الطفل والنموذج التنموي: ملاحظات حول التقرير العام
ما الذي يمثله الطفل في التقرير العام الذي قدمته لجنة النموذج التنموي؟ هل تم التعامل مع حاجياته مثلما تم التعامل مع ملف المقاولات مثلا في جلسات استماع هذه الهيئة التي اشتغلت منذ نونبر 2019؟؟ طفل اليوم هو مستقبل المغرب أي مكانة له في هذا التقرير؟
هناك ثلاثة ملاحظات في هذا السياق لابد من إثارتها :
أولها ، أن اللجنة لم تستمع في جلساتها للجمعيات التي تشتغل في الحقل التربوي . جمعيات راكمت عبر عقود من الفعل المستمر ورسخت تنظيمها كإطار للتنشيط السوسيو تربوي..وكانت ولا تزال مدرسة تزرع قيما ومبادئ تعد صلب أي نموذج تنموي مثل الوطنية والتضامن والتطوع والمبادرة والعمل الجماعي… وحتى الندوات التي تم عقدها والورشات التي برمجتها اللجنة لم تلتفت الى قضايا ثلث الساكنة التي ستتحمل بعد عقدين مسؤوليات التدبير والتسيير في الحقول الاقتصادية والسياسية والثقافية …
ثانيا ، في المقاطع التي تطرق فيها التقرير العام للطفل تم تفسير التربية في مفهومها الضيق أي العملية التعليمية والمدرسة تحديدا ..وبرز ذلك بشكل واضح عند حديث التقرير عن الخيارات الاستراتيجية الثلاثة المتعلقة بالميادين الرئيسية للتربية والتكوين والبحث والصحة.. قدمت اللجنة تصورها لمدرسة الغد ولا بد من الإشادة بالتوصيات التي قدمتها . لكن المدرسة ما هي إلا زمن من أزمنة حياة الأطفال المتعددة المستويات والمضامين .
ثالثا ، ليس هناك أي اهتمام بموضوع متطلبات الوقت الثالث الذي يعد واحدا من ابرز مجالات التنشئة الاجتماعية للطفل وبناء شخصيته وصقل مهاراته ..لا توصيات تتعلق بنموذج دار الشباب أو المراكز السوسيو ثقافية ولا الفضاءات المفتوحة أو المغلقة للتنشيط الدائم أو الموسمي .
رابعا ، لم تقدم اللجنة في تقريرها العام ملامح استراتيجية موجهة للأطفال تكون مدخلا لأي تنمية بشرية أو اقتصادية ..كما فعلت في مجال السياحة أو المياه…
الأطفال ، أطفال المغرب بحاجة الى استراتيجية ،إلى سياسات عمومية … تعزز ثقتهم بالمستقبل في مغربهم .الى ثقتهم في الأفق الذي يسعى النموذج التنموي الى بنائه .وهو القائل في إحدى مقاطع التقرير أنه “يطمح إلى إحداث نهضة حقيقية للمنظومة التربوية”.
خامسا، كان على اللجنة أن تعزز ادراج الطفل باعتباره المستقبل ، الموضوع الدستوري في الحقوق والحماية حسب القانون الاسمى للمملكة . كان على اللجنة أن تجعله أحد المحاور الرئيسية في تقريرها وخلاصاتها وتوصياتها ..
هذه بعض الملاحظات الجديرة بالإثارة . نتمنى أن تستدرك السلطات العمومية هذا الوضع في مشاريعها وسياساتها العمومية .فلا تنمية بلا اهتمام بالأطفال . ولا نموذج لا يضع الطفل/ المستقبل في صلب تصوراته.