
باستثناء تعديل بعض الأجال الواردة في قانون المالية لسنة 2020 والمصادقة على المراسيم المتخذة بين دورتي البرلمان وتمكين الشركات المساهمة في صندوق كورونا من إدراج مساهماتها في التحملات للاستفادة من تخفيض الضريبة على الشركات في مدى 5سنوات، ورفع الحماية من 30% الى 40% بالنسبة لبعض المنتجات المنتهية الصنع المستورة من البلدان التي لاتقوم بينها وبين المغرب اتفاقية للتبادل الحر …، لايبدو أن الحكومة بدلت مجهودا لإبداع شئ يحسب لها في هذه الظرفية.
كل ماقامت به هو إعادة النظر في فرضياتها بناء على توقعات تظل مهزوزة وتنتمي للتخمين والرجم بالغيب في سياق يجعل أي توقع قابل للتجاوز والتقادم بمجرد صدوره.، ونتيجة لذلك دخلت في حسابات يغلب عليها ميل لم يعلن عنه خطابيا إلى نهج تقشفي وليس الميل إلى دعم النشاط الاقتصادي بالاعتماد على تحريك الطلب كما هو مطلوب ومتبع في مختلف بلدان العالم، التي عادت إلى سياسات كينزية لمجابهة الدورة الاقتصادية. وما ورد بشان الاستثمار الميزاني يظل نظريا في المجمل، ومن غير المتوقع انجازه حتى بنسبة تتجاوز النصف.
والبين أن المنطق الذي أعد به المشروع قد بقي اسيرا للمألوف في الظروف السابقة، مند ترسخ التقويم الهيكلي ومنطقه، وكأن العالم لايشهد اليوم مراجعات تتعدى نتائج وانعكاسات الظرفية الوبائية نفسها، الشئ الذي يؤكد ان اللوبيات هنا مؤثرة أكثر من أي مكان آخر في العالم وتشد إلى العرض وليس للطلب وإلى الليبرالية المفرطة التي تلائم مصالحها الضيقة وأفقها الايديولوجي.
هكذا نجد أنفسنا أمام تفويت فرصة استعمال أداة الميزانية بشكل فعال مثلما فوتنا فرصة استعمال السياسة النقذية على النحو المطلوب، ولو في مدى قصير، والنتيجة الطبيعية لذلك ستكون لامحالة صب الزيت على النار وخلق التدهور بدل الخروج منه.
فالمعطيات الرقمية للمشروع تكاد توحي بأن الحكومة اختارت سياسة procyclique وليس العكس المطلوب contracyclique كما يستدعي الأمر، وهذه لعمري عبقرية فريدة لايمكن أن تنتج الا عن عقل يختزل العالم في حسابات مجردة لاتصلح حتى لتدبير ميزانيات الأسر التي تنظر إلى المدى البعيد. قال ليك أسيدي الكفاءات، وهل من الكفاءة في شئ التعامل مع ظرفية، بالغة الصعوبة من دون شك، بخوف حتى لاأقول بجبن وقصر نظر. الى كان غير هدشي بناقص.