جمانة حداد تكتب: ” آدم وحواء الكورونا “
دعوني أخبركم قصة راوول وأوليفيا: شاب وشابة من جنوب أفريقيا تزوجا حديثاً، قبل بدء الأزمة الحالية ببضعة أيام، ووصلا الى إحدى جزر المالديف لتمضية شهر عسلهما هناك، وهو شهر عسل ادخّرا طويلاً للتمتع به، كون إمكاناتهما متواضعة، والإقامة في المالديف مكلفة للغاية.
المهم، وصل العريسان الشابان الى فندقهما الفخم في تلك المنطقة من العالم الأقرب ما تكون الى الجنة.
شاطئ فردوسي، شمس كريمة، طعام لذيذ، مشروبات مسكرة، راحة واسترخاء وحبّ ودلع طيلة النهار. بعد ثلاثة أيام على هذا المنوال، وكان باقياً من عطلتهما ثلاثة أيام إضافية، حدث ما حدث من استنفار عالمي في موضوع الكورونا، وتعطلت الحركة الجوية، فعلق الثنائي في الجزيرة. في البداية، ورغم شعورهما ببعض القلق حيال مصير العالم وعائلتيهما والأصدقاء، كان الجوّ المسيطر عليهما هو حالة من الاستمتاع والـ Carpe Diem.
شعرا بأنهما محظوظان للغاية. كيف لا وهما عالقان في أجمل بقعة على وجه الأرض؟ ولكن، بعد أسبوع، بدأت نسبة البهجة تخف، ونسبة الملل يزداد. حتى وصل بهما الأمر أخيراً الى كره المالديف وشواطئها وشموسها ورفاهيتها.
إذ كنتُ أقرأ قصتهما، شعرت بأن راوول وأوليفيا هما آدم وحواء عصر الكورونا. وفهمتُ تماماً أسباب بغضهما للجنة التي علقا فيها. ليس هناك جنة يمكن أن تظل جنة من دون نعمة الخَيار. أيّ وضع، مهما كان رائعاً وجميلاً ومرغوباً، لا مفرّ من أن يصير مكروهاً إذا كان مفروضاً علينا فرضاً. لا بل قد تفرحنا ظروف أقل راحة لا لسبب سوى لأننا نحن من اختارها، ونستطيع التخلي عنها أو مغادرتها عندما نشاء.
كوخ حقير له باب واحد، خيرٌ من أبهى قصر بلا أبواب.
المصدر: مونت كارلو الدولية