الرئسيةصحةمجتمع

إفراغ المستشفى الجهوي بأكادير من الاطر يثير القلق

تعيش المنظومة الصحية بجهة سوس ماسة على وقع توتر غير مسبوق، عقب شروع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في تنزيل قرارات بنقل عدد من الأطر الصحية من المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير نحو المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وسط الرأي العام المحلي والمهنيين الصحيين، وُصفت بأنها “إفراغ ممنهج” لمؤسسة استشفائية ظلت لعقود القلب النابض للعلاج العمومي بالجهة.

نقل الأطر… حل إداري أم تعميق للأزمة؟

وفق معطيات متطابقة، فقد تم تنفيذ عمليات الانتقال دون إعداد مسبق ولا مراعاة لوضعية المستشفى الجهوي الذي يعاني أصلاً خصاصاً حاداً في الموارد البشرية، وهو ما تسبب في ارتباك الخدمات الصحية وارتفاع منسوب القلق وسط المرضى وذويهم، في ظل تراجع الطاقة الاستيعابية للمصالح الحيوية.

ويرى مهنيون أن دعم المركز الاستشفائي الجامعي، على أهميته الاستراتيجية، لا يجب أن يتم على حساب مؤسسة قائمة تؤمّن خدمات يومية لمئات المرضى، معتبرين أن ما يجري “نقل للأزمة من مكان إلى آخر”، بدل خلق عرض استشفائي متكامل ومتوازن.

“تفريغ غير مسؤول” لمستشفى جهوي يخدم أقاليم بأكملها

أطر صحية طالبت بتحفظ أسمائها، اعتبرت أن القرارات المتخذة تفوق منطق التدبير إلى منطق التفكيك الصامت، مذكرين بأن المستشفى الجهوي الحسن الثاني يخدم سكان أكادير الكبير وأقاليم اشتوكة آيت باها وتارودانت وتزنيت، وأن أي مساس بتوازنه البشري ينعكس مباشرة على جودة العلاج ومدة الانتظار وخطر الأخطاء الطبية.

وتطرح الأسئلة اليوم بإلحاح:

من سيعوّض هذه الأطر؟

وأين هي الخطة الانتقالية؟

وأين هو دفتر التحملات الذي يضمن عدم الانهيار الوظيفي للمستشفى الجهوي؟

احتجاجات متوقعة وغياب التواصل المؤسساتي

بدأت ملامح الاحتقان تظهر داخل أروقة المؤسسة، وسط تخوفات من دخول الأطر في أشكال احتجاجية، بسبب غياب أي تواصل رسمي يوضح أهداف النقل وحدوده الزمنية وضماناته المهنية.

ويعتبر متابعون أن الوزارة أضاعت فرصة شرح رؤيتها للرأي العام، فبدل خطاب الطمأنة، تم اعتماد الصمت، وهو ما وسّع دائرة الشكوك والتأويلات، وجعل المواطن البسيط يدفع ثمن ارتباك لا دخل له فيه.

الصحة ليست ملفاً تقنياً… بل حق دستوري

يرى حقوقيون أن الوضع الحالي يمس بشكل مباشر الحق الدستوري في العلاج، وأن الدولة مطالبة بأن تتعامل مع الصحة باعتبارها خدمة عمومية أساسية لا تقبل التجريب ولا التوازنات البيروقراطية الهشة.

كما نبهوا إلى أن تنزيل مشروع إعادة هيكلة المستشفيات يجب أن يتم بأسلوب تدريجي، يراعي أولوية الأمن الصحي، وليس عبر تفريغ المستشفيات الجهوية بشكل مفاجئ لصالح بنيات لم تدخل بعد مرحلة الاستقرار الكامل.

إلى أين تسير المنظومة الصحية بجهة سوس ماسة؟

مع استمرار الوضع الحالي، تظل الأسئلة مفتوحة:

هل نحن بصدد إصلاح صحي حقيقي؟

أم مجرد إعادة توزيع عشوائي للأعطاب؟

وهل تملك الوزارة خارطة طريق لإنقاذ المستشفى الجهوي من النزيف البشري؟

إن ما يحدث اليوم داخل المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير ليس شأناً إدارياً داخلياً، بل قضية رأي عام تمس حياة آلاف المواطنين. فأي إصلاح صحي لا يحمي المؤسسات القائمة ولا يصون كرامة مهنييها، يظل إصلاحاً معطوباً، حتى وإن رُفعت له أكبر الشعارات.

الكرة اليوم في ملعب وزارة الصحة، فإما تصحيح المسار بإجراءات استعجالية لإنقاذ المستشفى الجهوي من التفكك، أو تركه ينهار بصمت… وسط طوابير المرضى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى