رأي/ كرونيك

بصريح العبارة ووضوحها بن كيران وصراعه مع زملائه في حزبهم جزء من مشهد سياسي الضحالة كلها والهزالة كلها

الطريقة التي صاغ بها، رئيس حكومتنا السابقة، قراره تجميد عضويته في حزبه العدالة والتنمية، سواء من حيث الشكل، أو من حيث القرارات، ومنها مخاصمته لبعض من قيادة الحزب، الذي كان يرأسه تظهر هزالة وضحالة المشهد السياسي المغربي، وتظهر أن الذين يتصدرونه، لا علاقة لهم، بحيوية الحقل السياسي المغربي، وامتدادته وتعابيره المجتمعية الحية والواعدة.
ماذا، يعني أن يقحمني، مسؤول سياسي، كان هو الثاني في تسيير المغرب في وقت من الأوقات في رسالة صاغها على عجل، ومن لغتها يبدو أنه ضحية انفعال، في خصومات مع زملاء له، كان هو من اقترحهم لقيادة حكومة نشأت في سياق ميلاد حركة وضمير، طرحت حاجة المغرب للقطع مع سياسية وتوجه ونظام سياسي شاخ وأصبح مكلفا على كافة المستويات،وصاغتها بسلمية واعتدال، وكان هو نفسه الشخص الذي انبرى ليأكل على حسابها وعلى ظهرها تصدر المشهد السياسي لمغرب مشهده السياسي في واد ومطامح وتعبيرات مجتمعه الحي في واد آخر تماما,

ماذا، يريد أن يقول بن كيران من غضبته، في واقعة ليست بالأخلاقية ولا الدينية، تقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، وعكس التضليلات التي يتقنها حفدة جمال إبراهيم كامل وعبدالكريم مطيع، واضح أن الواقعة لا علاقة لها بمعارك الدين والأخلاق، وأنها تدخل ضمن استراتيجية لدولة فكرت وصاغت جوابها، وتدخل ضمن منطق يحسبه اليوم الحكام الفعليين للمغرب، أنه الأسلم في مواجهة تحديات القادم.

ماذا يريد أن يقول بن كيران، الذي هو من فصل في ما يدخل في صلاحياته كأول رئيس حكومة لدستور 2011، وما لغيره صلاحيات، وفي هذا كان سخيا في التخلي عن صلاحياته، وكان من أعطى أكثر التأويلات اللاديمقراطية للهذا الدستور، وهو يعلم أنه بذلك، هو من وضع للعثماني كما سيضع غيره، في أصغر مساحة يمكن له فيها أن يشاكس ويتمرد على قرارات استراتيجية للحاكمين الفعليين، ومنها تدبير الداخلية للانتخابات، ومنها تقنيين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، ومنها تدبير الوجه الخارجي للمملكة…

ماذا يريد أن يقول بن كيران، أظن أنه لاشيء، غير وصول مشروع حزبه بكامله للحظة بداية النهاية، كما وصلته قبله تشكيلات سياسية وحزبية، قدرت أنه في” الإصلاح” وفي “النزعة الإصلاحية يمكن قتل النزعة الديمقراطية والمساومة عليها، يمكن السكوت باسم الإصلاح عن الاعتقالات وقمع الحركات الاحتجاجية والزج بالعشرات من الشباب طالبوا بمستشفى أو جامعة، ويمكن المساومة غلى قمع أصوات معارضة بكيفما اتفق، ولكن في المقابل يمكن التحريض والظهور بمظهر الضحية في واحدة من سياسة الدولة العميقة لمزيد من التحكم في الانتخابات، ممثلا في القاسم الانتخابي، واعتبارها أم المعارك، حتى بالسكوت عن قضايا أخرى جوهرية تمس فعليا في نزاهتها ومصداقيتها.

ليس العدالة والتنمية وحدهم عنوان مفارقة و هزالة المشهد السياسي وضحالته، أمام عناصر ميلاد مجتمع حي متجدد ويشرئب للحرية والعدالة، مثلما ليست عتاقة النظام السياسي وحدها المفارقة، في صنع مشهدا سياسيا كله في واد، وعناصر ميلاد مجتمع جديد في واد آخر، وفي الصورة الفعلية يظهر أن لا أحد يريد تدشين القطيعة أو القطائع، لصالح مصالحة مع انتماء لعالم القرن 21، وفي الصورة أيضا لا أحد سيمنع أن يظل الشارع منبر من لا منبر له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى