الدارالبيضاء..عاصمة المال والأعمال و”الخردة “وبلاغات ” أفاد مصدر “
بعد الرجة الإعلامية والفايسبوكية، التي صاحبت وصول الدفعة الأولى من الحافلات المستعملة من بعض دول أوروبا قصد وضعها رهن إشارة ساكنة البيضاء ونواحيها لسد الخصاص الحاصل في قطاع النقل الحضري، الذي يعاني أوضاعا كارثية بكل المقاييس، حيث اعتبرت بعض المقالات والتدوينات من المتتبعين للشأن المحلي، أن الدارالبيضاء لا تستحق حافلات مستعملة بل حافلات من الجيل الجديد كما وعدهم المسؤولون… ردا على هذه الرجة تم تعميم رد أو بلاغ أو تصحيح (إذ في الحقيقة يصعب تصنيف مضمون ما تم تعميمه )، بصيغة صحافية، منسوب للمديرية العامة للجماعات المحلية، ابتدأ بعبارة ” أفاد مصدر مسؤول بالمديرية العامة للجماعات المحلية التابعة لوزارة الداخلية …”، مضمون الرد لم يأت بأي جديد لأن المعلومات المتضمنة فيه يعرفها كل المتتبعين للشأن المحلي البيضاوي يتحدث عن مضمون العقد بين مؤسسة التعاون بين الجماعات وشركة ألزا، والذي يحدد مراحل تدبير القطاع ويسمح من خلاله للشركة باقتناء 400 حافلة مستعملة من مدن إيطالية وألمانية وإسبانية لتدبير المرحلة الانتقالية، في أفق شراء حافلات جديدة من لدن المؤسسة ستكون متوفرة في سنة 2021
من جهة كان من اللازم التواصل ببلاغ واضح ليتحمل الجميع مسؤوليته ومن جهة كان من المفروض أن يتم إصدار بلاغ من لدن مؤسسة التعاون صاحبة الصفقة التي في الغالب لا تتحدث رئيستها بل يتحدث نيابة عنها في جميع اللقاءات عمدة مدينة الدارالبيضاء وهذا أمر يدعو للاستغراب وهنا أيضا تتداخل المسؤوليات
. من جهة أخرى وهذا هو الأهم، الدار البيضاء رسمت آفاقها الدولة وأرادتها أن تكون عاصمة للمال والأعمال، تضاهي كبريات العواصم العالمية، كما جاء في خطاب الملك أمام البرلمان في أكتوبر 2013، فهل بهكذا تدبير ممكن أن تصل للمكانة التي نريد أن تتبوأها ؟ لتصل إلى تلك المرتبة عليها أن ترتكن في موقع متقدم في التقارير الدولية المحددة لمؤشرات العيش المعتمدة لكسب عنوان في المستوى يجعلها تنافس كبريات المدن، فهل بواسطة 400 حافلة من ” الخردة ” ستسجل أي ترقية في هذه التقارير ؟ المشكل الذي تعانيه العاصمة الاقتصادية، كما جاء في ذات الخطاب، هو مشكل الحكامة، وهو المشكل الذي مازال عنوانا لهذه المدينة، إذ كيف للمسؤولين عن الشأن المحلي أن يتركوا تدبير مثل هذه الصفقات ذات الحساسية الكبرى للدقائق الأخيرة من انتهاء العقدة مع الشركة السابقة، غير المأسوف على رحيلها، ألا يعد النقل والنظافة في كل العواصم الكبرى هاجس أي مسؤول بلغ كرسي العمودية؟.
لقد مرت أكثر من ثلاث سنوات من عمر هذا المجلس الذي يعلم جيدا كل تفاصيل مشاكل هذا القطاع، ومع ذلك يفكر في حل يناسب البيضاويين، وسكان المناطق المجاورة ويتماشى مع طموح الدولة الكبير، ليهتدي في الأخير إلى الترقيع واللجوء إلى عربات لن تستعمل في المدن التي لجأت إليها الشركة احتراما لساكنتها، واحتراما للقوانين والمؤشرات الدولية المصنفة لجودة المدن .
عندما تعاقدت المدينة في الولاية السابقة مع شركة ” مدينة بيس “، قال المسؤولون إن هذه الشركة ستستقدم مئات الحافلات من ” خردة ” باريس، وذلك بشكل مؤقت، لسد النقص الحاصل في عدد الحافلات التي تجوب المدينة ونواحيها، وبأنها ستأتينا في ما بعد بحافلات جديدة صديقة للبيئة، وغيرها من العناوين الفضفاضة الغليظة، لنكتشف بعد مرور قرابة 15 سنة أن ذلك المؤقت أضحى هو القاعدة ولسنا في حاجة لأن نقوم بوصف حالة هذه الحافلات اليوم، فالجميع على اطلاع بوضعيتها،
لكن الأخطر اليوم، أن نجد اعترافا من المديرية العامة للجماعات المحلية، تقول فيه (وبحسب المصدر المسؤول الذي أفادنا ): ” سيتم توفير خدمة النقل الحضري بواسطة حافلات مسترجعة من الأسطول المستغل في إطار العقد السابق، وذلك إلى غاية نهاية 2019 “.
بمعنى أن شركة ألزا البيضاء لم تستورد فقط حافلات مستعملة من الخارج، بل ستستعمل حتى ” القصدير ” المتبقي من شركة ” مدينة بيس، أي أنها ستستغل حتى حافلات استعملت لأزيد من 26 سنة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن ” مدينة بيس ” اقتنتها بعد سبع سنوات من تنقلها عبر شوارع باريس.
. أعتقد أن الوزارة الوصية هي المنفذ الرئيسي للتوجهات الكبرى للبلاد، لذلك ما كان عليها أن تصدر أي شيء بدلا عن الآخرين، أي المسؤولين المباشرين على القطاع.