رأي/ كرونيك

الصمت أو القهر…

رباه… أريد أن أصمت…
ساعدني على الصمت لكي أنجو…
فالذي يصمت في وطني ينجو…
يتفادى المصائد والمكائد…
الذين لم يلتزموا الصمت … أسكتوهم بفنتازيا سياسية إبداعية…
وأنا أعانني الله…
كان الله في عوني…

كم أحتاج دعاء بنكيران…
يا ليته يرفع لي أكف الضراعة… قبل أن يغلبه كسل الفطور الثقيل…
فدعاء بنكيران لا يخطئ غنيمة ولا مصيبة ولا حليمة…
بنكيران وحده من في عهده مشى كافيا…
فسقينا عاما… وغلبنا سنوات…

غريد فقط دعوة واحدة…
لكني على مذهب هذا الزعيم الكبير…
ومنهجه واضح…
قل ما يغضب تغنم… وحين تغنم اصمت لتسلم… وتنعم وتنغم…
يا ربي…
ساعدني على الصمت حين يغدو الصمت كنزا سياسيا…
ساعدني أن أكون وفيا لمتنبي الزمن المغربي….
أن أ وفق في تطريز القول كما تشتهي نعال كبار القوم…
فإن لم أحظ  بالتعظيم… خرقت السجاد وحرضت العباد..
وخصت في الكلام غير المتاح للشعوب… بلسان عبد الفتاح والفلاح والدلاح والنفحة والسبحة والخلوة والعلوة…
الكلام… ذاك القول الحارق..
قتل قبلي الكثيرين…
هل كان على الحلاج أن يقول ما لا يقال؟

هل كان على ابن حزم أن يزاحم في التفكير الفقهاء و ذوي الوشم من صناع العزم…؟
كان على ابن رشد ولسان الدين بن الخطيب أن يصمتا حين وجب الصمت..
فقط من يفكرون خلاف شيوخهم يموتون باكرا….
أنا قرأت مقدمة ابن خلدون…
ومؤخرة ابن سكتون…
تاريخ الطبري…
وجغرافية الطيب وهاري…

والتربية الكثير وطنية في زمن القبلية والعطية المرساوية…
الكل متقف على قيمة الصمت…..
وسعره النفيس في سوق الرفيس …
هناك كلام أيضا يوزن بالذهب..
أو يقايض بالبيرة والويسكي والسفريات والمومسات…
وأنا في الحقيقة أريد أن أصمت…
أريد أن أشرب عشرات الجعات وبجانبي مومس مطمئن البال…
وهذا لن يكون وأنا لا أجيد الصمت…
أنا في خطر…
فأنا أعيش حياة الغجر….
و انتقد خيام السادة وحراس قصائد عكاظ ومياه المتوسط..
كلامي… شبهة…
بل تهمة…
يارب…
أخوض فيما قد يغضب أصحاب الحال والمستثنى والمآل والجار والمجرور…
علي الصمت…
فالصمت في وطني طوق نجاة…
أو أن أغدو محللا يجيد صناعة الكعك والتعليق على رائحة الجوارب، وطمأنة زمن المسبغة…
أعني على تعلم فن الكلام فيما يسعد الحكام…
فأنا مدمن… حشاش… فاسق… غارق..
ومثلي إما يلعن الشعب والفجر والغجر ويُخَون كل ساهر على شرفة و يعهر أمه وأخته أو يمتنع عن الكلام… أو يصمت… ويسكر ويتبول في سرواله ويعيش من زبالة الكبار ويضع عطرهم وربطة عنق زرقاء، ويدون لهم ملاحمهم وفتوحاتهم… ويبرر لفرسان المعبد الحق في الشهد والنهد.
الحقيقة… أني كلي عيوب وثقوب…
الحقيقة أنني حين أسكر … أغدو مجرد ثور هائج يبحث عن أنثى رخيصة…
أحيانا أجد نفسي في فندق رخيص أقاسم الفراش عاهرة جميلة…
ما العيب…؟ فالعاهرة تمنحني فرصة تاريخية لتصريف حداثتي على جسد مستعد ليقدم نفسه ورشة لكل أفكاري ومبادئي …
سأصدقكم القول… قوتي أن حداثتي وفتوحاتي في الحانات والقاعات… أتركهما على عتبة شقتي وجواربي العنفة…
فتضحك زوجة من انضباطي…

ما أعظم أن تكون فوضويا في كل مقام إلا مقام الزوجة…!
فلا أحد يعرفني حق المعرقة قدر زوجتي…
فهي التي ذات يوم جلدتها جلدا بعد عودتي مباشرة من ندوة أفحمت فيها الجميع حول حقوق المرأة إلا نفسي وتلك العاهرة التي تقاسمني كأسي وشبقي وهوسي…
رباه… أريد أن أصمت…

فالصمت طوق نجاة في بلدي..
والقول المباح الذي يفتح أبواب الحياة هو القول الذي يرتضيه الحكام والنبلاء والرؤساء…
أكثر من يحب زعيم أو رئيس…
قول يحل له مشكلة الرغيف العنيد، والسكر المتكبر، والزيت الجبار…
والباقي مجرد تفاهات….
أو ترف وغلو في الحقوق والعقوق…

رئيسي… طيب …كبير… صامت… لكن حين يتكلم ينصت الشيطان والبارمان وسبيرمان والألمان والمريكان…
ليتني أكون نسخة منه معدلة بقليل من بهارات التاريخ وزمن الضياع…
رئيسي يحب الوطن بطريقة غريبة…
يكتب الشعر والقصة ويطبخ في مطابخ السياسة أكلات لا تؤكل إلا في الظلام…
أريد أن أصمت…
فإني رأيت أكثر القتلى من لسان نطق فيما تشتهيه الغربان ومريكان وماكرون وصوفيا لورين
لا تغضبوا الموناليزا ولا تشككوا في وجود الخمر على طاولة المسيح في العشاء الأخير…
بعض الانبياء يسكرون….
رباه… أريد أن أصمت…
فإني هش… ولا حزام أمان لي…
وأنا قابل للكسر…
سهل القهر…
لأنني معرض في أي لحظة للخصي أو النفي…
تسلم يا من تنسى محاضرتك حول قدسية المرأة… على المسرب وأنت تضاجع عاهرة في دورة المياه وتلعن ربها وزمنها…
تسلم… متى نراك… في درس جديد في الجزارة والخرازة والنجارة بلغة ابن رشد فوكوياما …. ومراكز التكوين العالمية في طهي رؤوس الشعوب..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى