اقتصادميديا و أونلاين

نيامي/نيجيريا: إفريقيا هل ستشهد ميلاد أكبر منطقة تجارة حرة في العالم؟

بعد أشهر من التردّد والإحجام، خشية المنافسة غير المُتكافئة، قبلت نيجيريا، التي تمتلك أكبر اقتصاد في إفريقيا، الصفقة الخاصة بإنشاء منطقة التجارة الحرة الإفريقية، وانضمت بذلك كلّ دول القارة، البالغ عددها 55 دولة، إلى المنظمة الناشئة، عدا إريتريا، التي اعتذرت عن المشاركة في المفاوضات، وعزت ذلك إلى نزاعها مع جارتها إثيوبيا، وفق مفوض التجارة والصناعة بالاتحاد الإفريقي، ألبرت موتشانغا.

وكان القادة الأفارقة قد شهدوا، الأحد 7 (يوليوز) الماضي، في نيامي، عاصمة جمهورية النيجر، إطلاق أول وأكبر منطقة تجارة حرة على مستوى القارة، من شأنها، حال نجاحها، أن توحّد 1.3 مليار نسمة، وتخلق منطقة اقتصادية حجمها 3.4 تريليون دولار، وتفتح الباب أمام عهد جديد من التنمية في القارة التي تعاني الفقر والحروب الأهلية والتوترات السياسية، وقد اتفق الجميع على الشروع في الخطوة الأولى؛ بتخفيض التعريفات الجمركية على البضائع المتحركة بين دول الكتلة، لكن لم يتم الإعلان إطار زمني لتنفيذها.

لم يكن الطريق ممهداً لإطلاق منطقة التجارة الحرة لإفريقيا، فقد كان حفل التوقيع في العاصمة النيجرية نيامي؛ هو الخطوة الأخيرة لمفاوضات شاقة استمرت أربعة أعوام، ورغم توقيع 54 دولة على الاتفاق إلا أنّ 25 منها فقط صادقت عليه بشكل نهائي، فيما لم يتم تحديد الدولة التي ستكون مقراً للمنطقة الحرة.

ووصف الخبير الاقتصادي النيجيري، بات أوتومي، الاتفاق بأنّه “أكبر حدث في تاريخ إفريقيا  ما بعد الاستعمار، ولا يماثله إلا تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، عام 1963، والتي تطورت لاحقاً إلى الاتحاد الإفريقي”.

وقال تومي، في حديثه : ل “حفريات”  إن منطقة التجارة الحرة لا تفضي فقط إلى زيادة نسب النمو الاقتصادي في دول القارة، وإنما ستساهم تدريجياً في تقوِّية الاقتصادات الفقيرة والهشّة لدول القارة وستخفّض نسب الفقر وسط سكانها”.
من جهته، أعرب الخبير الاقتصادي، محمدو نور، المدير التنفيذي للبنك الإفريقي للتصدير، عن تفاؤله بإطلاق منطقة التجارة الحرة الإفريقية، المعروفة اختصاراً بـ “AfCFTA”. وأضاف في معرض حديثه لـ “حفريات”: “إفريقيا ستشهد أكبر منطقة تجارة حرة في العالم؛ حيثُ ستزال الحواجز الجمركية بسرعة، وستنفذ التشريعات الخاصة بحرية الحركة بين الدول، كما أنّ الدول الإفريقية ستجني فوائد جمة من استخدام عملة ثالثة (أي العملات الوطنية) في التسويات التجارية الثنائية بين دول المنطقة الحرة، إلى جانب الدولار واليورو، المسيطريْن على أنظمة الدفع في المبادلات التجارية الراهنة بين دول القارة، ويتوقع أن ينجم عن هذه التسويات عبر العملة الثالثة توفير ما يتراوح بين 5 إلى 7 مليارات دولار سنوياً، كان يتم هدرها كفروق بين العملات أثناء عمليات البيع والشراء بالصيغ  القديمة.

وأشار نور إلى أنّ الاتحاد الإفريقي يأمل بجذب استثمارات ضخمة وتتمتع بآجال طويلة المدى، مثل: توطين صناعة السيارات والقاطرات، وأجزاء الطائرات، وخلافها، وذلك يأتي من خلال زيادة نسبة حجم التجارة السنوي بين دول المنطقة الحرة إلى 36% في غضون خمسة أعوام فقط، كما أنّ نسبة التجارة البينية سترتفع إلى 60%، بحلول عام 2022، عمّا هي عليه الآن؛ حيثُ لا تتجاوز 16% من جملة التجارة بين الدول الإفريقية والعالم الخارجي.

ويقول خبراء اقتصاديون: إنّ خفض التعريفات الجمركية بين دول المنطقة، وإلغاء كافة أشكال الضرائب المتبعة في السياسيات الحمائية سيجعل أسعار السلع في الدول المستوردة قريبة جداً من أسعارها في الدول المصدرة، الأمر الذي يسهم في زيادة نسب شرائها والإقبال عليها، ويفعّل من سريان قانون العرض والطلب؛ بجعل التجارة البينية أكثر ليبرالية، وأقلّ قيوداً، الأمر الذي يحسّن من شروط المنافسة بين البضائع الأقل جودة والأرخص ثمناً، وتلك الأكثر جودة والأغلى.

لكنّ الخبيرة الاقتصادية السودانية، نعمات بلال، ترى في الإعلان عن منطقة تجارة إفريقية حرة “خطوة لن تكتمل بالتفاؤل فقط؛ فمعظم الدول الإفريقية   لا تمتلك الحدّ الأدنى من البنية التحتية التي تُمكِّنْ من انسياب حركة السكان والسلع والخدمات فيما بينها؛ فلا طرق معبّدة، ولا شبكة للسكة الحديد، ولا شبكات اتصالات وإنترنت، ولا طاقة كهربائية، إضافة إلى البيروقراطية الإدارية والفساد المستشري في القارة، فكيف تتم التبادلات التجارية والمالية بين الدول والشعوب دون حسم هذه الأمور؟”.

وتضيف بلال، في حديثها مع “حفريات”: “علاوة على كلّ ذلك؛ فإنّ دولاً مهمة وشديدة الثراء في القارة ما تزال تعاني حروباً أهلية، ويسيطر عليها أمراء الحرب، مثل: الكونغو، وليبيا، وإفريقيا الوسطى، والصومال، إلى جانب التوترات المستمرة في السودان وإثيوبيا ومالي وخلافها؛ لذلك على الاتحاد الإفريقي أن يسعى إلى إنهاء هذه الحروب، ومن ثم يشرع في توفير الموارد لإنشاء البنيات التحتية بين دول القارة في حدّها الأدنى، كي يكتب النجاح لهذه المنطقة الحرة، لكن هذا لا يعني بالضرورة تأجيلها.

المصدر: حفريات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى