الرئسيةسياسة

الشارع وحده لا يصنع التغيير: هل يحقق جيل زد ما فشلت فيه 20 فبراير

يكذب عليكم الكاذب من يقول إن الاحتجاج في الشارع وحده كفيل بتحقيق التغيير الحقيقي.
نعم، الاحتجاج علامة صحة في جسد المجتمع، ودليل على وعي المواطنين من كل الأجيال بقضاياهم وأولوياتهم، وبرهان على أنهم لم يفقدوا الإحساس بالمسؤولية تجاه وطنهم.

نعم الاحتجاج ينعش السياسة

الاحتجاج ينعش السياسة، يوسّع مجالها، ويحرر الفضاء العمومي من الركود والصمت، إنه رسالة قوية إلى من يدبرون الشأن العام بأن الشعب حي، وأن صمته ليس رضى، وأن صوته يمكن أن يرتفع في أي لحظة ليقول: “الشعب يريد”.

لكن، شعار “الشعب يريد” وحده لا يكفي

لأن الإرادة لا تُترجم إلى فعل إلا عبر القنوات الديمقراطية، التي وجدت لتمنح المواطنين سلطة التغيير بشكل منظم وفعّال.

في هذا السياق، تبرز الانتخابات المقبلة كرهان سياسي وكأفق استراتيجي عملي على المدى القصير للضغط على صناع القرار، تغييرهم وتغيير أجنداتهم، فبينما يعبّر الشارع عن الغضب والاحتجاج، يتيح الصوت الحر في صندوق الاقتراع توجيه هذا الغضب نحو تغيير واقعي وسريع في السياسات، عبر اختيار ممثلين ملتزمين بتنفيذ الإصلاحات ومساءلة المسؤولين.

الاحتجاج يجعل صوت المواطن جزءا من صناعة القرار

الاحتجاج يفتح الأبواب ويذكر القائمين على الشأن العام بحيوية المجتمع، لكن الاقتراع هو الأداة التي تحول هذا التذكير إلى تأثير ملموس داخل المؤسسات، ويجعل صوت المواطن جزءا من صناعة القرار.

من يظن أن التغيير يُنتزع بالصراخ وحده، ينسى أن الديمقراطية ليست ثورة دائمة، بل حوار مستمر بين الشارع والمؤسسات، بين الغضب المشروع والقانون المنظّم.

المواطن الواعي لا يكتفي بالهتاف، بل يترجمه إلى فعل ديمقراطي يضغط على صناع القرار لتحقيق التغيير العاجل، ويضمن أن لا يظل الغضب مشروعاً بلا نتائج ملموسة.

الاحتجاج بداية الوعي والاقتراع تحويلة إلى أداة ضغط استراتيجية

الاحتجاج هو بداية الوعي، أما الاقتراع فهو تكريس هذا الوعي وتحويله إلى أداة ضغط استراتيجية قادرة على تحقيق النتائج الفعلية في المدى القصير.

كل خطوة واعية نحو المشاركة السياسية هي حجر أساس لبناء وطن قوي، حيث يكون الشعب فاعلا لا مجرد متفرج، ويصبح الحلم بالتغيير حقيقة ملموسة، لا مجرد أمنية يرددها المحتجون بين الهتاف والتظاهر.

ستقولون إن الانتخابات لعبة متحكم في قواعد لعبها ونتائجها. نعم، هي كذلك، بل قد تتحول إلى آلية لاستمرار الاستبداد والفساد وتعطيل الديمقراطية، لكن ذلك يحدث مادام ينقصها اللاعب الأهم: المواطن.

المواطن ليس مجرد صوت يسجل في الصندوق، بل ضاغط فعلي يراقب ويحاسب، يسائل البرامج الانتخابية الحزبية، يناقش المرشحين، يطرح أولوياته ويدافع عنها، ويحوّل الغضب والاحتجاج إلى ضغط مؤثر داخل المؤسسات.

الانتخابات مجرد شعارات وصور على الملصقات مادام المواطن خارج حسابات التغيير

مادام المواطن خارج حسابات التغيير، ستظل الانتخابات مجرد شعارات وصور على الملصقات، وسيبقى الشارع وحده يرفع الصوت بلا أفق واضح لتحقيق النتائج المرجوة. أما عندما يصبح المواطن محور العملية الديمقراطية، عندها يتحول الصندوق الانتخابي إلى أداة ضغط استراتيجية على المدى القصير، تُحوّل الاحتجاج إلى فعل ديمقراطي ملموس، وتفتح المجال لتحقيق إصلاحات سريعة وملموسة.

عندما يدخل المواطن والمحتجون كلاعبين فعليين في المعادلة السياسية، تتغير الحسابات وتنهار أركان اللعبة الفاسدة. حضورهم ليس حضورا شرفيا أو رمزيا هو ضغط مستمر يفرض شفافية في البرامج، يسائل المرشحين، ويعري الممارسات التي كانت تمارس في الظل.
المواطن الذي يناقش، يراقب، ويصوّت بوعي يصبح عامل تعطيل لآليات الارتشاء والزبونية، ويقلص فضاءات المناورات الانتخابية التي تفسد سلامة العملية.

بمشاركة فعالة ومنظمة، يتحول الاحتجاج من صرخة احتجاجية إلى رافعة ضغط يومية تجبر الأحزاب والمرشحين على إعادة حساب أولوياتهم أو خسارة شرعية تمثيلية.

لا يكفي أن يكون المواطن صوتا داخل الصندوق بل يجب أن يكون لاعبا خارج الصندوق

بهذا المعنى، لا يكفي أن يكون المواطن صوتا داخل الصندوق، بل يجب أن يكون لاعبا خارج الصندوق ضاغطا ومستمرا ليُحدث أثرا فوريا على مسارات الترشح، التمويل، وبرامج العمل، وليقطع مع المناخات التي تزدهر فيها الفساد والمحسوبية.

وفي خضم هذا ولهذه الغاية، أجد من الضروري المطالبة بحق التصويت عبر البطاقة الوطنية ، واحتساب كل المواطنين والمواطنات البالغين 18 عشرة وليس الاكتفاء بالمسجلين في اللوائح الانتخابية. إن حقا كانت هناك إرادة فعلية لمحاصرة الفساد، فهذا إجراء بسيط لتحقيق ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى