هل شركات التنمية المحلية هي آلية ناجعة للتدابير، أم مجرد ثقل جديد على مالية جماعة الدارالبيضاء؟
في معنى بعض المشاريع في ظل الجائحة؟
هذا التساؤل يمتح شرعيته إذا ما قمنا بجرد لنشاط شركة “الدارالبيضاء للتراث “.
ففي عز جائحة كورونا تفكر هذه الشركات في صفقة لا تتعلق بالأجواء العامة المحبطة التي يعيش على ظلالها البيضاويون ومع الضغط الصحي والنفسي والمالي الذي هم في يمه غارقون، صفقة ابتدعتها الشركة وكأننا في أيام عز الزهو والحبور،
وتتعلق بصباغة واجهات مقر ولاية جهة الدارالبيضاء سطات ومقر جهة الدارالبيضاء سطات ومقر الجماعة الترابية للدارالبيضاء ودار الخدمات والمعهد الموسيقي القريب من هذه المقرات وأربعة أروقة متواجدة بالقرب من مقر بنك المغرب، مع تزيينها بمصابيح.
ومعلوم أن معظم هذه المقرات هي نقية ومنها ما يتوفر على هذه الإنارة المؤثثة للواجهة كمقر الولاية.
أما قيمة الصفقة كما ظهر في بعض تفاصيلها تتوزع بين أكثر من 700 مليون سنتيم من أجل الصباغة و900 مليون سنتيم للتزيين بالإنارة.
والجميل في الصفقة أن دراسة أجريت من أجل فقط الحصول على نتيجة وضع المصابيح المزينة للواجهات تطلبت 180 مليون سنتيم بمعنى ان مجموع الصفقة سيتطلب المليارين، في ظل ظروف مالية كارثية على صعيد جماعة الدارالبيضاء.
ولكي يفهم المدبرون برنامج عمل الشركة، قررت تكليف شركة لتقديم الشروحات الخاصة بالدارالبيضاء للتراث عن طريق تقنية ” الباور بواينت ” بمبلغ 35 مليون سنتيم ، وهي تقنية كما يعلم المواطنون يمكن أن يقوم بها أي تقني في الشركة وعموما هي تقنية تقوم بها حتى أصغر الجمعيات المبتدئة المنتشرة في الدروب المؤثثة للبلاد.
ذات الشركة أي الدارالبيضاء للترات قبل سنة ونصف دخلت في صفقة تتعلق هذه المرة بموضوع له حساسية خاصة وشكل متاعب لجل المجالس المتعاقبة على تدبير العاصمة الاقتصادية، ألا وهو جرد الممتلكات الجماعية وتقويمها حيث تكلفت بجرد جزء من هذه الممتلكات، مررت الصفقة لإحدى الشركات ولا يدري أحد غير الدارالبيضاء للتراث إن كانت مختصة في المجال للقيام بهذه المهمة.
ووصلت قيمة الصفقة 600 مليون سنتيم. والعجيب أن الشركة التي قامت بالمهمة توصلت بأموالها دون أن تضع الدراسة النهائية في يد المدبرين، الأمر الذي يتنافى وقانون الصفقات والحكامة التدبيرية. وللعلم فقط أن الجرد المذكور كانت قد قامت به السلطات الولائية اعتمادا على أطر من الولاية نفسها كما أن دراسات سابقة أنجزت بشأنه وآنيا الوكالة الحضرية للدارالبيضاء منكبة على إنجاز هذه المهمة.
الدارالبيضاء للتراث لم تتوقف هنا، بل أبرمت صفقة أخرى تتعلق هذه المرة، بصيانة مقرات ثمان مقاطعات بالعاصمة الاقتصادية وبلغت قيمة هذه الصفقة 400 مليون سنتيم.
وكما حصل في السابق فإنها، منحت الشركة المنفذة للأشغال المبالغ المالية كلها دون أن يتحصل المدبرون على وثيقة نهاية الأشغال حتى ان جزءا من هذه الأشغال لم بنته.
الجميع يتذكر كيف تكلفت في السابق شركة الدارالبيضاء للتراث بترميم وإعادة تأهيل المعلمة التاريخية المعروفة ب “الكرة الأرضية”. حيث صرفت فقط على الدراسات أزيد من 200 مليون سنتيم وتطلبت أشغال الإنجاز 2 مليار سنتيم.
ولنا أن نقوم بإطلالة على هذه المعلمة اليوم، لنرى أنها مأوى للمشردين ومجمعا للنفايات وعرضة لإهمال لا يوصف، رغم أنها تتواجد في لب قلب المدينة التي أرادتها الدولة أن تكون عاصمة للمال والأعمال، ونقطة جذب للاستثمارات الدولية والسياحة.
أما في مايهم كنيسة “ساكري كور”، فقد خصصت لها الشركة من أجل إعادة الترميم 4 ملايير ونصف وللدراسات فقط 500 مليون سنتيم وبنفس الكيفية تناولت المقاولات التي أنجزت الأشغال المبالغ كاملة دون تقديم وثائق نهاية الأشغال، التي تعد قانونية وضرورية في مثل هذه الصفقات.
العجيب أن هذه الشركات ومن خلال قراءة في مصاريفها المالية تجدها تعشق الدراسات وخاصة دراسات الجدوى وعدم الجدوى، فقد فكرت مثلا مؤخرا في متحف رياضي للعاصمة الاقتصادية.
وإذا ما سألنا أي إنسان إن كانت ضرورة أن تحتوي مدينة من حجم الدارالبيضاء على متحف، أو متاحف سيجيبك بالإيجاب، لكن الشركة كان لها رأي آخر وهو أن تتجه إلى مكتب للدراسات ليقوم بدراسة جدوى المشروع من عدمه والجميل أنها خصصت لهذه العملية 85 مليون سنتيم دفعت شطرين منها إلى حدود الآن لمكتب الدراسات العليم في الجدوى وعدم الجدوى.
وبحسب المعطيات المتوفرة لدينا سنجد أن هذه الشركة وفي ظرف أقل من سنتين فقط قد خصصت لدراسات الجدوى 3 ملايير و250 مليون سنتيم.
نعتقد أن الأمر أضحى يتطلب افتحاصا ماليا من لدن وزارة الداخلية خاصة وأن معظم ما تكلفت به لم تظهر نتائجه على أرض الواقع.
وهنا وجب تذكير وزارة الداخلية، أن شركات التنمية المحلية عموما عرفت أوج إحداثها مباشرة بعد الخطاب الملكي لسنة 2013 أمام البرلمان، حين اعتبر أن الدارالبيضاء تعوزها الحكامة الجيدة، فاختارها القيمون على الشأن المحلي البيضاوي كآلية جديدة للتدبير للخروج من الروتين الإداري الجماعي، الذي يتخلله بطئ التنفيذ والإنجاز لذلك تم إنشاء عدد من هذا النوع من الشركات لكننا لم نواكب أداءها ولم نقيم نتائجها حتى أن بعضها أصبح عبئا على الجماعة.
على وزارة الداخلية الآن أن تقوم بافتحاصات لهذه الشركات خاصة وأننا على أبواب متم سنة 2020 أي التاريخ المحدد لإنهاء تنفيذ المخطط التنموي للدارالبيضاء الذي سطره جلالة الملك ، للإقلاع بالمدينة وجعلها في مصاف عواصم العالم المؤثرة اقتصاديا وسياسيا ، وهو افتحاص يروم بالأساس جدوى وعدم جدوى هذه الشركات.