اقتصادرأي/ كرونيك

هل النقاش حول اتفاق التبادل الحر مع تركيا له ما يبرره؟

كتب الزميل مصطفى أزوكاح، الصحافي الاقتصادي، تدوينة على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تتضمن ملاحظات في غاية الأهمية بخصوص مشكلة المغرب من السلع التركية، الواردة إلى البلاد، وخلص إلى أن المشكلة ليست في خسارة المغرب ملياري دولار سنويا على شكل عجز في الميزان التجاري ولكن في فشل النسيج الاقتصادي المغربي في تطوير نفسه، لكي ينتج سلعا تضاهي السلع التركية وغيرها

في ما يلي تدوينة الزميل الصحافي مصطفى أزوكاح…

عندما كان المغرب يتفاوض مع الولايات المتحدة من أجل الوصول إلى اتفاق للتبادل الحر حل بالممملكة الاقتصادي الأمريكي جوزيف استغليتز، الحاصل على جائزة نوبل ومستشار كلنتون السابق وكبير الاقتصاديين في البنك الدولي.. حذر مما يمكن أن ينتج عن اتفاق للتبادل الحر، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية تستعمل حواجز غير جمركية تحد من دخول بعض السلع إلى سوقها.. كما تحدث عن بعض الاستثناءات التي يجب الإلحاح عليها.. كأن يجري التشديد على الجوانب ذات الصلة بالثقافة والصورة..

في سياق تلك المفاوضات نزل فنانون وبعض الحقوقيين للاحتجاج أمام البرلمان.. كان يفترض ان يستعمل ذلك من قبل المفاوض المغربي كي يحصل على بعض المكاسب في الاتفاق.. جرى تفريق المحتجين.. بالقوة بطبيعة الحال..

العديد من الاتفاقيات التي أبرمها المغرب، لم تتم وفق دراسات دقيقة حول دواعيها ونتائجها.. بعض الاتفاقيات وقعت لاعتبارات لا علاقة لها بالتجارة والاقتصاد.. بل إن مهنيين يؤكدون أنهم لم يشركوا في بعض المفاوضات.. ما يعني أن المغرب لا يتوفر على عقيدة لها علاقة بالمفاوضات التجارية.

كما أن المفاوضات تبدو وكأنها من اختصاص أصحاب القرار والخبراء فقط ولا علاقة للمكونات الأخرى بها.. لنتأمل في هذا الأمر:

أطلقت المفوضية الأوروبية مؤخرا استشارات عمومية في العام الماضي، حيث تلتمس من مواطني الاتحاد والشركات ومنظمات المجتمع المدني إبداء الرأي حول الشق التجاري في اتفاق الشراكة مع بلدان من بينها المغرب.. حيث سيساعد ذلك على تقييم تلك الاتفاقية… في المغرب لا رأي للرأي العام..

مبرر هذا الحديث ما يلاحظ من نقاش حول اتفاقية التبادل الحر مع تركيا.. فلا يجب أن يخفي ذلك بعض الحقائق التي تهم اتفاقيات التبادل الحر والفاعلين فيها. هذه بعض الوقائع الدالة:

ينشط في المغرب 5000 مصدر مقابل 13000 مستورد..يبرز هذا التوجه سعيا محموما نحو الاستيراد.. بعض المستوردين والمصدرين.. يبحثون عن ” الهمزة” فقط.

حوالي 20 في المائة من العجز التجاري للمغرب يتحقق مع الصين التي لا يريبط معها المغرب على اتفاقية للتبادل الحر، فقد وصل إلى 35 مليار درهم مع ذلك البلد، مقابل حوالي 17 مليار درهم مع تركيا وحوالي 90 مليار درهم مع الاتحاد الأوروبي.

اتفاقيات التبادل الحر البالغة 56 توفر للمغرب أسواقا فيها مليار مستهلك.. سؤال: لماذا لم يستطع المنتج المغربي الحصول على حصص في تلك الأسواق؟ هناك من يجيب بأن ما يوفره المغرب من منتجات ضعيفة من حيث الكمية، ومن حيث القيمة المضافة.. لنتساءل: رغم الفوائض التي يحققها المغرب على مستوى إنتاج الدواجن، لا يستطيع المغرب تصدير لحومها إلى الاتحاد الأوروبي، رغم أن ذلك متاح بحكم اتفاق التبادل الحر؟ الجواب قد يكون أن المنتج المغربي لا تتوفر فيه المعايير الواجبة..

في الثاني من يناير الجاري شرع في تطبيق رسم جمركي بـ27 في المائة على واردات الألبسة والنسيج التركي، بعد التدبير الوقائي الذي اتخذ في 2018، بتعليق الإعفاء من تلك الرسوم وتطبيق رسم في حدود معينة مؤقتا.. المهم أن الإعفاء ألغي ويطبق اليوم رسم بسعر 27 في المائة.. هل سيكف المغاربة عن الإقبال الكبير على المنتج التركي؟.. قبل البحث عن الجواب.. تأمل أصابع يديك.. واحص عدد الماركات من الألبسة المغربية المنشأ

يفضل عدم التفكير في الموقف من العثمانيين أو أردوغان.. رفضا أو تأييدا.. عندما يناقش الفيسبوكيون هذا الموضوع.. من الأفضل مثلا العودة إلى الذات والتساؤل حول الأسباب وراء عدم مساهمة المخططات القطاعية التي تهم الصناعة والفلاحة والصيد البحري… في مواكبة ضرورات اتفاقيات التبادل الحر… هذا ما كان..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى