رأي/ كرونيكميديا وإعلام

في ملف معتقلي الريف… إنكار التعذيب بين الماضي والحاضر

عزيز إدامين خبير حقوقي مقيم في باريس

سيبقى ملف ادعاءات التعذيب بخصوص معتقلي الريف مفتوحا، مادامت الحقيقة لم تنكشف تماما، ومادام المجلس الوطني لحقوق الانسان لم يكشف بشكل رسمي عن تقريره السابق والذي تسربت منه الخبرة الطبية التي أكدت على جدية ومصداقية ادعاءات التعذيب، ولم يتم بعد الافراج أيضا على تقرير النهائي للتقصي بعد الزيارات التي قام بها لعدد من المعتقلين الذين تعرضوا ل”عقوبات تأديبية”، وبين هذا وداك لم يتوصل أي معتقل أجريت عليه الخبرة الطبية بنسخة من الخبرة باعتبارها حق أصيل له وجزء من معطياته الشخصية التي يحق له التوصل بها والاحتفاظ بها، وأخيرا فجريمة التعذيب لا تتقادم ولا يطالها النسيان.

دفعت إدعاءات التعذيب الجهات الرسمية إلى فتح نقاشا هامشيا في المغرب، حول تعريفه، رغم أنه واضح تماما وفق المعايير الدولية، وفي هذا السياق نستحضر قرارا صادر عن لجنة مناهضة التعذيب يخص مواطن مغربي تقدم إليها بتظلم في هذا الشأن ونقارنه بواقع اليوم، بهدف رصد مدى تقدم التعاطي الرسمي الإيجابي مع إدعاءات التعذيب، أم أننا لازلنا ندور في نفس الحلقة المفرغة من سنوات؟، ويتعلق الامر هنا بقرار رقم 477-2011 الصادر بتاريخ 14 يونيو 2014.

تقدم صاحب الشكاية إلى لجنة مناهضة التعذيب الأممية بكونه ” تعرض لجلسات تعذيب إلى غاية 23  ديسمبر 2010 بهدف انتزاع اعترافات منه؛ وأنه أُجبر بعد هذه المعاملة على التوقيع على ما قيل إنها اعترافات صيغت مسبقاً باللغة العربية، وهي لغة لا يجيدها؛ وأنه لم تبلَّغ أسرته، خلال تلك الفترة، بمكان وجوده ولم تعلم بذلك إلا عبر الصحافة في 27 دسمبر 2010؛ وأنه لم يتلقى مساعدة من محامٍ إلا في هذا التاريخ؛ وأنه، أثناء جلسة استجوابه في 24 ديسمبر 2010، لم يوثّق قاضي التحقيق الجروح التي أصيب بها صاحب البلاغ ولم يطلب إجراء فحص طبي؛ وأنه اشتكى، أثناء جلسة استجوابه الثانية أمام قاضي التحقيق في 18 ناير 2011، وكان يرافقه حينها محاميه، من المعاملة التي تعرض لها أثناء الحبس الاحتياطي لكن لم توثّق ادعاءاته ولم يطلب قاضي التحقيق إجراء فحص طبي” وقد حوكم عليه ابتدائيا ب 15 سنة بتهمة المشاركة في مجموعة إرهابية واقتناء أسلحة لهذه المجموعة واستئنافيا 12 سنة.

أولا: رد الحكومة المغربية بشأن هذا الادعاء

أجابت الحكومة المغربية في سلسلة حلقات حول هذه الادعاءات والتي ركزت أساسا على:

• “قُدم صاحب البلاغ أمام قاضي التحقيق المختص لدى محكمة الاستئناف في الرباط. ولا يذكر محضر هذه الجلسة أن صاحب البلاغ اشتكى من تعذيبه أو أنه طلب عرضه على طبيب لفحصه… وأثناء الجلسة الثانية التي مثل فيها أمام القاضي، يوم 18 يناير 2011، لم يشتك هو ولا محامية من التعذيب. كما أنهما لم يستأنفا على قرار القاضي. وفي مارس 2011، قُدِّم صاحب البلاغ أمام محكمة الاستئناف في الرباط. وفي مايو 2011، قدَّم شكوى بدعوى التعرض للتعذيب إلى وزارة العدل التي أحالتها إلى النيابة العامة للتحقيق فيها.”

• طلب محامي صاحب البلاغ إبطال تقرير الشرطة لأن أقوال صاحب البلاغ التي يتضمنها انتزعت منه جراء التعذيب، وقد رفضت المحكمة هذا الطلب، ومن بين أسباب الرفض أنه ” لا تزال الشكوى التي قدمها صاحب البلاغ إلى وزارة العدل في مايو 2011 قيد التحقيق. والانتهاء من هذا التحقيق يحتاج إلى وقت، سيما وأن صاحب الشكوى لم يكشف عن هوية الذين يدعي مشاركتهم في أعمال التعذيب. وقد أمرت المحكمة في الآونة الأخيرة بعرض صاحب البلاغ على طبيب لفحصه من أجل التأكد من ادعاءات تعرضه للتعذيب.”

• جاء في التقرير الطبي أنه صرح بأنه “تعرض بصورة متكررة للضرب ولجروح بأداة حادة وللطم والركل وهو مقيد الأيدي والأرجل ومعصوب العينين. وصرّح أيضاً أن عناصر الشرطة أدخلوا قنينة في شرجه. وذكر صاحب الشكاية أنه عانى، جراء أعمال التعذيب هذه، من آلام منتشرة في كل موضع من جسمه ومن بطنين في الأذنين وسيلان الدم من الأذن اليسرى والشرج وتعرض لفقدان الوعي عدة مرات، وهو ما استدعى إحضار طبيب قام بحقنه مرتين بفاصل يومين بينهما بحقنة وريدية بدواء لم يحدد على مستوى حفرة المرفق، ثم حقنة بمادة داخل العضل على مستوى الردف الأيسر. ويقول أيضاً إنه تعرض للحرق بالسجائر على مستوى الحافة الزندية للساعد الأيسر وهو ما خلف له جرحاً فقاعياً”. وكانت خلاصة التقرير الطبي كما يلي: “لم يلحظ الفحص السريري الذي أجري … يوم 08/12/2011 أي أثر لجرح قد تكون له صلة بأعمال التعذيب التي يدعي المذكور أعلاه أنه تعرض لها أثناء الحبس الاحتياطي”.

• أدانت محكمة الاستئناف بالرباط، الغرفة الجنائية الاستئنافية، صاحب البلاغ في حكمها الاستئنافي بالسجن 12 عاماً بتهمة انتهاك قانون مكافحة الإرهاب. ورأت المحكمة أن: “محكمة الدرجة الأولى فصلت بشكل سليم في جميع المطالب والدفوع؛ وتؤكد هذه المحكمة هذه الأحكام ما دامت تعتبرها ملبية لجميع المتطلبات القانونية، لا سيما فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ تعرضه للتعذيب، على اعتبار أن فحصاً طبياً قد أجري من قِبل ثلاثة أطباء أكدوا جميعاً أن صاحب البلاغ لم يتعرض لأي تعذيب من أي نوع كان. وعليه، فقد اقتنعت هذه المحكمة بتأييد الحكم الصادر على مستوى الاستئناف كما ورد في قرار محكمة الاستئناف” وترى المحكمة أن “قرار المحكمة الجنائية الابتدائية كان مبرراً، ولذلك أيدته وأقرت التعليلات التي استند إليها”. وفي تالأول  أكتوبر 2012، قدم صاحب البلاغ طعناً أمام محكمة النقض.

• وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بشأن المعاملة التي يقول إنه تعرض لها بعد مقابلته المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب، تشير الدولة الطرف إلى أن تحقيقات قد أجرتها المفتشية العامة لإدارة السجون في تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر 2012 جرى فيها الاستماع إلى جميع المسؤولين المعنيين. وتبيّن أن هذه الادعاءات ناجمة أساساً عن “الانزعاج الذي شعر به صاحب البلاغ بسبب مختلف الإجراءات المعتادة التي اتخذتها إدارة السجن”. فهذه الإجراءات، اتخذت وفقاً للقانون”.

د أما بخصوص الادعاءات المتعلقة بعدم تقديم العلاج الطبي تلاحظ الدولة الطرف في جملة أمور أخرى أن صاحب البلاغ خضع، “منذ وصوله إلى سجن سلاإلى 11 فحصاً طبياً

• دخل صاحب البلاغ، منذ بداية سجنه، في إضراب عن الطعام عدة مرات للتنديد بظروف احتجازه. وكانت آخر مرة أضرب فيها عن الطعام يوم 10 يونيو 2013. “وبعد تدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان وإجراء عدة مقابلات بين صاحب البلاغ ومسؤولي إدارة السجن، وكذلك عقد لقاءات وجهاً لوجه بين مختلف الأطراف، قرر صاحب البلاغ وقف إضرابه. وفي 3 غشت 2013، تلقى زيارة من المندوب العام لإدارة السجون الذي طمأنه أن جميع الإجراءات سوف تتخذ لتمكينه من الاستفادة من الفحوص الطبية المطلوبة على وجه الخصوص، وأن تعليمات سوف تصدر للتأكد من احترام حقوقه الأساسية بصفته محتجزاً. وفي 6 غشت، أُجري له فحص على يد طبيب متخصص في المسالك البولية وخضع لأول فحص شامل بالنظر إلى حالته الصحية العامة، وكان ذلك بحضور أعضاء من المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ولم يكشف هذا الفحص عن وجود أي خلل يمكن أن يشكل خطراً على صحته.”

استندت لجنة مناهضة التعذيب بشكل عام على تصريحات عائلة المعني بالامر ومحامييه، ولكني بشكل كبير ودقيق على تقارير الخبرة سواء الرسمية أو تقارير الخبرة المضادة التي أجريت على تقرير الخبرة.
اعتبرت لجنة مناهضة التعذيب ان :
1: “الحرمان من أي اتصال بالأسرة، وعدم إبلاغ الأسرة بمعلومات عن مكان الاحتجاز، والحرمان من استشارة طبيب، وكون صاحب البلاغ ربما أُكره على التوقيع على إفادات مكتوبة بلغة لا يجيدها، وعدم ورود معلومات من الدولة الطرف تفند هذه الادعاءات، ترى اللجنة أن الدولة الطرف أخلت بالتزاماتها بموجب الفقرة1 من المادة 2 والتزاماتها بموجب المادة 11 من الاتفاقية.”

2: “فيما يتعلق بالمادتين 12 و13 من الاتفاقية، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أن قاضي التحقيق لم يأمر بإجراء تحقيق ولا فحص طبي، ورفض توثيق الادعاءات بالتعرض للتعذيب التي قدمها صاحب البلاغ؛ وأن صاحب البلاغ وجّه، يوم 11  فبراير 2011، رسالة إلى وزارة العدل يطلب فيها إجراء فحص طبي على أيدي خبراء مستقلين، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض؛ وأنه قدّم، يوم 13 مايو 2011، شكوى تتعلق بالتعذيب إلى المدعي العام لدى محكمة الاستئناف، وهي الشكوى التي حُفظت دون اتخاذ إجراء ثم أعيد تفعيلها؛ وأن الاستجواب الذي أجرته الشرطة معه بخصوص شكواه لم يحدث إلا في كانون  ديسمبر 2011 ولم يفحص من قِبل طبيب شرعي إلا في

الثاني/يناير 2012؛ وأن مطالبه بأن يُعرض على أطبة ينتمون إلى مؤسسات محايدة لفحصه لم تُقبل؛ وأن طلبه الاطلاع على الصور التي أخذت له عند وصوله إلى السجن لم يُقبل أيضاً.”

“وتحيط اللجنة علماً أيضاً برأي الطبيبين في التقرير الطبي عن الفحص الذي أجراه طبيب شرعي لصاحب البلاغ في كانون الثاني/يناير 2012، وهو الرأي الذي يؤكد أن هذا التقرير غير منسجم مع توجيهات بروتوكول اسطنبول.”

ففيما يخص هذه النقطة فقد قام محامي المشتكي بتقديم طلب إبداء رأي إلى طبيبين يخص التقرير الطبي عن الفحص الذي أجراه الطبيب الشرعي الذي سجل أنه لم يلاحظ أي أثار للتعذيب بشكل مقتضب، والتي جاء فيها: ” قدم الطبيب ب.، وهو خبير مستقل في مسألة التعذيب، رأيه في التقرير الطبي وخلص إلى أنه كان من المفروض إجراء فحص طبي ونفسي شامل وفقاً للتوجيهات الواردة في دليل التقصي والتوثيق الفعالين بشأن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (بروتوكول اسطنبول)،

ويدخل في ذلك إجراء فحوص واختبارات من قِبل أطباء مستقلين متخصصين في تقييم حالة أشخاص يشتبه في تعرضهم للتعذيب. ولا يتضمن التقرير أية تفاصيل عن الفحوص التي أجريت ولا يكاد يتضمن تفاصيل عن نتائج هذه الفحوص. ولم يسعَ الأطباء إلى الاطلاع على تقارير الأطباء الذين فحصوا صاحب البلاغ أثناء حبسه الاحتياطي ولا أثناء فترة سجنه. ولم يذكر التقرير إن جرى الفحص بحضور رجال شرطة أو موظفين في السجن، وهل كان صاحب البلاغ مقيد الأيدي أو مقيد الحركة. ويتألف جوهر التقرير من صفحة واحدة ونصف الصفحة، أما الادعاءات بالتعرض للتعذيب فاقتُصر على ذكرها في سطرين قصيرين. ولا يحتوي التقرير على رسم توضيحي ولا على صور. ويقتصر على تكرار وجود ندوب في الأطراف السفلية ناجمة عن حادث سير قديم. ولم يذكر التقرير قط أن ادعاءات صاحب البلاغ قد بُحثت.

ونظراً إلى إجراء الفحص بعد مرور أكثر من سنة على القبض على صاحب البلاغ مما يرجح بالتالي ألا تكون آثار التعذيب واضحة، فإن إجراء فحص لكامل بدن صاحب البلاغ أمر لازم. وعلاوة على ذلك، لم يشر التقرير قط إلى إمكانية إجراء فحص نفسي أو سيكولوجي، وهو ما يكشف أن الفحص الذي أجري لا يلبي المعايير الدولية لتقييم الادعاءات بالتعرض للتعذيب.”

لم يقتصر محامي صاحب البلاغ على هذا الأمر بل ” وعُرض تقرير الفحص الطبي وكذلك تقرير الدكتور ب. على الطبيب ح. ب.، وهو طبيب مغربي متخصص في مجال التعذيب، ليبدي رأيه فيهما. واعتبر أن تقرير الطب الشرعي “مقتضب للغاية بما لا يسمح للمحكمة ولا للأطراف بالتأكد من أن المعني بالأمر قد خضع بالفعل لتقييم جاد وشامل. وهذا الاقتضاب ملاحَظ على جميع المستويات […]. وكانت الخلاصة جامدة أيضاً، وغير مطابقة لتوصيات بروتوكول اسطنبول. والواقع أنه كان على الخبير ألا يكتفي ببيان وجود أو عدم وجود آثار جسدية ناجمة عن أعمال التعذيب، بل كان عليه أن يقدم رأياً بشأن مدى تطابق جميع المعلومات التي جُمّعت انطلاقاً من الملاحظات الجسدية والنفسية، ونتائج الاختبارات التشريحية، والمعرفة بأساليب التعذيب التي تمارس في المنطقة، وتقارير الفحوص […] مع أصناف سوء المعاملة المزعومة […]. وأي إهمال في إجراء تقييم نفسي في حالة تقديم ادعاءات بالتعرض للتعذيب يعد تقصيراً خطيراً وإخلالاً غير مقبول من جانب الخبير بالمعايير الواردة في بروتوكول اسطنبول”. ويخلص الطبيب

ب. إلى أن التقرير المذكور “كان مقتضباً للغاية في صياغته، وهزيلاً في محتواه، وغير جاد في نهجه، وغير مطابق للحد الأدنى من المعايير الدولية المعترف بها في مجال التقييم الطبي للادعاءات بالتعرض للتعذيب ولسوء المعاملة كالتي حددها وفصلها بروتوكول إسطنبول” وأضاف نفي الطبيب أنه من الضروري عرض  المدعي للتعذيب على ” على أطباء ذوي خبرة في مجال التحري والتوثيق بخصوص ادعاءات بوقوع تعذيب لإعادة تقييم شامل لحالته البدنية والنفسية، على أن يمنح لهم الوقت الكافي والصلاحية الكاملة لإجراء كل ما يلزم من التحريات الطبية والاختبارات التشريحية وغير ذلك من الفحوص اللازمة والخلوص إلى استنتاجات راسخة ومبني على حيثيات واضحة”.

3: “بناءً على ما تقدم، ترى اللجنة أن السلطات أخلت بواجب إجراء التحقيق، وفي ذلك إخلال بالالتزام الواقع على عاتق الدولة الطرف بموجب المادة 12 من الاتفاقية، وهو التأكد من قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملاً من أعمال التعذيب قد ارتكب. وحيث إن الدولة الطرف لم تف بالتزامها هذا، تكون قد أخلت أيضاً بالمسؤولية التي يتعين عليها تحملها بموجب المادة 13 من الاتفاقية بأن تكفل لصاحبة البلاغ الحق في تقديم شكوى، وهو ما يفترض أن تستجيب السلطات لهذه الشكوى على النحو المناسب بأن تفتح تحقيقاً فورياً ونزيهاً”

رابعا: “وتذكّر اللجنة بأنه بناءً على أحكام المادة 15 ، ينبغي للدولة أن تكفل عدم قبول أية إفادة يثبت أن الإدلاء بها كان تحت التعذيب كدليل في أي دعوى قضائية. ويتبيّن من نص أحكام محكمة الاستئناف أن اعترافات صاحب البلاغ كان لها أثر حاسم في قرار الإدانة. وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بشأن التعذيب الذي يكون قد تعرض له أثناء الحبس الاحتياط؛ وبأن صاحب البلاغ خضع للفحص يوم 20 أيلول/سبتمبر 2012 على يد طبيب مستقل كان يرافق المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب أثناء زيارته للمغرب والذي خلُص إلى أن معظم الآثار التي لوحظت على جسم صاحب البلاغ والأعراض التي شعر بها مطابقة لادعاءاته؛”

إذ ورد في رسالة وجهها المقرر الخاص المعني بالتعذيب إلى السلطات المغربية، أُعلِن عنها يوم 31 مارس 2013، ذكر المقرر الخاص” أن الطبيب الشرعي المستقل الذي كان يرافقه في زيارته إلى المغرب أجرى فحصاً بدنياً خارجياً لصاحب البلاغ. واستنتج الطبيب الشرعي أن معظم الآثار التي لاحظها كانت مطابقة لادعاءات صاحب البلاغ، مثل الحروق بسبب السجائر، والضرب على أخمص القدمين، والتقييد الحاد ثم التعليق من الأيدي، والصعق الكهربائي في موضع الخصيتين. وبالإضافة إلى ذلك، لاحظ أن الوصف الذي قدّمه صاحب البلاغ للأعراض التي شعر بها عقب سلسلة أعمال التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها كانت مطابقة تماماً للادعاءات وأن الممارسات الموصوفة والأساليب المتبعة على حد قوله من قبل الموظفين الذين كانوا يمارسون هذه الأعمال تتقاطع مع بيانات وادعاءات شهود آخرين قابلهم المقرر الخاص في أماكن احتجاز أخرى” ولا يعرفهم صاحب البلاغ .

4: “الدولة الطرف، مثلما ذُكر من قبل، أخلّت بالتزامها بإجراء تحقيق سريع ونزيه في الادعاءات بوقوع تعذيب؛ وبأن محكمة الاستئناف لم تأخذ الادعاءات بالتعرض للتعذيب على محمل الجد عند إدانتها صاحب البلاغ على أساس اعترافاته، نافية أن تكون هذه الادعاءات قد قُدِّمت أثناء إجراءات الدعوى. وبناءً على هذه الحيثيات، ترى اللجنة أن الدولة الطرف أخلّت بالتزاماتها بموجب المادة 15 من الاتفاقية.”

ختاما:
ننهي المقالة ببعض الخلاصات:
• تقارير الخبرة الطبية تعتبر عصب الرصد والتقصي في قضايا التعذيب؛
• تقارير الخبرة التي أنجزت سابقا على 34 معتقل ومؤخرا على ستة منهم، تعتبر حق للمعنيين بالأمر، بأن يحصلوا على نسخ منها، وعدم تسلميها يعتبر مس بحق من حقوق الانسان مرتكب من قبل مؤسسة دستورية، وانتهاك صريح لقانون مزاولة الطب؛

• تقرير العام حول التعذيب السابق والحالي بعد العقوبات التأديبية، حق مجتمعي لكل المغاربة الاطلاع عليه، وعدم نشرهما يعتبر “تستر” على جريمة التعذيب، والمتستر هو شريك في القانون الدولي والقانون الوطني؛
وأخيرا كم هي نقط التشابه بين اليات وتصريحات وأدوات إنكار التعذيب من قبل الدولة ومؤسساتها في حالة صاحب البلاغ موضوع المقالة مع معقتلي الريف؟ أليس الامس مثل اليوم، لم دفن الماضي، بل ألبسناه ثوبا جديدا بمسميات متعددة؟ فيكفي القارئ وهو يطلع على هذه الوقائع أن يستحضر في كل نقط معتقلي الريف ليكتشف حجم التطابق والتشابه في اليات وأدوات الانكار، ومع ذلك أدانهم المنتظم الدولي.

ملحوظة:

كل ما مكتوب بين معطوفتين هي نقل حرفي من تقارير رسمية للأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى