الرئسيةرأي/ كرونيك

أخنوش لا يناقش كرئيس حكومة ويعامل كرجل أعمال

بقلم الصحافية هدى سحلي

عزيز أخنوش لا يُناقش كرئيس حكومة بقدر ما يُعامل كرجل أعمال كبير في السلطة، لذلك ينحصر الجدل حوله في غلاء الأسعار وتضارب المصالح، بينما تغيب الأسئلة الأعمق: الديمقراطية، الدستور، الحريات ومحاربة الفساد.

لم يخرج أخنوش في حواره الأخير عن قاموسه المعتاد

في حواره الأخير، لم يخرج رئيس الحكومة عن قاموسه المعتاد: الاستثمار، الجودة، الفعالية، دون أن يقترب من القضايا الجوهرية، وكنتُ قد حصرتها في تعليق سابق، في غلاء الأسعار؛ البطالة والثقة في المؤسسات، فيما سجل الصحافي توفيق بوعشرين في برنامجه “كلام في السياسة ” بشكل أوضح قضايا سياسية وحقوقية حين قال: “على مدار ساعة وسبع عشرة دقيقة، لم يذكر ولا مرة كلمة الديمقراطية، ولا دستور، ولا حقوق الإنسان، ولا حرية التعبير، ولا محاربة الفساد، ولا إشكالية التطبيع مع إسرـائيل”.

وهي قضايا لاطالما كانت متواجدة وحاضرة بقوة في الخطابات السياسية للزعماء ومختلف الفاعلين السياسيين والحقوقيين، ماعدا عزيز أخنوش: رئيس الحكومة.

وبالاستتباع نجد أن النقاش العمومي حول أخنوش، سواء في الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، يظل محصوراً في بعدين أساسيين: تضارب المصالح بحكم موقعه كرجل أعمال يرأس الحكومة، وفشل السياسات العمومية في تحقيق وعود انتخابية ملموسة. أما الأسئلة السياسية الجوهرية، السياسية والحقوقية التي تُعرِّف مسؤوليات رئيس الحكومة على الأقل كما حددها دستور 2011، فلا تجد لها مكانا في هذا الجدل.

أخنوش “تكنوقراطي كبير” ورجل أعمال يستفيد من السلطة

هذا الاختزال ليس بريئا، إذ يعكس صورة أخنوش نفسه في المشهد: ليس كزعيم سياسي يقود حزباً، بل “تكنوقراطي كبير” ورجل أعمال يستفيد من السلطة، يُنتقد لتواجده الدائم في منطقة التماس والالتباس بين المصالح الشخصية والمصلحة العامة، ويُحاسَب على مؤشرات التدبير أكثر مما يُساءل حول مواقفه من الديمقراطية أو الحريات.

ليس أخنوش وحده، حتى حزبه التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة، يغيب من هذا النقاش، فلا يُطرح السؤال حول انسجامه أو برنامجه أو موقعه في معادلة الانتقال الديمقراطي.

على النقيض من ذلك، عندما كان عبد الإله بنكيران أو حتى سعد الدين العثماني على رأس الحكومة، كان النقاش السياسي مختلفاً، ورغم كل الانتقادات الإيديولوجية والسياسية التي وُجّهت لهما، إلا أن الجدل كان يتناول جوهر العمل السياسي والحكومي: العلاقة بالديمقراطية، حدود الحريات الفردية والجماعية، الخيارات السياسية والاقتصادية الكبرى، بل وحتى موقع الحزب في الدفاع عن الإصلاحات، أي أن النقاش كان يتمحور حول وظيفة رئاسة الحكومة ووظيفة الحزب السياسي باعتبارهما جزءاً من دينامية سياسية ومؤسساتية، وحول قضايا وأسئلة كبرى تمنح السياسة معناها: الديمقراطية، فصل السلط، الحريات ومحاربة الفساد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى