الرئسيةثقافة وفنون

رحيل أسطورة هوليوود روبرت ريدفور

غيب الموت الممثل والمخرج الأميركي العالمي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عاماً، ليطوي برحيله صفحة مشرقة من تاريخ هوليوود وأيقونة شكلت جزءاً أساسياً من ذاكرة السينما العالمية.

الممثل والمخرج الأميركي العالمي روبرت ريدفورد

وُلد ريدفورد عام 1936 في مدينة سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا، لم يكن مجرد نجم شباك أو ممثل وسيم استحوذ على قلوب الجماهير، بل كان مدرسة قائمة بذاتها، جمع بين التمثيل والإخراج والإنتاج، وساهم في تشكيل ذائقة فنية استثنائية امتدت لعقود.

بداية مسيرة استثنائية

انطلقت رحلة ريدفورد الفنية من المسرح قبل أن يقتحم عالم التلفزيون في خمسينيات القرن الماضي، غير أن الانطلاقة الحقيقية جاءت في أواخر الستينيات، حين أدى دوراً بارزاً في فيلم Butch Cassidy and the Sundance Kid عام 1969 إلى جانب النجم بول نيومان، حيث جسّد شخصية السارق النبيل “ساندانس كيد” التي خلدته في ذاكرة المشاهدين، هذا الفيلم لم يضع اسمه فقط بين كبار هوليوود، بل رسخ صورة “الثنائي الذهبي” مع نيومان، الذي أعاد معه النجاح في فيلم The Sting عام 1973، الحائز على سبع جوائز أوسكار.

أيقونة رومانسية وإنسانية

ظل ريدفورد طوال السبعينيات والثمانينيات رمزاً للسينما الرومانسية والدرامية، مقدماً أدواراً تنوعت بين الكلاسيكية والجريئة، وكان من أبرز محطاته فيلم Out of Africa (1985) الذي شاركته بطولته ميريل ستريب، والذي حصد سبع جوائز أوسكار بينها جائزة أفضل فيلم، و جسّد ريدفورد في هذا العمل، شخصية الطيار المغامر التي عكست حضوره الطاغي وقدرته على تجسيد الشخصيات العميقة بصدق ودفء إنساني نادر.

من أمام الكاميرا إلى خلفها

لم يكتفِ ريدفورد بالوقوف أمام الكاميرا، بل انتقل بخطوات واثقة إلى الإخراج، حيث قدم عام 1980 فيلم Ordinary People الذي حصد أربع جوائز أوسكار بينها جائزة أفضل مخرج، حيث أكد بهذا العمل أنه ليس مجرد ممثل بارع، بل فنان متكامل يمتلك رؤية إخراجية إنسانية عميقة تضع العلاقات الإنسانية في صميم الحكاية السينمائية، كما ظل وفياً لهذا المسار، فأخرج وأنتج أفلاماً ذات طابع اجتماعي وسياسي، جعلت منه صوتاً فنياً مؤثراً في قضايا الحرية والعدالة.

مؤسس “صندانس”.. دعم المواهب الشابة

يُحسب لريدفورد أيضاً تأسيسه لمهرجان ومعهد “صندانس” عام 1981، الذي تحول لاحقاً إلى أحد أهم المنصات العالمية لاكتشاف المواهب الشابة ودعم السينما المستقلة، فقد آمن بأن السينما ليست حكراً على الاستوديوهات الكبرى، بل فضاء مفتوح للإبداع والتجريب، وهو ما جعله مرجعاً للأجيال الجديدة من المخرجين والكتاب الذين وجدوا في “صندانس” متنفساً حقيقياً لبناء مسيرتهم.

إرث خالد يتجاوز الأوسكار

خلال مسيرته التي امتدت لأكثر من ستة عقود، حصل ريدفورد على العديد من الجوائز، من بينها الأوسكار الفخري عام 2002 تكريماً لإسهاماته في السينما العالمية، كما نال جائزة “الأسد الذهبي” من مهرجان البندقية عام 2012 عن مجمل أعماله، إلى جانب تكريمات عديدة من مؤسسات سينمائية وثقافية حول العالم، إلا أن إرثه الحقيقي لا يختزل في الجوائز، بل في قدرته على إلهام أجيال من الممثلين والمخرجين الذين ساروا على خطاه، مستلهمين إيمانه بالسينما كأداة للتغيير والتأمل.

وداع نجم لن يغيب

برحيل روبرت ريدفورد، تفقد السينما العالمية أحد أبرز رموزها وأكثرهم تأثيراً، لكنه يترك وراءه أعمالاً خالدة ستظل تُعرض على الشاشات وتُدرّس في معاهد السينما لعقود قادمة. من Butch Cassidy and the Sundance Kid إلى Out of Africa، ومن إخراجه لـOrdinary People إلى تأسيسه “صندانس”، سيبقى ريدفورد علامة مضيئة في سجل الفن السابع، وصوتاً إنسانياً لم يتوقف عن الدفاع عن جماليات الحياة والحرية والإبداع.

اقرأ أيضا…

“أرواحنا في الليل”: حين تأتي الرفقة متأخرة..لكنها تأتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى