الرئسيةرأي/ كرونيك

صلحيوي يكتب: الهبة الشعبية المتفاعلة مع إنجاز الاسود …معطى تطور وليس تضليلاَ وإلهاءَ…

مقدمة….
<<وان يثق الجميع بأن وراء ” النهضة الكروية” هناك نهضة مجتمعية و حضارية قادمة لا محالة، بالثقة في النفس و الطموح و العمل و التواضع و بكسر أغلال العبودية القديمة و الجديدة. نهضة أبطالها الشباب المتعطش للحرية و الكرامة و العدالة و الذي تحرر من الحگرة و أصبح يصنع الأمجاد الرياضية و العلمية و يستعد لكتابة صفحات مجيدة من تاريخ التحرر و الانعتاق لشعوبنا و يفعل بثقة على تحقيق التغيير الديمقراطي الشامل المنشود و بناء مجتمع العلم و المعرفة و الرياضةوالفنون والعدالة الاجتماعيةوالمناطقية>.
نبيلة منيب…

محمد الصلحيوي
بقلم الفاعل السياسي محمد الصلحيوي

صحيح،أن مونديال قطر 2022 قد إنتهى ،ولن يحتفظ التاريخ الكروي العالمي سوى بنتائجه الرقمية، ومنها إحتلال المغرب الرتبة الرابعة.
وصحيح أيضاَ،أن إرتدادات وامتدادات إنجاز أسود الأطلس على /إلى فسيفساء الوضع الوطني،إجتماعياً ومناطقياَ وبيئياَ
ومساواتياَ،خاضعة لقراءات ومن زوايا نظر ومواقف قد تكون متعارضة أو متفاوتة، في تصوراتها لتاريخ الوطن وحاضره وطبيعة مستقبله، تخصنا نحن المغاربة دون سوانا.

لكن الأصح الصحيح والمؤكد، “هو أن الشعب المغربي،وهو ينزل إلى الشارع،ليس بشعب فارغ الوعي،بل يتحرك بوعي وثقافة تكرست خلال تعاقب أجيال مابعد ثلاثينيات القرن الماضي؛ الجديد هوالإشراقة التي جاء بها إنجاز الأسود، والتي انضافت لإشراقات حركة 20فبراير والحراك الشعبي لمضمون ومعنى متجددين لوطن الغد وللوطنية المطابقة له،والطموح لأن يكون المغرب،شعبا ووطناَ، متقدماَ ومزدهراَ وطن التحديث و الحداثة وهي المضامين التي فرضها إنجاز الاسود.

والأكثر صحة ودقة يكمن في كون التحرك الشعبي في هبته تلك، تشكل فعلاً:إرتجاجاَ في وعي النخب؛مايشكل مخاضامجتمعياَ،وكما هو الحال في كل التجارب، فهو مفتوح على إحتمالين: التقدم صوب تجديد العقليات والذهنيات ، أو،الإجهاض واستمرار التشبث بكل ماهو مكبل وماضوي،،، تلك هي الوضعية،،،

لابد من الإقرار والإعتراف  إذن ،بأن الإجتهاد الفكري والثقافي،يحدث في المدى طويل، وهو زمن ثقافي بالطبيعة؛ولكن يبقى السؤال حول، دور ومدى استعداد النخب السياسية و”اليسارية” على وجه الخصوص في القراءة  الإجتهاد ية لحدث حمال للقيم من قبيل “النهضة الكروية والهبة الشعبية” المصاحبة له، فالمهمة قائمة باعتبارها رد فعل إستقبالي؟.

مؤشرات عدةتؤكد الضرورة الكبرى لتأمل تكلس وجمود التفكير لدى فئات واسعة من اليساريين،التكلس المكبل للتقدم والإجتهاد والمكرس لثقافة سياسية تقليدية من حيث العمق ترسخ ثقافة تشكل العناد الذهني في تعامل تلك القوى مع تطورات المجتمع؛ فما معنى التعالي عن الإنجاز الكروي؟ وما معنى إشهار فكرة “التضليل والإلهاء” في وجه الهبة الشعبية المتفاعلة مع الإنجاز التاريخي للفريق الوطني المغربي في مونديال قطر 2022؟.

ومامعنى أن يوفر المؤتمر الإندماجي لبعض مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي سابقاَ، شاشات كبيرة لمؤتمراته ومؤتمريه لمتابعة مقابلة المغرب وكرواتيا،ولا كلمة في البيان الختامي لذلك المؤتمر عن الإنجاز التاريخي للفريق الوطني من حيث منظومة القيم التي عبر عنها ومثلها؟

معنى واحد لهذه الإزدواجية في التفكير و الممارسة،هو،التعالي عن الشعب الذي خرج في هبة شعبية من مليلية المحتلة إلى الگويرة،ومن فگيگ إلى البيضاء،وفكرة التعالي هنا هي:

هذه مجرد كرة للفرجة،وهي الفكرة الدالة عن خلفية فكرية/سياسية كرستها الحركة الوطنية والإتحادية في تعاملها مع الشعب،وهي الممجدة لحدث منتم لسرديتها، و المتعالية عن الحدث غير المنتم لسرديتها،وقد أخذ التعالي تاريخيا عدة أشكال:الرفض وإبداء النصح أو الإستنكار أو إلإبعاد من أي اهتمام، والسلوك الأخير هو الذي اختاره مؤتمر الحركة الإتحادية الإندماجي في تعامله مع منظومة قيم الإنجاز الكروي،ويؤكد البيان المذكور نكوضية هذا المؤتمر إلى الماضي التقليدي للثقافة السياسية،ولم يكن، بالقطع،”تجاوزاَ لأي فكر آخر.

إن عدم الإمساك بطبيعة دينامية الحركة الإجتماعية كعطب فكري عند الأحزاب التقليدية يذكر بموقفه من ظرفية إجتماعية سابقة.

يقول المؤرخ المغربي المصطفى بوعزيز : “”ستنطلق منذ أواسط سنة1983،صيرورة بطيئة لفك الإرتباط بين الحقل السياسي والحقل الإجتماغي،[…..] فبينما كان الحقل السياسي يتجه نحو الإنفتاح،كان الفاعلون السياسيون فيه يغلبون فيه منطق” التفاهم السياسي “، لكي لا نقول المساومة، فإن الحقل الإجتماعي[….] سيسير نحو الإحتقان،وسيسوده منطق المواجهة.
[…] ستنفجر في ظل تعارض المنطقين، أحداث يناير1984″”. (الوطنيون المغاربة خلال القرن العشرين.ج الاول ص:87) .

هناك من اليساريين من اعتبرالرجة الشعبية المتفاعلة مع إنجاز الأسود،مجرد”تضليل وإلهاء” للشعب وإبعاده عن مشاكله،و يستدعي لتأكيد رأيه السطحي التبييطي النموذج العشري الذي تعتمدها الرأسمالية الإحتكارية لتضليل الشعوب،ومنه توضيف كرة القدم؛ إن تأمل وتدبر خلفية هذا الرأي،يفضي إلى أن هذا الرأي ينطلق من تصور أصحابه اليساريين لمفاهيم: الشعب الذي لا يضم سوى المناضلات والمناضلون،والكادحون والكادحات،والوطنية عندهم مسألة شوفينية مضادة للأممية، ويتناسون مقولة ماوتسي تونغ”الأممية هي الوطنية الحقة [العقلانية] “.

إن التصورين السابقين يعبرين عن عقلية ثقافية تمثل إستبطاناً مهيكلاً للمخيال الجماعي موجهاً للسلوك  والممارسة السياسية.

هناك نقطة مضيئة في هذا الوضع،متمثلة في وجود حزب واحد تفاعل بقوة مع الهبة الشعبية وشاركت أمينته العامة الدكتورة نبيلة منيب في الإستقبال الشعبي للفريق الوطني،ووقفت وراء لافتة رسمية للحزب الإشتراكي ألموحد،وجاء في بيان مجلسه الوطني،المنعقد في جولة ثانية من دورته الثامنة مايلي:

<<3- يحيي المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم على إنجازه التاريخي في مونديال 2022 ، و يلح على ضرورة العمل على ترجمة الانجازات الكروية إلى نهضة حضارية وذلك بفتح أفق التغيير ، و فتح حوار وطني شامل حول قضايا الوطن و الشعب وفي صلبها الحفاظ على سيادة بلادنا و صيانة كرامة المغاربة و تقليص الفوارق الاجتماعية و المناطقية و الحفاض على السلم المجتمعي.>>

وكان ذلك،بعد أن عاش الشعب المغربي طيلة الفترة الممتدة من 23نومبر،مباراةالمغرب وكرواتيا،وإلى20دجمبر، وهو يوم الإستقبال الشعبي الكبير لأسود الأطلس،أيام فرح عارمة بإنجاز المنتخب المغربي،والتي عبرت من حيث الجوهر، عن وجود وتبلور رجة شعبية الفاعل فيها فيها إنجاز أبطال الأسود.

ينطلق هذا الموقف المشرق من إستيعابه لدروس أسود الأطلس القيمية(منظومة القيم التي طرحها إنجاز الأسود للتداول)ومن رصيد إجتهادي سابق؛وقد لخصه بيان المجلس الوطني للحزب بالفقرة التالية:

<<4- يؤكد أن شباب المغرب، وعلى طول ظرفية 2011- 2022،قد عبر عن تطلعاته لوطن جديد وطن الحرية و الكرامة و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و المساواة الحقيقية ، و لوطنية متجددة تصون كرامته و تتيح له سبل العيش و تحميه من الضياع والموت المستمر في قوارب الهجرةالسرية.>>

الفقرة تكثف المشترك  بين حركة 20فبراير والحراك الشعبي والمؤتمر الوطني الرابع للحزب وتخليد مئوية أنوال الخالدة وما كشفته جائحة كورونا وأخيراً إنجاز والرجة الشعبية في متم 2022؛إنه تكثيف لمسألتين إثنتين:الشباب قوة إستنهاضية،ووطن جديد يعلو ولا يعلى عليه؛بعبارة أخرى، يعتمد  الحزب الإشتراكي ألموحد منطق ظرفية 2011-2022 التي تتظافر فيها ست(6) محطات،وبالتالي فإن الإنجاز الكروي العالمي،  يجب أن يتبع بنهضة مجتمعية عميق بوطنية متجددةومواطنة.

خاتمة:
مهمتان إثنتان أمام النخب(الإنتلجنسيات بالمفهومالشرقي) المغربية:
الأولى :إن الرجة الشعبيةالكبرى تفرض الإقدام على عقد مصالحة كبرى وتاريخية بين الدولة و المجتمع، أساسها ميثاق وطني لتجديد التعاقد بينهما
(ميثاق وطني شامل،وليس ترقيعات في شكل إصلاحات جزئية دستورية وسياسية)وهو  المطلوب لتقدم وطنننا وتعزيز لإتجاه تبلور الوطنية المتجددة المواطنة
الثانية: المصلحةالوطنية التعزيزية للإرتجاج الذي طال العقلية المغربية وتغليب توجه القطيعة مع التردد والإرتباك لدى النخب،هي الإقدام من طرف الدولة على  خطوةحاسمة،  للتفاعل مع هذاالتعاقد الضمني الشعبي ومنجز الأسود، متمثلة في عقد مصالحة تاريخية حقيقية مع الريف ومع الجهات المهمشة من الوطن مقدمتهاإطلاق سراح قيادة الحراك الشعبي بالريف و كل المعتقلين السياسيين و معتقلي الرأي،وهي الخطوة المطلوبة، للتقدم في اتجاه بناء مغرب الحق و القانون و الكرامة و العدالة الاجتماعية والمناطقية والمواطنة الشاملة….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى