سياسةميديا وإعلام

عفو جزئي بلا أثر يحبط آمال المطالبين بالإنفراج السياسي والحقوقي الشامل الذي سيقوي الدولة وليس يضعفها

تعالت أصوات من مشارب سياسية وفكرية وإعلاميةمختلفة، تدعو لانفراج سياسي وإصدار عفو شامل وعام على مختلف المعتقلين سواء الذين اعتقلوا على خلفية نضال اجتماعي، أو الذين اعتقلوا بسبب الرأي، أو الصحافيين.

وربطت جل هذه المطالبات بانفراج سياسي وحقوقي ذلك بمناسبة سانحة تتمثل في عيد الفطر، غير أن الدولة اختارت العفو الجزئي وغير الشامل، وهو العفو الذي ظل ناقضا ويكاد يكون بلا تأثير يذكر، اللهم على العائلات التي شمل أبنائها هذا العفو.

ويقدر جل المطالبين بالانفراج السياسي والحقوقي، أنه سيكون له تأثير إيجابي على الوضع في المغرب، ويكون مدخله لإعادة الأمور غلى نصابها، وفتح آفاق تسمح بمشاركة سياسية أوسع وأكثر حماسا، فضلا أنها ستكون مدخلا لمواجهة تداعيات أزمة جائحة كورونا ومختلف تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية,

وقال الصحافي محمد نجيب كومينة، أنه كان بالإمكان، بل وكان مناسبا سياسيا وإنسانيا، استغلال فرصة عيد الفطر لإصدار عفو شامل على معتقلي حراك الريف و إنهاء اعتقال الصحافيين بمراعاة جملة من المعطيات الوطنية والدولية التي تجعل طي تلك الملفات تصب في المصلحة الوطنية وتقوي الدولة ولا تضعفها.

غير أنه، يضيف محمد نجيب، ومن المؤسف أن المنطق الوارد في البلاغ الصادر ليلة العيد جعل هذه الفرصة السانحة تفوت و جعل العفو الجزئي بلا دلالة ولا أثر.
ذلك ان المعالجة السياسية لملفات الاعتقال السياسي، أو ذي العلاقة بالحراكات، تقع على النقيض من منطق الاستسلام الذي ورد في البلاغ وتتعالى على تصريف الأحقاد التي يمكن ان تكون قد نتجت عن لحظة نزاع او صراع، وهذا ما يستفاد حتى من تجربتنا المغربية مند ستينات القرن الماضي، حيث لم يرتبط العفو بالاستسلام وإنما بالسعي إلى التجاوز والبحث عن حلول مستقبلية للنزاعات او الصراعات التي كانت أشد وكانت في بعض الأحيان تقود إلى العنف.

في السياق ذاته، أوضح نجيب كومية في تدوينة له على صفحته على الفايسبوك، أنه لو كان الاستسلام هو الشرط الوحيد للاستفادة من العفو الملكي لما صدر العفو الشامل على المعتقلين السياسيين والمغتربين في سنة 1993، الذي شكل محطة من محطات الإصلاح خلال ذلك العقد، ولما صدر العفو في حق عدد من المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوا في إطار ما سمي ب”المؤامرة” سنة 1963 ولما تم العفو أكثر من ذلك على العسكريين الذين شاركوا في المحاولتين الانقلابيتين سنتي 1971 و 1972 و على من شاركوا في تمرد مولاي بوعزة سنة 1973، ولما عاد عبدالرحمان اليوسفي والفقيه البصري ومحمد بنسعيد وعبدالسلام الجبلي وابراهام السرفاتي و قياديو ومناضلو التنظيمات اليسارية، ولما أطلق سراح بنزكري و رفاقه في السجن المركزي بالقنيطرة و لما وصلنا إلى مرحلة تنظيم مسلسل العدالة الانتقالية والى التفاخر به و تقديمه كنموذج للاحتداء…

الصحافي نجيب كومينة قال: “قد يكون ماورد في الفقرة الأخيرة من البلاغ صالحا في حالة المعتقلين في إطار محاربة الارهاب، لأن من لم يتنازل عن ميله الى القتل يبقى خطرا على المجتمع والدولة كما تبين من التجربة، لكنه لا يصلح لما يتعلق الأمر بمعتقلين تم الزج بهم في السجون في إطار التدافع السياسي والحراك الاجتماعي السلمي، بل إنه يصبح متى أسقط على هذه الحالات الأخيرة كارثة فكرية وسياسية وحاملا لرسالة لا تمت للعصر الذي نعيش فيه باية صلة، لانه يصبح والحالة هذه عودة الى منطق القبيلة، اي منطق ماقبل السياسة وما قبل الدولة الحديثة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى