رأي/ كرونيك

اليسار: في الحاجة إلى أفكار و”قطع غيار”..اليسار من الانفجار للانشطار

1 – جغرافيا العمال

خرج أبناء واحفاد العمال في مدينة جرادة إلى الشارع بحثا عن أفق سياسي بعيدا عن ثقوب الفحم السرية التي ابتلعت شباب الشرق. كانت جرادة، لسنوات، موكبا جنائزيا يُشَيَعُ على تراتيل اليساريين الذين يرسلون بين الفينة والأخرى بلاغا تضامنيا مع شهيد كان من الممكن أن يكون وقودا لبرنامج سياسي وشعمدانا يحمل الشموع ويوزع رسائل الأمل بين العالمين.

2 – ريف الثقافة

أمام ظلم تاريخي عاشه الريف لم يستطع اليسار تقديم أجوبة بديلة ل “مصالحة الزليج والبنيات التحتية” التي أعتقد البعض أنها قد تداوي جرحا ثقافيا في جغرافيا تم الإحتفاء فيها بالأرصفة المصبوغة وأعمدة الإنارة البيضاء وأهمل فيها الإنسان.
عندما خرج أهل الريف منتفضين على “الدكاكين” إكتفى اليسار بنفس المرثية المصاغة بلغة عميقة معتقدا أن ما قام به هو الكمال في وقت وجب فيه الخروج إلى ساحات إيمزورن والحسيمة وبوكيدار دعما للحرية والتعددية والعدالة ولحمة الوطن.

3 – صحراء وعطش

فهم اليسار في أوروبا وأمريكا اللاتينية أن البيئة مشروع إنساني وسياسي لا لبس فيه. كان الفهم استباقيا قبل وقوع الهزات الإجتماعية. في الجنوب الشرقي المغربي كان الفلاحون الكبار “يسفون” الماء في كلميم وطاطا وزاكورة بدعم مالي وتقني تضمنه السياسات العمومية. خرج الأهل من “حي العطشان” في زاكورة يطلبون الماء وأمام عجز السياسات العمومية عن الجواب البيئي والاجتماعي حضر الجواب الأمني فتحول اليسار، من جديد، إلى بلاغات تدين الإعتقال والأحكام الجائرة. تَصَحَرَ اليسار كما تصحرت زاكورة.

4 – سؤال الحرية

حتى وإن عجز اليسار عن فهم التحولات الكبرى كانت حساسية قادته مفرطة اتجاه قضايا الحرية. حرية التنظيم، حرية الرأي، حرية التعبير.. الخ. حساسيتهم نابعة من مأساة فقد أدى المناضلون ثمنا غاليا من حريتهم واستقرارهم المهني والأسري نظير فكرة أعلنوها نهارا جهارا في زمن الصمت.

عاش المغرب في السنوات الأخيرة مسا خطيرا بالحريات أعلاه مجتمعة. كان الجواب قصيرا وقاصرا. لم يحضر قادة الأحزاب _إلا في ما نذر_ إلى المحاكمات أو الوقفات أو المسيرات.

لم يحصنوا، بمختلف الطرق المبدعة، هامش الديناميات وبقي اليسار مراقبا لما يحدث يتقاسم أهله الخلاصات في الصالونات.

خاتمة

اليسار شعلة من الفهم والنشاط لم يستطع أن يُصَرِفَ طاقته بشكل إيجابي خارج التنظيمات خدمة لمشروعه التقدمي وخدمة لدولة القانون ومجتمع الحريات ففجر طاقته _داخليا_ بشكل سلبي وها نحن نعيش اليوم مرحلة جديدة من تاريخ المغرب عنوانها ???? “اليسار من الانفجار إلى الانشطار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى