كتاب جديد للباحث سعيد ناشيد… “الخدائع والذرائع في خطاب الإسلام السياسي”
صدر أخيرا، عن الفرع التونسي لمؤسسة مؤمنون بلا حدود، كتابا جديدا للباحث سعيد ناشيد٬ عنوانه “الخداع والذرائع في خطاب الإسلام السياسي”. يقول “ناشيد” في تقديمه للكتاب
ومما أقوله في مقدمته:
اللباس الشرعي، النقاب الشرعي، الحجاب الشرعي، الزي الشرعي، المايوه الشرعي، العلاقة الشرعية، الرقية الشرعية، السياحة الشرعية، السياسة الشرعية، الزواج الشرعي، النكاح الشرعي، الخلوة الشرعية، المدارس الشرعية، البنوك الشرعية، الرقص الشرعي… أفلا يتعلق الأمر بالخداع الشرعي؟!قد يُعترض عليّ بوجود مجالات تُنعت بالشرعية بلا خلاف، كالطب الشرعي مثلاً. غير أنّ الأمر هنا ليس سوى شكلٍ من أشكال التمويه النفسي لكي نمنح أنفسنا حقّ «انتهاك حرمات الموتى» ضمن لاشعور جمعي لا يستسيغ المسألة.
لذلك حين أستعمل مصطلح الخداع، فليس القصد إصدار حكم قيمة أخلاقي على تيار بعينه؛ إذ يتعلق الأمر بآليات خداع تشبه أقنعة تمويه الرقابة أثناء الحلم وفق التحليل النفسي. مثلاً، يرغب الابن في المشاجرة مع والده، غير أنّ الوالد لا يأتي في الحلم إلّا في صورة ثور على سبيل المثال، حتى لا تصطدم الرغبة الأصلية بالرقابة الذاتية على الرغبات المكبوتة. مثال آخر، يرغب المراهق في ممارسة جنس المحارم مع امرأة لا تأتيه في الحلم إلا في صورة باهتة وغير واضحة، وذلك لكي تأذن لها الرقابة الذاتية على الأحلام بالمرور، وفي النهاية، لأجل تفادي صدمة الضمير. إنّ ما يحدث في مستوى رغبات الفرد «المحظورة» هو نفسه الذي يحدث في مستوى الرغبات الجماعية للمجتمع أو الحضارة، حيث بوسع آليات اللاشعور الجمعي التحايل على الرقابة الدينية للذات، وهي الرقابة التي يسميها الفقهاء الوازع الديني، فتلجأ آليات اللاشعور الجمعي إلى استعمال أقنعة تخفي الرغبات «المحظورة» وتموه الرقابة الدينية؛ أي أنّها تحتال على الوازع الديني في الأخير.
إنّ الحاجة اللاشعورية إلى التمويه لهي المعطى الذي تستثمره بعض آليات التسويق التجاري على طريقة «السندويتش الحلال»، و«المايوه الشرعي»، و«الطب النبوي»، و«التدليك وفق الضوابط الشرعية»… إلخ. وفي كلّ الأحوال، تكفي ضمانة «حلال» حتى تغيب كلّ الأسئلة حول الضمانات الصحية أو البيئية للمنتوج أو لشروط الانتاج. إنّ القابلية للتمويه لهي أيضاً المعطى الذي تستعمله آليات الدعاية السياسية على طريقة «الحزب الإسلامي»، و«الدولة الإسلامية»، و«الجماعة الإسلامية»، و«الثورة الإسلامية»… إلخ، حيث تغيب أهم الأسئلة حول البرامج والسياسات…