وجهة نظر: بنكيران ورقصة الطائر المذبوح.. وأسلوب توظيف الدين في صراع السياسة
في خرْجة من خرجات المخلوع بنكيران عقب تعيين الملك أعضاء اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، لم يراع إلاّ ولا ذمّة ولا التزم بواجب الاحترام والوقار.
فبنكيران تطاول على الملك ومسّ بشخصه وأخلّ بالوقار الواجب في حقه حين اتهم أعضاء اللجنة بمعاداة الدين والتشكيك فيه.
والاتهام في حد ذاته موجه إلى شخص الملك الذي وافق على بروفايلات الأعضاء وزكى عضويتهم، وكأن بنكيران يقول إن الملك شريك لأعضاء اللجنة في التهمة ما دام يعلم مسارهم الفكري والعلمي.
بنكيران لم يناقش أفكار وبرامج الأعضاء ولكن سمح لنفسه أن يتهمهم في دينهم ويصنفهم “كفارا” وأعداء للدين لأن التشكيك في الإسلام هو عدوان وحرب عليه
طبعا هذه ليست المرة الأولى التي يتم التطاول فيها على شخص الملك من طرف قيادات حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح، فقد فعلها كبيرهم أحمد الرسوني الذي نفى عن الملك أهليته للاضطلاع بمهام إمارة المؤمنين، لكن بنكيران لم يتعظ، وهاهو يعود لما لم يُنْهَ عنه من قبل، إذ لا يترك مبادرة لا حظ له فيها إلا وهاجم القيمين عليها.
ولا شك أن الإسلاميين درجوا على مهاجمة كل المبادرات التي لم يكونوا شركاء فيها، وغايتهم من العضوية في اللجان التي يشكلها الملك ليس دعمها وإثراء عطائها، ولكن كبحها وخفض مستوى نتائجها مثلما كان الحال بالنسبة للجنة المكلفة بصياغة الدستور، التي ضغط فيها التيار الإسلامي حتى لا تتم دسترة حرية الاعتقاد وتجريم التكفير؛ أو لجنة مراجعة مدونة الأحوال الشخصية التي أبقت على زواج القاصرات بضغط من إسلاميي العدالة والتنمية، وأخيرا لجنة الإفتاء التي أحال عليها الملك مشكلة الإجهاض فخرجت بفتوى لا تعالج سوى حالات لا تتجاوز نسبة 4 بالمائة من مجموع الحالات.
أما خرجات بنكيران الأخيرة فهي بمثابة رقصات الطائر المذبوح التي لا تحميه ولا تعيد إليه الروح، فكذلك هو بنكيران برقصاته التي يسعى ياسئا من خلالها إلى:
1 ــ رد الاعتبار لشخصه الذي كان رئيس حكومة كل الشعب المغربي يتابع أنشطته ويهتم بتصريحاته، فصار فاقدا لأي اعتبار بعد إبعاده من دواليب الدولة وهيئات حزبه.
فالسلطة والجاه مرض يصيب المغرورين والذين يفتقرون إلى سجل يشهد لهم بالنضالية والمواقف المشرفة، هؤلاء هم من يعطوا القيمة للمنصب ولا يستمدونها منه (عبد الله إبراهيم ، عبد الرحمن اليوسفي امحمد بوستة..).
2 ــ الانتقام لذاته بعد أن طاله التهميش والإقصاء وانفض من حوله الأتباع، حاله كحال الطفل المذلل الذي يُبعده زملاؤه عن اللعب معهم فيفسد عليهم نشاطهم.
3 ــ التشويش على أعضاء اللجنة ومحاولة تأليب الرأي العام ضدهم . وهذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها بنكيران إلى ممارسة خبثه السياسوي، فقد فعلها حين كان رئيسا للحكومة وهاجم وزير التعليم رشيد بلمختار على برنامج فرنسة المواد العلمية بقوله (” إن التوجه لفرنسة التعليم سيشعل النار”)، وكررها بعد المصادقة البرلمانية على القانون الإطار رقم 51/17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، إذ لم يكتف بمهاجمة واضعي البرنامج، بل هجام حزب العدالة والتنمية بأنه “لم تكن لديه الجرأة لإسقاط هذا القانون” وأن ما وقع هو أول خطأ جسيم يرتكبه الحزب منذ توليه رئاسة الحكومة في 2011.
كان هدف بنكيران هو الضغط على حزبه ورئيس الحكومة لإفشال مشروع القانون ، لكن حين فشل انتقل إلى التشويش والتأليب.
4 ــ ضرب مصداقية اللجنة ليس من حيث كفاءة عضواتها وأعضائها المشهود بها وطنيا ودوليا لأنه لن يستطيع ذلك، ولكن باللعب على الوجدان الشعبي في محاولة لاستثارته بتهمة التشكيك في الدين.
5 ــ الانتقام لتياره الإسلامي وأعضاء حزبه الذين لم يحظوا بالعضوية في اللجنة ومحاولة ترضيتهم/مواساتهم بالإنابة عنهم في قول ما لم يجهروا به.
إن توظيف الدين في الخلافات السياسية جريمة ينبغي تقديم بنكيران إلى المحاكمة بتهم الطعن في عقيدة أعضاء اللجنة والتحريض على الكراهية ضدهم.
بنكيران لم يناقش أفكار وبرامج الأعضاء ولكن سمح لنفسه أن يتهمهم في دينهم ويصنفهم “كفارا” وأعداء للدين؛ لأن التشكيك في الإسلام هو عدوان وحرب عليه.
ولعل الأعمال الإرهابية التي تنفذها التنظيمات والعناصر الإرهابية هي تطبيق لفتاوى التكفير والتحريض على الكراهية، ولا شك أن تصريحات بنكيران تغذي التطرف وتحرض على الإرهاب .