رأي/ كرونيك

هذه قراءتي الأولية لانتخابات 8 شتنبر 2021 …العدالة والتنمية ..أو الصعود إلى الهاوية

العدالة و التنمية … أو الصعود إلى الهاوية …

كيف تتخلص من الإسلاميين في بضعة أيام …. و بدون معاناة و ألم ؟؟؟

هذا ما جرى بين العثماني و المؤامرة من الداخل … و بين الرميد محاولة فرملة المؤامرة …

بعد جلوس في قمة الأحزاب السياسية المغربية و لمدة عقد من الزمن … جاء السقوط المروع لحزب العدالة و التنمية … سقوط إلى قاع القاع … سقوط فاجأ الجميع بما في ذلك ألذ الخصوم … و أشد المتشائمين … سقوط لم يكن ينتظره أحد … سقوط أصبح هو الخبر الأول المتعلق بالانتخابات … بدل خبر الفائزين … فكيف حدث هذا الأمر ؟؟ و كيف جاء هذا الصعود المفاجئ … ليتلوه هذا السقوط المهول للهاوية ؟؟؟

السري
بقلم جمال العسري

سياقات الصعود … الصعود للقمة :

جاء صعود العدالة و التنمية في سياق إقليمي ، عربي ، سياق عرف باسم ” الربيع العربي ” و ما تخلله من انتفاضات و ثورات عمت العديد من الدول العربية … كان من أبرز نتائج هذه الانتفاضات هو صعود التيار الإسلامي … و وصوله لرأس الحكم … لا للحكم … و تم تزكية هذا الوصول عبر صناديق الاقتراع و الانتخابات التي عرفتها الدول التي عرفت هذه الانتفاضات و الثورات،  و قد عرف المغرب بدوره انتفاضة واسعة ببروز حركة 20 فبراير المجيدة و بمسيراتها و احتجاجاتها التي عمت جل المدن المغربية …

تلك الانتفاضات التي تم الالتفاف عليها بدستور 2011 و بالانتخابات السابقة لأوانها … تلك الانتخابات التي قاطعها جزء كبير من اليسار أو قل قاطعها اليسار الذي كان فاعلا مؤثرا في الحراك العشريني …

هذه الانتخابات عرفت صعودا للعدالة و التنمية … التي ركبت على الحراك العشريني و هي تدخلها بشعار مركزي هو نفسه شعار الانتفاضات الشعبية المغربية ” إسقاط الفساد ” … و هكذا لم يخرج المغرب عن قاعدة صعود التيار الإسلامي … هذا الصعود قوبل برفض كبير … رفض للولايات المتحدة الأمريكية و كل القوى الغربية و إلى جانبهم الأنظمة العربية و حلفائها … ليقع تحالف بين الجميع من إجل إسقاط الإسلاميين من الحكم … بأي وسيلة كانت … فكان الانقلاب بمصر … و كانت الحرب الأهلية بليبيا … و حرب شبه دولية بسوريا … و قمع شرس بالبحرين … و دسائس بتونس انتهت بانقلاب أبيض …

و كان الضغط على المغرب من قبل حلفائه الطبيعيين و خاصة من بعض إمارات الخليج للتخلص من الإسلاميين … الذين وصلوا لرئاسة الحكومة لا إلى الحكم … و أمام هذه الحرب المشنونة على هذا الصعود الإسلامي كان الارتباك في صفوف اليسار العربي … بين صمت لما تعرض له الإسلاميين بل و أحيانا تواطئ عليهم أو الوقوف و لو المحتشم بجانبهم … المهم مطلب إسقاط الإسلاميين … حصل على شبه إجماع … و حصل الاختلاف على صيغة الإسقاط …

الهزيمة

و ما يهمنا في هذه الخربشة هو واقع العدالة و التنمية … و تجربة إسقاطها بالمغرب … اختار المغرب طريقة أخرى … طريقة أذكى للتخلص من هذا الفصيل السياسي … طريقة أكثر أمنا … و أكثر قبولا …طريقة ستصبح في المستقبل قابلة للتدريس طريقة قد تصدر في كتيب يمكن أن يحمل عنوان ” كيف تتخلص من الإسلاميين في بضعة سنين … بدون معاناة و لا ألم ”
الطريقة ببساطة عنوانها الأكبر … نزع التعاطف الشعبي و الالتفاف الجماهيري عن هذا التيار … و لأجل هذا لابد من نزع غطاء الطهرانية و صفة القداسة عنهم … و لابد من تمريغهم في وحل السياسة … و انطلقت العملية … عملية تمريغ العدالة و التنمية … و أولى الخطوات كانت عبر تمرير كل القرارات اللاشعبية عبر حكومتهم … و تمرير كل القرارات القذرة عبر زعمائهم … و نزع غشاء البكارة عن عزوبيتهم … فكان تمرير أسوأ القرارات في الميادين الاجتماعية … مثل قانون التقاعد … ثم قانون التعاقد … ثم الانتقال إلى التعليم … و فرض فرنسة التعليم …. و قرار مراجعة صندوق المقاصة و رفع اليد عن دعم مجموعة من المواد الأساسية …. كما قرار تحرير سوق الپترول …. و قرار استقلالية النيابة العامة …. و غيرها من القرارات اللاشعبية و التي مست بالقدرة الشرائية للمواطن البسيط ….

هذا دون أن ننسى فضح العديد من زلات و خطايا مجموعة من قيادات الحزب عبر وسائل الإعلام … ثم الوصول إلى أصعب قرار … قرار يستحيل أن يقوم به حزب إسلامي … قرار توقيع التطبيع مع الكيان الصهيوني … و استقبال وزراء هذا الكيان و مسؤوليه … كانت الصدمة قوية … قوية على أعضاء و عضوات الحزب … و كانت أقوى على المتعاطفات و المتعاطفين معه … كان توقيع العثماني على التطبيع بمثابة توقيع على شهادة الوفاة لحزبه … الحزب تخلى عن أعلى قيمة من قيمه … الحزب تجرد من أهم أسباب وجوده …

يوقع اتفاق

بعد إزالة غشاء بكارة العدالة و التنمية … و بعد زواجه بالفساد و الاستبداد … و بعد فقدانه للباس الطهرانية التي يرتديه …. و بعد اتخاذه أقذر و أوسخ و أذل و أهون قرار … قرار التطبيع مع الكيان الصهيوني …. و بعد أن تكاثرت أسباب و دواعي كراهية و بغض الحزب … و بعد أن تفرق متعاطفوه و مناصروه … أصبح قرار ذبح الحزب و التخلص منه جاهزا … بل و مطلوبا من الجميع … و لا أحد سيسأل عن الطريقة … و لا عن الوسيلة … فالمهم هو ذبح الحزب.

انتخابات شتنبر 2021 أو تنفيذ قرار ذبح الحزب :

دخل حزب العدالة و التنمية انتخابات 2021 دون أن يعطي أدنى اهتمام لنصيحة أحد حكمائه … مصطفى الرميد الذي نصح و قبل بضعة شهور من الانتخابات بتقليص عدد مرشحي الحزب … و تقليص دوائر الترشيح … كإشارة طمأنة للمخزن … لكن لا أحد أنصت و لا استمع لنصيحته … بل و لا أحد اهتم و لا انتبه للغضب الشعبي العارم من الحزب و لا مما يدبر له في دواليب الداخلية … دخل إذن الحزب للحكومة و هو يضع في حسبانه خسارة الانتخابات … و خسارة الرتبة الأولى بل حتى الثانية و الثالثة …. و لم يكن أبدا يتصور ما سيقع له … و لا حتى أكبر المتشائمين كان يتصور نتيجة 8 شتنبر … و لا حتى ألد أعدائه و خصومه كانوا يتوقعون حجم تلك الهزيمة فما الذي حدث بالضبط ؟؟؟

مع أواسط شهر غشت دخل المغرب أيام الانتخابات و عملياتها ، و ككل الأحزاب دخل العدالة و التنمية هذه الانتخابات و هو مدرك لحجم السخط أو على الأقل الغصب الشعبي من سنوات ” حكمه” و من قراراته اللاشعبية و خاصة في القطاعات الاجتماعية ، و مع ذلك تشبثوا ببعض الأمل ، الأمل في الخروج من عنق الزجاجة بأقل الخسارات ، أمل مبني على القاعدة الواسعة لقواعدهم و لأشد متعاطفيهم ، و لعدد الأصوات التي حصلوا عليها في آخر الانتخابات ، لم يكونوا لا هم و لا غيرهم يتوقع حجم تلك الخسارة التي منوا بها ، خسارة تبقى خارج المنطق خارج الواقع و لا يمكن أن يقبل بها أي عاقل ، خسارة أكيد لم تكن وليدة صناديق الاقتراع لوحدها و كل الأدلة و الحجج العقلية و المنطقية و الواقعية تؤكد ذلك ، كيف ذلك ؟؟

الهزيمة
لنأخذ مدينة طنجة كمثال على استحالة اندحار العدالة و التنمية بالحجم الذي ادحر به في انتخابات 8 شتنبر ، طنجة كانت ولازالت معقلا للعدالة و التنمية ، و في انتخابات 2015/2016 اكتسح الحزب مدينة طنجة اكتساحا هائلا محققا الأغلبية المطلقة في مقاطعاتها الأربع ، و الأغلبية المطلقة في مجلس المدينة و فاز بثلاثة مقاعد من المقاعد الخمس البرلمانية المخصصة لدائرة طنجة أصيلة ، و هكذا و طيلة السنوات الست الأخيرة كانت طنجة تحت سيطرة و تسيير هذا الحزب ، و بكل صدق و بعيدا عن أي موقف عدائي مسبق و بشهادة أغلبية ساكنة المدينة ، لم يكن تسييرهم بذلك السوء الذي يستوجب تصويتا عقابيا جماعيا ، بل يمكن القول بأن تسييرهم رغم ما رافقه من أخطاء و خطايا لكنه كان أفضل بكثير من تسيير سابقيهم ، بل و لا مجال للمقارنة بين ما أدخلوه للمقاطعات من إصلاحات و من حسن تعامل و حسن استماع مع المواطن و ما كانت تعرفه هذه المقاطعات من فوضى و تسيب في عهد سابقيهم ، أفيعقل بعد هذا و بعد هذه التجربة أن يهزموا تلك الهزيمة النكراء بمدينة طنجة ؟؟؟

حقيقة و أنا أشارك يوميا في حملة حزبي – الحزب الإشتراكي الموحد – التقيت بالكثير من الغاضبين و الحاقدين و الناقمين على العدالة و التنمية و لكن و في المقابل التقيت بعدد آخر من المصرين على دعمه و على الوفاء له ، نعم لم يكونوا بالعدد الكثير و لكن أيضا لم يكونوا بالعدد الذي يستهان به ، فكلا العددين لم يكونا ليسمحا و لا ليفسرا تلك الهزيمة النكراء التي تعرض لها الحزب بطنجة.

ثم هناك ملاحظة أخرى لا تقل أهمية عن الأولى ، جميع المغاربة يعلمون و يعرفون و يدركون أن أولى مفاتيح الفوز في الانتخابات المغربية هي أن تكون في التسيير و خاصة التسيير الجماعي ، هذا التسيير يجعلك قريبا من الناس ، قريبا من الناخبين ، قريبا من الفوز ، فكيف انقلب هذا المنطق على العدالة و التنمية ؟؟؟

قد يقول قائل أن السبب ليس هو التسيير المحلي مع ما قد يحمله من إيجابيات للعدالة و التنمية و لكن السبب هو سوء التسيير الحكومي ، هو سوء التسيير الوطني ، هو قرارات الحكومة ، قرارات في محملها لا شعبية و لا اجتماعية ، ضربت القدرة الشرائية للمواطن و أدخلت الطبقة المتوسطة في أزمة اقتصادية حقيقية ، قد يكون لهذا القول جانب كبير من الصواب و كنت سأقبل بهذا الدفع و بهذا التبرير لهذا التصويت العقابي لو أن هذا التصويت عوقبت به كل الأحزاب المشاركة في الحكومة ، أحزاب كانت مسؤولة على قطاعات اجتماعية مستها الأزمة و مسها الغضب الشعبي ، كقطاع التعليم و الصحة و الفلاحة و غيرها من القطاعات ، بل و أهمها قطاع المالية المسؤول عن الميزانية و الذي كان تحت إشراف التجمع الوطني للأحرار ، فكيف يتقبل عقلي أن يعاقب المواطن حزب العدالة و التنمية و في المقابل يكافئ حزب الأحرار و يبوئه المرتبة الأولى ؟؟؟

كيف سيتقبل المنطق أن يصوت الشعب المغربي بكثافة على التجمع الوطني للأحرار و نفس هذا الشعب قاطع قبل شهور أهم شركات زعيم هذا الحزب و شن عليه حربا اقتصادية فريدة من نوعها في تاريخ الاحتجاج المغربي ؟؟ كيف سيتقبل العقل منح المغاربة الرتبة الأولى لحزب الأحرار و زعيمه متهم بالسطو على 17 مليار عبر احتكار سوق الطاقة ؟؟ كيف سيصوت ذلك العدد من المغاربة على الأحرار و هم الدائمي الشكوى من ارتفاع أسعار الطاقة ؟؟؟

اخنوش وبنكيرانالمنطقي و البديهي أن هزيمة العدالة و التنمية كان عليها أن تكون متبوعة بعزيمة للتجمع الوطني للأحرار و لكل الأحزاب المشاركة في الحكومة المغضوب عليها ، أما أن يكون العقاب بذلك الشكل ، و الهزيمة بتلك القساوة من نصيب العدالة و التنمية و الانتصار الساحق. الفوز البين للأحرار و باقي الأحزاب المشاركة في الحكومة فهذا ما لا يستقيم مع المنطق و لا يمكن أن يتقبله أي عقل
فكيف جاءت الهزيمة إذن ؟؟ للجواب على هذا السؤال يكفي أن تنظر لأول الدول المهنئة للمغرب على حسن الانتخابات ، و أو الدول المشيدة بها و بديمقراطيتها و بالأجواء التي مرت منها ، و هنا تقفز الولايات المتحدة الأمريكية إلى الذهن ، أمريكا الواقعة تحت حكم الديمقراطيين ، الديمقراطيون المعروفين بموقفهم السلبي من المغرب ، و مع ذلك سارعت و على غير العادة بتهنئة المغرب و الإشادة بانتخاباته ، دون أن تنتظر أو أن تنظر إلى احتجاجات و طعونات العديد من الأحزاب المغربية و تنديدها بالاستعمال الواسع للمال في الانتخابات و استنكارها لعمليات التزوير ، و إدانتها لرفض تسليم المحاضر للمراقبين ، و مع ذلك فلا الولايات المتحدة الأمريكية و لا حتى خالتي فرنسا اهتما لهذه الطعونات و الاحتجاجات و هما معا يشيدان بالانتخابات المغربية ، فلم هذا الموقف إذن ؟؟

الأمر واضح فالمغرب قدم للعالم الغربي ، قدم أنجع وصفة للتخلص من الإسلاميين ، التخلص منهم عبر صناديق الاقتراع ، التخلص منهم بطريقة ” ديمقراطية ” التخلص منهم بدون معاناة الاحتجاجات و لا ألم الانتفاضات ، التخلص منهم مع نوع من الرضا الذي يعم الجميع بما في ذلك إسلاميو العدالة و التنمية أنفسهم ، التخلص منهم دون الحاجة لانقلاب دموي على شاكلة انقلاب السيسي ، و لا حاجة لقمع شديد على شاكلة قمع ملك البحرين ، التخلص منهم دون الحاجة لانقلاب دستوري على شاكلة انقلاب قيس سعيد بتونس ، و هكذا ستصبح التجربة المغربية تجربة تدرس في كل الدول العربية بعد أن يستوعب حكامها الدرس المغربي.

فالنظام المغربي و بعد أن أغرق العدالة و التنمية في الوحل و بعد أن مرر على يديهم أسوأ القرارات بل و أقذرها – التطبيع مع الكيان الصهيوني – و بعد أن تأكد من السخط الشعبي على الحزب و بعد أن تيقن من انفضاض الحلفاء عنه ، و بعد أن أدرك عزلة الحزب عن الشارع و عن المواطنين و عن الأحزاب ، و بعد أن أصبح وضع الحزب شبيها بوضع النعجة الجرباء ، النعجة الشاردة ، مر للخطوة الحاسمة ، توجيه الضربة القاضية له و هو يعلم أن لا أحد سيتضامن مع الحزب و لا أحد سيقف بجانب الحزب و لا أحد سيقول اللهم إن هذا منكر .

قولبك

و الآن ماذا عن موقف قيادة العدالة و التنمية ؟؟ ماذا عن موقف أمينها العام “سعد الدين العثماني ” رئيس الحكومة المغربية ؟؟ و ماذا عن قيادة الحزب : وزراء و أمانة عامة ؟؟ بالنسبة لي و بيقين كبير و بسرعة أكبر أقول كان الموقف هو موقف التآمر على البيت الداخلي ، أو على الأقل كان موقف التواطؤ على الحزب و لو بالصمت . قد يقول قائل ، أو يحتج على قولي هذا قائلا ” قل هات برهانك إن كنت من الصادقين لا من الحاقدين ” و جوابي له انظر لما وقع و ما يقع داخل الحزب قبل و بعد الانتخابات لتدرك حجم هذا التآمر و حجم ذاك التواطؤ ، انظر إلى دور رئيس الحكومة ، ذلك الدور السلبي الذي لعبه ، رئيس الحكومة – أمين عام العدالة و التنمية – الذي تنازل عن كل صلاحياته لوزير الداخلية و سلمه كل مفاتيح التسيير ، انظر إلى القوانين الانتخابية و غيرها و التي كانت تخرج من رحم الحكومة و التي كانت في مجملها ضد الحزب ، انظر إلى قانون الانتخابات ، و إلى القاسم الانتخابي ، و حذف العتبة … هي مراسيم خرجت من رحم الحكومة و هي في مجملها كانت تهدف للحد من نمو العدالة و التنمية ، كان يكفي رئيس الحكومة أن يوقفها أن لا يوقعها و مع ذلك زكاها ، انظر إلى قانون تقنين الكيف كيف مر و إلى قانون الإطار الخاص بالتعليم ، و إلى فرنسة التعليم ، أين دور رئيس الحكومة ؟؟ أي دور لعبه الأمين العام لحزب العدالة و التنمية لوقف مد قوانين الجميع كان يدرك أن تهدف لضرب العدالة و التنمية ؟؟ صمته و صمت وزرائه و صمت الأمانة العامة أليس معناه التآمر و التواطؤ ؟؟؟

ثم لنتذكر جيدا ما وقع قبيل الانتخابات و التعليمات التي أصدرها وزير الداخلية للولاة و العمال بالسماح بالتصويت بنسخ البطائق الوطنية و السماح للمترشحين بنقل الناخبين يوم التصويت لمكاتب التصويت – و هو الأمر الذي كان لي الشرف لفضحه – ألم يشع بعد ذلك أن إصدار هذه التعليمات كان بعلم السيد رئيس الحكومة و تم الأمر بعد إخباره بذلك ؟؟ ثم لماذا كان ذلك الصمت الصمت المريب من قيادات العدالة و التنمية على هذا الخرق القانوني ؟؟ أليس هو الصمت الذي يفسر بالتواطؤ و التآمر ؟؟

بل و ما بال حزب العدالة و التنمية لم يقم بنشر النتائج الأولية التي حصل عليها عبر مراقبيه الموحودين في جل مكاتب التصويت ، لماذا لم تصدر فروعه و لا مكاتبه الإقليمية و لا الجهوية تلك النتائج ؟؟ و لماذا صمت مقره المركزي و معه إدارته المركزية للانتخابات عن إعلان النتائج ؟؟ ألم يسبق الحزب في الانتخابات السابقة وزارة الداخلية في الإعلان عن النتائج ؟؟ فما الذي منعه من القيام بنفس الأمر في الانتخابات الحالية ؟؟ ألم يمنعه التواطؤ و التآمر ؟؟

يقبل

قد يقول قائل : أيعقل بل و أيقبل عاقل بأن يتآمر آل البيت على بيتهم ؟؟ أيقبل العقل تآمر القيادة على القواعد ؟؟ أيقبل عاقل أن تتآمر القيادة على إضعاف حزبها و تقزيمه ؟؟؟ الجواب بكل بساطة : نعم و ألف ألف نعم ، و لنعد بالذاكرة قليلا إلى الماضي و لنتذكر كيف عمدت العدالة و التنمية ذات انتخابات إلى التقليص من حجمها عبر التقليص من مرشحيها و التقليص من حجم تغطيتها للدوائر الانتخابات ، ربما سيرد علي البعض : لقد كانت تلك الخطوة في تلك الأيام لإرسال رسالة اطمئنان للمخزن و تعبيرا من الحزب عن حسن نيته . فأقول و هل اطمأن يوما المخزن لحزب العدالة و التنمية على الرغم من انبطاحه كل الانبطاح و استسلامه كل استسلام ؟؟؟ ثم لنتذكر جيدا المقترح الذي قدمه أحد أهم قادة العدالة و التنمية و أحد أقرب المقربين لدار المخزن ” مصطفى الرميد ” ألم يقترح على إخوانه التقليص من تواجدهم ، و التقليص من تغطيتهم للدوائر الانتخابية و التقليص من مساحة مشاركتهم ؟؟؟ و هو المقترح الذي قوبل برفض و احتجاج كبيرين من قبل قواعد الحزب ، و اليوم و بعد أن وقعت الواقعة من حقنا أن نسأل : ما الذي دفع بالرميد إلى اقتراح ذلك المقترح ؟؟ و هو مقترح نابع من قناعة الرميد أم هو مقترح أوحي له به ؟؟؟

على كل حال القيادة الحزبية و خاصة القيادة التي كانت تتحمل مسؤوليات في حكومة العثماني كانت تدرك حجم الغضب المسلط على مشاركة الإسلاميين في الحكومة المغربية و كانت تدرك حجم الضغوطات المسلطة على المغرب لطرد الإسلاميين من الحكومة و كانت تدرك ما يعانيه المغرب من مشاركتهم في الحكومة و كانت تدرك حجم التضحيات التي قدمها النظام للدفاع عن حقهم في المشاركة للحكومة ، كانوا يدركون حجم الضغط العربي – الإمارات و السعودية و مصر – و الضغوطات الغربية – فرنسا و الولايات المتحدة الأمريكية – و أكيد إن إدراكهم هذا ربما يفسر صمتهم و سكوتهم على ما تعرضوا له في انتخابات 8 شتنبر .

و هنا سيقفز صديقي العزيز بسؤال و كأنهم وضعني في الزاوية المغلقة : إذا كان المخزن كما تقول قد تخلص من العدالة و التنمية في انتخابات 8 شتنبر فما تفسيرك لنتائج 5 أكتوبر هههه ؟؟؟ و كيف تفسر وقوف المخزن بجانب الحزب للحصول على تلك المقاعد التي رفضتها الأمانة العامة للعدالة و التنمية ؟؟؟ ثم يبتسم صديقي متيقنا بأن أسقط منطقي سقطة لن يقوم له مقام منها . و بابتسامة صغيرة مني أجيب صديقي ، إن ما وقع في انتخابات 5 أكتوبر يؤكد تحليلي و لا ينفيه ، يزكي منطقي و لا يسقطه ، الأمر بسيط كل البساطة جوهره في الجواب على السؤال التالي : هل من مصلحة المخزن القضاء نهائيا على حزب العدالة و التنمية ؟؟؟ هل من مصلحته مسح حزب العدالة و التنمية من خريطة الأحزاب المغربية ؟؟؟ من سيستفيد من محو الحزب ؟؟ من سيستفيد من إضعافه كل هذا الضعف ؟؟؟ و إلى أين ستذهب قواعد الحزب ؟؟ أين سيتوجه أنصار الحزب إن انتهى حزبهم ؟؟؟

الانتفاض

الجواب لن يحتاج لكثير من التفكير ، فالوجهة ستكون وجهة يسار العدالة و التنمية ، وجهة التنظيمات الإسلامية الأكثر تشددا و معارضة – العدل و الإحسان – و الأكثر تطرفا – التنظيمات الإسلامية المتطرفة و المؤمنة بالتغيير عن طريق العنف – هذه وجعتهم بعد أن يكفروا بالتجربة الديمقراطية المغربية و بعد أن يكفروا بالانتخابات المغربية و بعد أن يسقطوا من حساباتهم التغيير من داخل المؤسسات ، و هكذا ستنتقل جحافلهم إلى المعارضة الإسلامية الأشد ، هذا الانتقال بالتأكيد لن ينظر إليه المخزن لا نظرة اطمئنان ولا نظرة رضا ، لذا ليس من صالحه البتة القضاء نهائيا على حزب العدالة و التنمية و لا إسقاطه بالضربة القاضية ، بل هو محتاج لحزب مثل العدالة و التنمية لكن مقصوص الجناح لا مكسور الجناح ، ضعيفا لا ميتا ، و من هنا يأتي تفسير نتائج انتخابات 5 أكتوبر ، و من هنا كذلك يمكن فهم ذلك الرد ” العنيف ” و غير المتوقع من طرف الأمانة العامة للعدالة و التنمية و من هنا نفهم بلاغها بل و نفهم حتى الردود و الكتابات القوية لبعض أعضاء العدالة و التنمية.

نحن هنا لم نمت و لن نموت لأن الطبيعة في حاجة لنا ، فإما نحن أو مزيد من التطرف و المتطرفين ، فصوت العدالة و التنمية مقبول نعم و لكن مقبول كصوت ضعيف غير مؤثر ، القيادة مدركة لهذه الرغبة لذا عملت على تنفيذها بصمتها و سكوتها و رضاها بالواقع ، فما هو رد القواعد ؟؟؟ و ما هو جواب هذه القراعد على رغبة القيادة ؟؟؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام المقبلة و ما سيجيب عليه المؤتمر الاستثنائي للحزب المقرر نهاية الشهر الحالي ، هذا إن لم يتم تأجيله خوفا و تخوفا من مفاجآته …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى