رأي/ كرونيك

في اليوم العالمي للتوحد تحية حب وتقدير لكل الآباء والأمهات الذي رزقوا اطفالا متوحدين

عثمان العشقي

كلما قرأت وسمعت كلاما عن هذا المرض، أتذكر حادثة وقعت لي قبل سنوات، كنت في فناء مسجد الحسن الثاني حاملا بين ذراعي رضا ابن أختي، الذي كان ما يزال صغيرا آنذاك، فجأة رأيت طفلا يتجه نحوي جاريا، ويدفعني بكل ما أوتي من قوة دفعة أفقدتني توازني، وجعلت رضا يخرج من بين ذراعي قبل أن أتدارك الأمر وأنقذه قبل أن يصل الأرض، وأشرع في سب وشتم الطفل، دون أن يطفئ ذلك غضبي.

 وأقرر التوجه إليه كثور هائج لأوبخه: واش ما تشوفش أ لبشار، في تلك اللحظة تقدم رجل خمسيني بسرعة نحوي وضمني إليه بقوة والدموع في عينيه قائلا: سمح ليا بزاف هاداك را ولدي أوتيست سمح ليه بزاف، كلماته التي لا زالت ترن في أذني لحد الآن جعلتني أبكي وأحتقر نفسي بسبب ردة فعلي الرعناء،وأعانق الرجل طالبا منه أن يسامحني أمام نظرات الطفل البريئة والتي تدل على أنه غير مدرك لخطورة ما فعله.

بعدها سيجرني الرجل جانبا ويشرح لي ماذا يعني أن يكون لك طفل يعاني من هذا المرض، والمعاناة التي يجدها في تربيته وضبط سلوكاته التي تكون أحيانا عدوانية اتجاه نفسه وإخوته ومحيطه،وكيف يرهقه ذلك ماديا ومعنويا، في ظل غياب شبه تام للدولة في هذا المجال، ورغم ذلك حمد الله أن وجد بعض العون والسند من مؤسسة فرنسية اكتشفت في الطفل موهبة الرسم،وقبل أن نفترق وجه لي الأب دعوة لحضور معرض للوحات إبنه وبعض أصدقائه، جددت له الاعتذار وتوادعنا.
تلبية لدعوته، ذهبت للعرض ووجدت الأب وآباء أصدقائه وأمهاتهم فرحين بلوحات أبنائهم الجميلة، والتي يجدون فيها كثيرا من السلوى لمعاناتهم،وطاقة متجددة يكملون بها مشوارهم الشاق.
تحية حب وتقدير لكل الآباء والأمهات الذي رزقوا بأطفال متوحدين،وكان الله في عونهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى