بعدما التقينا ذات صيف هنا بمدينة تطوان، انت والرفيق مصطفى مسداد، في ذلك الصيف من 1996 أو 1997؟ عندما ضرب تطوان زلزال طبيعي، حتى لا يفهم شيء آخر لأن الزلازل توالت علينا فيما بعد.
في هذا المسار، كنت محل ثقة كبيرة من لدن رفاقك ورفيقاتك، في هذه المرحلة، تأسس القطاع النسائي لمنظمة العمل الديمقراطي، وجريدة 8 مارس (1983)، وكنت من بين أعمدتهما الراسخة، كنت قليلة الكلام، كثيرة العمل، ولا تتكلمين إلا قليلا بصوتك المميز القوي الهادئ المرفوق بضحكة خفيفة محبوكة، لا ترخي العنان لها أبدا، تخرج كتغريدة حمام، وبِرائِك المقروطة على ترنم أهل فاس الصُلّح. تفرحين وتغضبين في صمت، فقط قواسم وجهك تشي بأحاسيسك.
كل النسائيات ممن عرفنك عن قرب أو عن بعد، يشهدن على حضورك الدائم في أهم المحطات النسائية، وعلى هدوءك وقوة عزيمتك.
عانقت اليسارية الواقعية عندما كانت تجلب المتابعات والسجون، والنسائية عندما كانت مدعاة لفتاوى الحد. كنت وظللت مناضلة صامدة شامخة.
الفقيدة سامية عباد الاندلسي من مؤسسي ومؤسسات منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وقطاعه النسائي، وجريدة 8 مارس وجمعية اتحاد العمل النسائي الذي تقلدت مهمة أمينته إلى غاية 1997. وعندما اشتدت العاصفة على المنظمة وبلغت آثارها مؤسساتها المستقلة تنظيميا، غادرت سامية، ومجموعة من رفيقاتها، الاتحاد والجريدة، ورحلت بشكل أنيق يليق بمناضلة دمثة، إلى مسارها اليساري المعهود، كما فعلت اليوم وهي ترحل عنا وإلى الابد. فلترقد روحك بسلام رفيقتي سامية، وللرفيق مصطفى وبنتيهما الصبر العظيم.
حكيمة الناجي تطوان، 30 يونيه 2025.