في الواجهة

قراءة في حدث تعيين محمد بنشعبون سفيرا للمغرب في فرنسا

تعيين بنشعبون سفيرا للمغرب في فرنسا ليس مفاجأة، وليس تبخيسا للأدوار المطلوبة منه في هذه المرحلة حسب اعتقادي.

كنت كتبت إن التيار لم يكن يمر بين بنشعبون وأخنوش، وربما هو ما يفسر عدم استوزاره، وإن كان الأمر غريبا نوعا ما، بسبب الحظوة التي كانت له عند الملك، بدليل أنه خصه بملف يمكن اعتباره ملفا ملكيا هو إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار، وكان يرفض الخوض في بعض الملفات داخل المجلس الحكومي، ويعتبر أن الملك وحده من يمكنه مساءلته.

وحين انتشرت شائعة تعيينه واليا لبنك المغرب مكان الجواهري، بدا لي الأمر مستغربا نوعا ما، وخصوصا أن الرجل رغم تمرسه بعالم المال والأبناك، فإن تكوينه الأصلي هو الاتصالات، ولأن مقاربتي الجواهري وبنشعبون مختلفتان، وقد بدا هذا الأمر في تصريحاتها بعد آخر زيارة لرئيسة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجيفا، خصوصا ما تعلق بتعويم الدرهم، حيث كان بنشعبون أكثر انفتاحا لجهة التعويم الكامل، بخلاف القيود الاحترازية التي يتمسك بها الجواهري. والتي جنبت المغرب مخاطر ما وقع بمصر مثلا، ولذلك يصعب تغيير الجواهري إلا بمن هو قريب من “مدرسته”، فالأبناك المركزية عادة عصية على التغييرات الراديكالية.

بنشعبون رجل ثقة القصر من جهة، ورجل ثقة فرنسا من جهة اخرى، فقد شغل منصب رئيس كونفيديرالية الأبناك الشعبية عبر العالم (التابعة لفرنسا)، كما رأس المجموعة الفرنكوفونية لتقنين الاتصالات.

ولكي نفهم أهمية فرنسا في السياسة المغربية، فعادة حين يتم شغور منصب سفير لسبب طارئ (تعيين بنموسى وزيرا في حالتنا)، يتولى المهمة قائم بالأعمال مؤقتا، ويستمر الوضع لمدة لا بأس بها، لحين تعيين سفير جديد، لكننا اليوم في حالة بنشعبون، ربما أمام اسرع حالة تعيين سفير جديد، خارج الحركة “الانتقالية” العادية.

سفير للمغرب في فرنسا ليس منصبا عاديا، أحيانا قد يكون اهم حتى من منصب رئيس الحكومة. لأنه يتطلب رجل ثقة، وقادرا ليس فقط على كتمان السر، بل أن يمحو من ذاكرته كل ما عرفه من أسرار حين يغادر المنصب. خصوصا في هذه المرحلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى