سياسةميديا وإعلام

السكتاوي:بوعياش في توصيفها لمعتقلي حراك الرأي إما بلاوعي أو تتحايل على القانون الدولي

عزيز ادمين الخبير الدولي في حقوق الانسان

لم تستطع رئيسة المجلس الوطني لحقوق ان تقتنع مرة اخرى بالتوصيف الحقوقي لمعتقلي الريف، فلازالت تلح على انهم معتقلي الحق العام كتوصيف قانوني وليس حقوقي، وانهم (هاكذا بالجمع) ارتكبوا اعمال تخريب وعنف، مما يجعل صفة الاعتقال السياسي تسقط عنهم.

هذه المرة جاء الرد من المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية، الذي اعتبر ان تصريحات الاستاذة بوعياش “اما كانت بلا وعي او تحايل على القانون الدولي” ، ونستحضر مسوول رسمي عن المنظمة غير الحكومية الدولية، لكون رئيسة المجلس استندت في مقالها “طلقو الدراري” على دليل صادر عن امنيستي، وقد سبق ان كتبنا انه تم استعمال منحرف ومشوه لهذا الدليل من قبل المعنية بالامر.


نعود مرة أخرى
لموضوع الاعتقال السياسي بالمغرب، ليس للترف الفكري وانما لما لهذا التوصيف من اليات ومساطر والتزمات دولية للمغرب


اولا، الاشكال الذي سقطت فيه السيدة بوعياش ومعها ايضا السيد شوقي بنيوب “المندوب الوزاري مع وقف التنفيذ” يتمثل في مقاربة الحريات من زاوية قانونية ضيقة وليس حقوقية، فالتوصيف الذي صدر عنهما هو تكييف للقانون الجنائي لوقائع معينة، وهذا الدور هو من اختصاص السلطات الامنية والقضائية وليس “حراس” حقوق الانسان، لكون التوصيف الحقوقي ينطلق من الاتفاقيات الدولية والتعليقات العامة واجتهادات واراء هيئات الامم المتحدة المعنية بحقوق الانسان.
الاشكال الثاني، تعلق بما يمكن تسميته ب”صدمة التعيين” ، حقيقة الأستاذة بوعياش كان متوقع تعيينها، في حين الاستاذ بنيوب كان غير متوقع، ولكن معا سقطا في التسرع من اجل ايجاد الحل في حينه وابانه، ولو على حساب حقوق المعتقلين، ولكن المهم بالنسبة لهما حماية الجهاز الامني من الانتقادات وتبرئة القضاء من الاستغلال والتعليمات… اي الاجهزة الوصية اولا وبعدها حقوق الفرد المواطن.


الاشكال الثالث، يتعلق بكون الاستاذة بوعياش ومعها ايضا الاستاذ بنيوب وضعوا جميع المعتقلين في سلة واحدة، كلهم، حسب راييهم مارسوا العنف او تواطؤا مع الملثمين لتخريب الممتلكات، في حين لم يعطوا لانفسهم فرصة استثنائية في حالة او اثنين او عشرة والدفاع عنها بكونها لم تمارس العنف، فالتعميم دمر كل اطروحة او فكرة صادرة عن المسووليين الرسميين.
وعليه فالحديث ان معتقلي الريف هم معتقلي راي، هو قول لا غبار عليه، لكون الذرائع القانونية والجنائية ما هي الا مطية للتغطية عن ممارسة معتقلي الراي لحقهم الطبيعي في التظاهر السلمي وفي التعبير عن آراءهم بخصوص السياسات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.


ويوجد داخل هؤلاء المعتقلين، افراد اخرين، يعتبرون ايضا معتقلين سياسيين، وهذا التوصيف ليس وليد “تطرف او مزايدة” بل نابع من محاضر الشرطة وما جرى داخل المحكمة، فعندما تكون الأسئلة الموجهة للمعتقل من قبيل : لماذا لا تحمل العلم الوطني؟ وماذا يمثل لك علم جمهورية الريف؟ او الموقف من الملكية او الجمهورية؟ … وغيرها من الاسئلة الصادرة عن السلطات الامنية والقضائية ، يعني ان المساءلة كانت عن الموقع السياسي والراي السياسي ، و بالتالي اي حكم سيكون، سيكون بخلفياته السياسية، اي انه معتقل سياسي.


هل وقوع انزلاقات عنف تسقط صفة الاعتقال السياسي؟ لا ثم لا ثم لا، اذا اعتقل شخص ما اثناء تنفيذ افكاره السياسية بشكل سلمي فهو معتقل راي وجب اطلاق سراحه فورا، واذا كانت افكاره موسسة ومبنية على العنف، فوجب تمتيعه بمحاكمة عادلة… نؤكد ان افكاره مؤسسة ومبنية على العنف…


ختاما، ملف معتقلي الريف، لم يعري فقط شعارات الدولة المبنية على العهد الجديد والإنصاف و المصالحة بل عرى ايضا هشاشة مؤسسات الدولة…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى