جائحة كورونا مستاءة من عمل اللجنة الخاصة بالنمودج التنموي
لقد قرّرْتُ أن أخاطبكم ، السيد رئيس اللجنة الخاصة بالنمودج التنموي ، بعد الامتعاض الذي انتابني عندما رأيت أسماء تستدعى للإدلاء بآرائها حول بعض القضايا المتعلقة بالتنمية ببلادكم، انطلاقا مما اعتبرته لجنتكم مقاربة تشاركية واسعةَ النطاق ، بدعوى أنهم/ن مؤثرين/ات، أو اعتبارا لكونهم فاعلين في هذا الحقل أو ذاك ، أو لاعتبارات أخرى يدركها ربما رئيس اللجنة لوحده .
بالنسبة لي اذا كانت هذه اللجنة قد ارتأت أن تكون الاستشارة مع مختلف مكونات المجتمع المغربي، فلا أرى مانعا في ذلك ،ولكن بشرط أن يتم ذلك وفق معايير ومخرجات محددة ، تتوخى الارتقاء بالنقاش بالتركيز على اوجه القصور والثغراث التي تحول دون إقلاع عجلة التنمية بالمغرب ، والتي جعلته يقْبعُ في أدنى مراتب مؤشرات التنمية . لكن يبدو لي أن هذه المقاربة التي تبنّتها لجنة النموذج التنموي فيها من التبسيط الشديد مايجعلها أكثر التباسا من حيث التطبيق ، الذي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى ابتذال عمل هذه اللجنة كما هو الحال في غالب محطات عملها حاليا.
لقد ظننت السيد الرئيس، أن الوضع الذي يعيشه المغرب نتيجة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والهشاشة الناجمة عن اجتياحي لبلدكم، ستمكن هذه اللجنة من استخلاص مايكفي من العبر والدروس، وحافزا لإعادة النظر حتى في المنطلقات والاهداف المحددة لهذه اللجنة، وتبني مقاربة جديدة عوض المُضيّ قُدُما في عقد جلسات مارطونية ونقاشات غالبا ماتكون عديمة اللون والطعم يحتار المتتبع في إدراك العلاقة بينها وبين عمل اللجنة .
إن ما يسترعى الانتباه فى هذه الجلسات كونها لا تعدو أحيانا أن تختلف عن جلسات تقرقيبْ النّابْ ليس إلا ، وقد تزوغ العجلة تارة عن سكة النقاش لتزكم أنوف الحاضرين بروائح وصهد التحاليل ذات الطابع الشعبوي، والتي لن تفيد بشىء في صياغة رؤية دقيقة وتصور حول النموذج التنموي المرتقب ولا في تحديد الأولويات التي من شأنها أن تساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية ببلادكم .
أود السيد الرئيس أن أعبر لكم مرة اخرى عن مدى اسيتيائي من عمل لجنتكم، و أن أقرّ لكم بأنني كنت ساذجا عندما ظننت أن ورقة التوت التي استطعت إسقاطها عن الخطابات المُنمّقة لللمسؤولين المتعاقبين على تدبير الشأن العام ببلدكم، وما كشفته من اختلالات على مستوى الأمن الصحي والاقتصادي ، كفيلة بأن تدركوا أن أيّ مشروع تنموي لا يأخذ بعين الاعتبار ، تفعيل أدوات المراقبة والمحاسبة ، والقضاء على اقتصاد الريع وأنظمة الامتيازات التي تنخر مرافق الدولة ، وإقرارآليات للوقاية وضبط وزجز تنامي تضارب المصالح في صفوف المسؤولين ، والذي يجعل من مؤسسات الدولة مرتعا للاثراء اللامشروع ، لن يعدو أن يكون كالقوقعة الفارغة ومجرد آلية ظرفية لاحتواء الاحتقان الشعبي .
ومادمتم مصربن على الاعتقاد بأن ما انتم بصدده هو ما تعتبرونه ورشا وطنيا هاما للقيام بتشخيص دقيق وموضوعي للوضع الحالي ، فلن أبالغ إذا افترضت انكم لم تستخلصوا ولا أدنى درس يذكر، أو عبرة ما ، بعدما انكشف المستور وظهرت الحقيقة إثْر التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي أحدثتها ببلادكم والتي كانت بمثابة صفعة مُدوّية سمعها كل من به صمم .