الرئسيةمجتمع

فنجان القهوة بالمغرب باتت رفاهية مكلفة

لم يعد شرب القهوة في المغرب مجرّد عادة صباحية، بل صار رفاهية تُحسب على جيب المواطن، حيث شهدت أسعار القهوة ارتفاعًا جنونيًا بأربع موجات متتالية منذ بداية 2024.. تراوحت الزيادة الإجمالية فيها حوالي 150%، بينما الارتفاع العالمي لهذه المادة لم يتجاوز 30%، بحسب بيانات منظمة القهوة الدولية.

هكذا، يتحول فنجان القهوة الصباحي إلى رمز للعبء الاقتصادي الذي يتحمله المواطن المغربي دون أن يكون له أي دخل في التفسير أو القرار.

من البرازيل إلى المغرب: رحلة حبة البن بين المناخ والمضاربات

يتخد المهنيون في قطاع القهوة من تقلبات المناخ والإنتاجية في البرازيل وفيتنام مبررا للارتفاعات، لكن المعطيات الرسمية تؤكد أن هذه العوامل لا تفسر الفجوة المذهلة بين أسعار القهوة في المغرب وأسعارها في الأسواق العالمية.. فحبة البن، بعد أن تعبر المحيط الأطلسي، تدخل دوامة من المضاربات الداخلية، حيث كشف المكتب الوطني للجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم أن شركة واحدة تحتكر 99% من مبيعات وشراءات البن في المغرب،، هذه السيطرة المطلقة تحول السوق المحلية إلى حلبة صراع مالي، والمواطن هو المتفرج الذي يدفع الثمن.

مجلس المنافسة… غائب أم متواطئ؟

في هذا السياق، لم يتردد المكتب الوطني للجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم في تحميل مجلس المنافسة المسؤولية الكاملة عن هذه الفوضى، معتبرا صمته بمثابة “بطاقة مرور” للاحتكار، دون اي تدخل حقيقي لتحليل المنافسة أو ضبط الأسعار، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول فعالية آليات الرقابة الرسمية في المغرب.

القهوة كمرآة للاقتصاد المغربي

ما يحدث في سوق القهوة ليس مجرد أزمة حبات القهوة، بل صورة مصغرة للهشاشة الاقتصادية والسياسية التي يعيشها المواطن، فمع ارتفاع أسعار المواد الأساسية الأخرى مثل الخضر والفواكه المحروقات بل وحتى السردين، تصبح القدرة الشرائية للأسر المغربية تحت وطأة تضخم مزدوج: عالمي ومحلي.
فأرقام المندوبية السامية للتخطيط تشير إلى أن حوالي 38% من الأسر المغربية تكافح لتلبية احتياجاتها الأساسية، ما يجعل أي زيادة في أسعار السلع اليومية أمرًا فوريًا وحادًا في تأثيره على حياة المواطن.

الفنجان يغلي والمواطن يدفع الثمن

بين الفنجان والغليان، يقف المغربي أمام واقع مؤلم: الأسعار تتخطى كل الحدود المنطقية، والمضاربون يحققون أرباحًا قياسية على حساب جيوب المواطنين، دون حسيب و لا رقيب.

بالخوشيبات

الواقع يقول إن القهوة لم تعد مجرد مشروب، بل شهادة يومية على اختلالات اقتصادية تضرب العمود الفقري للحياة اليومية في المغرب.. ، فهل سيستيقظ المسؤولون يومًا ليفهموا أن المواطن لا يحتاج فقط للقهوة، بل إلى حماية اقتصاده وقدرته الشرائية قبل أن يكتشف أن الفنجان أصبح أغلى من راتبه الشهري؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى