ترامب وهتلر “وجهان لعملة واحدة” هل يسقط مايكل مور ترامب بفيلم وثائقي؟
تنتظر دور العرض السينمائية في 21 سبتمبر الحالي عرض الفيلم المنتظر «Fahrenheit 11/9» لصانع الأفلام الوثائقية الأمريكي الشهير مايكل مور. الفيلم تم عرضه لأول مرة في مهرجان تورنتو السينمائي يوم 6 سبتمبر الحالي، ويصفه مور بأنه “جرس إنذار” يجب أن يدفع جموع الشعب الأمريكي للقيام بدورهم وإيقاف الجنون الذي يجتاح الساحة السياسية الأمريكية في الوقت الحالي.
ومايكل مور هو أحد أشهر صانعي الوثائقيات في الولايات المتحدة، وهو صاحب اتجاه ليبرالي سياسيًا، وقدم العديد من الأفلام التي حققت صدًى ضخمًا في أوساط المجتمع الأمريكي. وأحد أبرز الأعمال التي قدمها مور، هو فيلم «Fahrenheit 9/11» والذي صدر عام 2004 ليناقش فيه وجهة نظره للتغيرات التي حدثت للمجتمع الأمريكي عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، والتي استخدمتها الإدارة الأمريكية وقتها في دفع أجندتها غير الأخلاقية بشن الحرب ضد أفغانستان والعراق.
حقق هذا الفيلم رقمًا تاريخيًا في الولايات المتحدة ليصبح أكثر الوثائقيات تحقيقًا للأرباح برقم 119 مليون دولار، كما فاز الفيلم بجائزة «السعفة الذهبية» في مهرجان كان السينمائي الشهير. الفيلم الأسبق لمور صدر عام 2002 تحت عنوان «Bowling for Columbine» والذي ناقش فيه ميل المجتمع الأمريكي للعنف باستخدام الأسلحة، وقوانين استمرار تملك الأسلحة للأفراد في الولايات المتحدة، وقد فاز الفيلم بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي.
Me Too كادت تقضي على الفيلم
نتذكر حملة Me_Too# الشهيرة عن التحرش الذي تواجهه النساء في بيئات العمل التي بدأت في الانتشار منتصف العام الماضي والتي وقع ضحيتها الكثير من الشخصيات العامة، وطالت الاتهامات فيها بشكل خاص الكثير من الشخصيات المؤثرة في مجال الفنون والسينما. الحملة بدأت ككرة من الثلج مركزها منتج الأفلام الشهير هارفي وينيستون، ثم استمرت في التضخم وابتلاع الكثير من الشخصيات الكبرى مثل كيفين سبايسي، وودي آلان وغيرهم. هارفي وينيستون كان هو المنتج المتحمس لفيلم مايكل مور عندما أعلن عنه للمرة الأولى في مايو 2017.
عقب انتشار الحملة على نطاق واسع، ومع كثرة الاتهامات التي واجهها وينستين، توقف تمويل الفيلم، وكان على طاقم العمل ومور التوقف مجبرين بسبب فشلهم في الحصول على تمويل مناسب للفيلم. يقول مور بأن هذا التأجيل الذي حدث قد غير من طبيعة الفيلم، والذي كان وقتها يشير بأصابع الاتهام ناحية العجز الكامل الذي يظهره ترامب وإدارته في البيت الأبيض.
صُدم مور عقب علمه بارتكاب وينستين للجرائم التي وجهت له، والتأثير الحتمي لهذه الفضيحة على فيلمه الجديد، لكنه شعر لاحقًا بالامتنان لأنه لو قام بإنتاج الفيلم وقتها لكان قد صب كامل تركيزه على الفوضى التي صاحبت الأيام الأولى المتخبطة لترامب في البيت الأبيض. يقول مور عن هذه المفارقة: «لدينا أحمق في البيت الأبيض ولسنا قلقين لأننا نعلم أنه لن يستطيع فعل الكثير. حسنًا، في هذه الحالة كان ليتم دفن الفيلم». بينما الآن، فإن مور لديه كل الوعود التي قدمها ترامب قبل وبعد انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، وأصبح يعرف بشكل أوضح من هو دونالد ترامب.
ترامب.. هتلر جديد أنتجته الديموقراطية الأمريكية
يشير اسم الفيلم «Fahrenheit 11/9» إلى يوم 9 نوفمبر عام 2016، وهو اليوم الذي أعلن فيه دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية بعد فوزه على مرشحة الحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون. ويرى مور أن فيلمه هذا سوف يكون بداية سقوط دونالد ترامب وخروجه الكبير من البيت الأبيض، وهكذا ينجح مور فيما فشل فيه الجميع منذ تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية.
الفيلم شبه صعود ترامب بصعود هتلر في ثلاثينيات القرن الماضي.
يشير مور في الفيلم إلى فرضية من شأنها أن تحدث زلزالًا في الأوساط الأمريكية، وهي أن دونالد ترامب يشبه إلى حد بعيد أدولف هتلر زعيم ألمانيا النازية في فترة الحرب العالمية الثانية. قارن مور، ومعه مؤرخ متخصص، بين خطابات دونالد ترامب في الولايات الأمريكية المختلفة بتلك الخطابات التي كان يلقيها أدولف هتلر أمام عشرات الآلاف من المواطنين الألمان.
ركز الفيلم في هذه المقارنة على فترات معينة في رحلة صعود الرجلين إلى السلطة، وهي القوى التي تكونت أو كانت موجودة بالفعل، وساهمت بشكل كبير في فوز ترامب بالانتخابات عام 2016. وجد مور أن هذه القوى المتشكلة تشبه إلى حد بعيد تلك القوى والمتغيرات المحلية والدولية التي أثرت على المجتمع الألماني وسمحت بصعود رجل مثل أدولف هتلر إلى رأس السلطة في ألمانيا ثلاثينيات القرن الماضي.
يقول مور: «نحن نحاول استكشاف سؤال: كيف، بحق الجحيم، أصبحنا في هذه الفوضى، وكيف يمكن أن نخرج منها. هو (ترامب) موجود معنا منذ مدة طويلة، وقد تصرفنا بطريقة معينة لفترات طويلة، وعندما تنظر إلى الوراء الآن تدرك كم أن الطريق كان ممهدًا له». يرى مور أن ما يحدث في المجتمع الأمريكي الآن يمكن تشبيهه بالحرب، والتي يجب على الجميع بذل كل ممكن للخرج منها بسلام. يحذر مور حال عدم الاكتراث بما يحدث الآن، أن الجميع سوف يعانون من خيبات أمل متواصلة جراء ما ستنتجه السنوات القادمة إذا ظل ترامب حاكمًا للولايات المتحدة الأمريكية.
ترشح للرئاسة بدافع الغيرة من مغنية بوب أمريكية
مور كان أحد الليبراليين القلائل في الولايات المتحدة الأمريكية الذين توقعوا فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية في 2016. توقع مور هذا الفوز لترامب رغم اعتقاده بأن ترامب لم يكن يريد أن يصبح رئيسًا للولايات المتحدة بالأساس. يرى مور أن الدافع الرئيس لترشح دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة هو إثبات شعبيته، وقد حرك هذا الدافع غيرته الشديدة من مطربة البوب الأمريكية جوين سيفاني.
في عام 2015، عرف دونالد ترامب أن شبكة «NBC» أعطت مغنية البوب الأمريكية جوين ستيفاني أجرًا عن ظهورها في برنامج «The Voice» أعلى مما أعطته شخصيًا عن ظهوره في برنامج «The Apprentice». يقول مور عن تأثير هذا الأمر على ترامب: «لقد تحدث كثيرًا عن ترشحه للرئاسة منذ عام 1988، لكن لم يرد حقًا أن يصبح رئيسًا». لم يحدث أن أصبح ترامب بهذا الإصرار على الترشح إلى بعد هذه الحادثة، بحسب رؤية مور.
الوقت المناسب “للإيقاع بالثور”
هل هناك وقت مناسب لخروج فيلم كهذا إلى الضوء في الولايات المتحدة الأمريكية؟ الإجابة البسيطة هي أن كل وقت يمر وترامب داخل البيت الأبيض هو الوقت المناسب لكل معارض بأن يخرج كل ما لديه لتعرية فشل إدارة ترامب، لكن النظر المتعمق إلى الأحداث التي تشغل الرأي العام الأمريكي في هذا الوقت قد يشير إلى تناسب وقت عرض الفيلم الآن عن أي وقت آخر.
يعرض الفيلم في نفس الأسبوع الذي عرضت فيه جريدة «نيويورك تايمز» مقالًا محذوف الاسم، بالمخالفة لقواعد النشر لديها، والذي يصفه كاتبه بأنه يعلن عن حالة المقاومة الداخلية لإدارة ترامب، وهي الحالة التي تكون فيها المعارضة من داخل الصف الرئاسي نفسه. وصف المقال ترامب بالشخص «غريب الأطوار»، وقد اعترف بأن هناك بعض الشخصيات داخل إدارة ترامب يعملون على إخراجه من البيت الأبيض عن طريق «المقاومة الهادئة»، بحسب وصفه.
يتزامن كل هذا الصخب حول إدارة ترامب للولايات المتحدة مع صدور كتاب استثنائي للكاتب الصحفي بوب وودوارد، والذي قال فيه أن ترامب غير منيع أمام القرارات الاندفاعية غير المدروسة، والتي ينفرد بها عقب الأحداث أو الأخبار التي تتسبب في إثارة غضبه. من بين أكثر الأشياء إثارة والتي جاءت في الكتاب هي أن ترامب أراد اغتيال رأس النظام السوري بشار الأسد، وقد أصدر بالفعل أوامره لوزير الدفاع باغتيال الأسد وبعض المسئولين في نظامه، وذلك عقب إحدى المرات التي استخدم فيها النظام السوري الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.
البيت الأبيض كان قد أصدر بيانًا قال فيه إن ما جاء في كتاب وودوارد هو عبارة عن مجموعة من القصص المختلقة بالكامل، بينما لم يتم إصدار أي بيانات حول فيلم مور حتى الآن، ويتوقع البعض أن تصدر بيانات في الأيام القادمة من داخل البيت الأبيض، وربما يخرج ترامب بنفسه للتعليق على حسابه الخاص على موقع «تويتر».
ترامب لن يكون الوحيد الذي سيؤرقه الفيلم
يرى مور أن ترامب لم يكن ليصعد إلى سدة الحكم لولا أن هُيئت الظروف بالكامل لصعوده، هذه الظروف التي سمحت بصعوده شكلتها الكثير من الشخصيات والمؤسسات في المجتمع الأمريكي. لم يكن ترامب محور الهجوم الوحيد داخل الفيلم، بل انتقد مور الكثير من الشخصيات في الحزب الديموقراطي، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والمرشحة عن الحزب الديموقراطي في الانتخابات الأخيرة هيلاري كلينتون.
Embed from Getty Images
انتقد مور بشدة خطاب الحزب الجمهوري إبان انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، واصفًا إياه بالضعيف وغير المؤثر، بينما يتهم السياسات الديموقراطية والحزب نفسه بالمحسوبية وعدم الكفاءة. كذلك يسعى مور داخل الفيلم الذي يمتد لساعتين خلف كل من هم على مقربة من ترامب، حتى إنه ناقش قصة الشائعات التي تتحدث عن علاقة ترامب غيراللائقةبابنته إيفانكا.
وُجّه الكثير من النقد تجاه وسائل الإعلام الأمريكية، خصوصًا صحيفة «نيويورك تايمز»، واتهمت بأنها قد تعرضت للتلاعب من قبل ترامب لكي يحصل على شعبية أكبر مع بداية حملة ترشحه للانتخابات الرئاسية. كذلك يشار إلى المعارضة الشرسة التي واجهتها هيلاري كلينتون من بعض رجال الإعلام أثناء حملتها الانتخابية، والذين واجهوا لاحقًا اتهامات بالتحرش الجنسي.
المصدر: الموقع الإعلامي ساسة بوست