رأي/ كرونيكسياسة
االبيجيدي سيعيش في المستقبل القريب أسوأ من النتائج التي حصل عليها في الانتخابات
أتوقع ان ما سيعيشه العدالة والتنمية في المستقبل القريب أسوأ من النتائج التي حصل عليها في الانتخابات، ويمكن تقديم التقديرات التالية:
1- على المستوى التنظيمي الداخلي، يمكن أن نشهد انسحابات من فئتين متناقضتين:
فئة الغاضبين من القيادة الحالية، بسبب انحيازهم للخط الأصلي للحزب. ومشكل هذه الفئة أنها حتى لو حاولت إنقاذ الحزب، فإنها تفتقد لأطر وقيادات متمرسة بالعمل الحزبي، لأن آلية الاحتواء جعلت أغلب رموز الحزب الوطنية والمحلية منحازة للخط الانتفاعي التبريري.
فئة من الذين استفادوا من المرحلة السابقة في الترقي الاجتماعي، والذين اشتغلوا في الدواوين الوزارية، وفي باقي المناصب التي تم الحصول عليها بسبب وجود الحزب بقوة في الحكومة والبرلمان وعمودية المدن والجماعات.
2- على المستوى البرلماني:
لن يستطيع الحزب ممارسة معارضة قوية كما السابق لأسباب عديدة:
اولا: عدم قدرته على تشكيل فريق برلماني مما سيجعل مساحة الأسئلة الشفوية المسموح له بها مقلصة جدا، وكذا تمثيليته في اللجن البرلمانية.
ثانيا: أغلب المقاعد التي حصل عليها هي لنساء نجحن عبر اللائحة الوطنية، وهن يمارسن الانتداب البرلماني لأول مرة، مع تسجيل غياب وجوه بارزة لها قدرة خطابية، كما كان الأمر زمن المعارضة قبل 2011 مع بنكيران والرميد والرباح وبنخلدون وقربال والمقرئ. باستثناء بوانو وحيكر.
ثالثا: أغلب المشاريع التي سيتم تقديمها خلال السنتين الأوليين للحكومة الجديدة تمت صياغتها في عهد حكومة العثماتي، فكيف سيتم معارضة مشاريع قوانين صيغت بموافقة وزراء الحزب السابقين.
بمعنى أن معارضة البيجيدي في البرلمان ستكون باهتة، ولن تساعده على استثمارها للعودة من بعيد.
3- على المستوى المالي: سيفقد الحزب سيولة مالية مهمة قد تصل إلى حوالي 70% من موارده الحالية، سيتقلص الدعم السنوي الذي يتلقاه من الدولة إلى حوالي 80%, لأنه دعم محدد بعدد المقاعد في المؤسسات التمثيلية، كما ستتقلص مساهمة النواب البرلمانيين كثيرا لتقلص عددهم، وطبعا ستنعدم مساهمة الوزراء.
الرصيد السنوي لمالية العدالة والتنمية كانت يسمح له بالتحرك بيسر على واجهات كثيرة.
4- على المستوى الميداني: بعد أن فشل الحزب في استراتيجية أن يبق قريبا من السلطة، ولو اقتضى الأمر تنفيذ كل ما يطلب منه رغم ما فيه من إذلال للحزب وتأثير سلبي على المواطن، سيفشل كذلك في العودة بقوة إلى العمل الميداني داخل المجتمع، لأنه فقد ثقة قاعدته من الطبقة المتوسطة، ولم تعد التعبيرات الاحتجاجية راغبة في التعامل معه لأنه خذلها.
5- على مستوى المزيد من “بهدلته”: قد نشهد تحريك متابعات في حق بعض قيادييه ممن تحملوا مسؤولية تسيير جهة أو رئاسة جماعات ومقاطعات، ولعل بعض تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وبعض الملفات التي فتحتها النيابة العامة في تطوان وأكادير وآسفي ومراكش قد يتم تسريعها، لهدم سردية “انهم رغم فشلهم إلا انهم نظيفو الذمة”، وما أسهل العثور على اختلالات حتى لو كنت حريصا على النزاهة.
إن الأمر أشبه بزلزال غير متوقع، بعد أن استطاب القوم النوم في العسل، ولم يعدوا العدة لهذه “الريمونطادا”.
لكن هناك سيناريو آخر محتمل، وهو أن تستفيد جماعة العدل والإحسان من هذا الوضع، وهي التي كانت متضررة من صعود العدالة والتنمية برلمانيا وحكوميا وفي الجماعات.
ذلك أن هزيمة البيجيدي الذي لم تنل رضى القصر، ولا حافظ على روابطه بقاعدته الاجتماعية، قد يجعل أسهم أطروحة “التغيير من داخل المؤسسات” تتهاوى عند القاعدة المرتبطة أو المتعاطفة مع الإسلام السياسي.