“إسرائيل” ما بعد ترامب…
إن المراقب للتطورات والمتغيرات التي حدثت إثر انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة، وفشل ترامب في تلك الانتخابات، يمكن أن يلمس فارقا نوعيا بين فترة حكم الولايات المتحدة في ظل ترامب الذي قدم أكثر مما يمكن أن يقوم به دعما للكيان الصهيوني، وبين الفترة القادمة ما بعد حكمه.
في الفترة الأخيرة من حكم ترامب، تم التركيز على موضوع الانتخابات من أجل النجاح فيها، ولذلك توقف عن دعم تنفيذ ما سماه صفقة القرن لصالح “إسرائيل ” إلا ما يفيد حملته الانتخابية والذي انجز فيه تطبيع الامارات والبحرين…
وكان ناتنياهو مستعدا للتغير الجديد، فقد أشار في اجتماع مغلق مع قادة المستوطنين إلى أن الولايات المتحدة غيرت موقفها من التنفيذ القريب لصفقة القرن وأنها ليست جاهزة في الوقت الحالي، وقال “لا أريد التوسع في الحديث، لكن أمريكا الآن ليست كما كانت قبل خمسة أشهر”، بينما قال الخبير في شؤون الإدارات الامريكية والمحاضر في جامعة بار ايلان، البروفيسور إيتان جلبوع “إنه توجد فوضى رهيبة في البيت البيت الأبيض وطاقم ترامب في حالة هستيريا، لا يوجد نظام ولا تحكم وهم يخافون من خسارة الانتخابات.
وقد كرر ناتنياهو في تصريحاته بعد انتخابه في أيلول 2019 “إن إسرائيل امام فرصة تاريخية لن تتكرر في ظل وجود ترامب على رأس الإدارة الامريكية وذلك لضم منطقة الاغوار الى السيادة الإسرائيلية”، هذه التعبيرات ليست سوى دلالة على الخوف الاسرائيلي من فشل ترامب وبالتالي توقف انتشار السيادة الاسرائيلية على الاراضي العربية المحتلة والتراجع في مسيرة التطبيع العربي كما في فترة حكمه.
لذلك كان التسارع في مشاريع الاستيطان في الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس حتى يفرض واقعا جديدا تتعامل معه الإدارة الامريكية الجديدة برئاسة جو بايدن.
ولذلك أيضا عمل ناتنياهو بشكل متسارع لبناء تحالف أمني مع دول الخليج ضد إيران واعتقد أن اللقاءات الأخيرة والسرية منها قد اسفرت عن اغتيال العالم النووي الإيراني البارز فخري زادة، وكان شركاء ناتنياهو السياسيون قد ادانوا غيابه دون علمهم، وعدم معرفتهم بالمهمة التي غادر من اجلها سرا.
نعم “إسرائيل تسابق الزمن قبل استلام بايدن للرئاسة رسميا وذلك لأنها تقدر أن “زمن ترامب الجميل ” قد ولى، وأنها مقبلة على مستقبل لن يكون فيه تطور لسيادتها في المنطقة، لأن للولايات المتحدة في فترة بايدن أولويات لسيادتها هي والحفاظ على مصالحها في العالم.
إن جو بايدن يرى أن الأولوية هو لوباء كورونا والوضع الاقتصادي والاجتماعي وكذلك إلى تغيير وضع أمريكا من العزلة التي وضعها فيها ترامب والعودة الى الاتفاقيات الدولية لتأخذ الولايات المتحدة دورها الدولي: مثل اتفاقيات المناخ الدولي التي انسحب منها ترامب وكذلك الاتفاق النووي والموقف من إيران. وهذا يتعارض مع موقف “إسرائيل ” منها، إضافة الى أن بايدن سيتبع سياسة تقليص التدخل الأمريكي في المنطقة ليتفرغ أكثر للعلاقات الدولية خاصة مع حلفائه في أوروبا، وكذلك التفرغ للتحدي الصيني والروسي ولا يعني ذلك عدم دعم “إسرائيل ” ولكن بالتأكيد ليس كما كان ترامب.
المصدر: الضفة الفلسطينية موقع فلسطيني سياسي ثقافي