اختراق التلفزيون الرسمي الإيراني وبثّ صور وشعارات مناهضة للسلطات
باريس (أ ف ب) – اخترق نشطاء يدعمون موجة الاحتجاجات التي تقودها النساء في إيران بثّا إخباريا مباشرا للتلفزيون الحكومي، ووضعوا إشارة تصويب وألسنة لهب على وجه المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، ولقي تسجيل فيديو للاختراق انتشارا واسعا على الانترنت.
وفي رسائل أخرى مناهضة للنظام، كتبت عبارات “الموت لخامنئي” و”الشرطة قتلة الشعب” على لوحات إعلامية عامة في طهران.
وكتب النشطاء على شاشة التلفزيون عند الساعة 21,00 السبت رسالة مفادها “أيديكم ملطخة بدماء شبابنا”، فيما تهز الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني (22 عاما) طهران ومدنا أخرى.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية “إرنا” أن “قوات الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق حشود في عشرات المواقع في طهران”، مضيفة أن المتظاهرين “رددوا شعارات وأشعلوا النار وألحقوا أضرارا بممتلكات عامة، بما في ذلك كشك للشرطة”.
اندلعت الاحتجاجات اثر وفاة أميني في 16 سبتمبر بعد ثلاثة أيام من اعتقالها في طهران على يد شرطة الأخلاق سيئة الصيت بتهمة انتهاك قواعد لباس المرأة الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
جرى الاختراق أثناء بثّ التلفزيون لقطات للقاء خامنئي بمسؤولين في الدولة، وأعلنت جماعة “عدالة علي” مسؤوليتها عنه وأضافت شعارا في الزاوية اليمنى العليا من الشاشة يقول “انضموا إلينا وانتفضوا”.
وأظهرت اللقطات التي بُثّت لعدد من الثواني صورا بالأبيض والأسود لأميني وثلاث نساء أخريات لقين حتفهن خلال أكثر من ثلاثة أسابيع من الاضطرابات والقمع الأمني.
وقالت “منظمة حقوق الإنسان في إيران” نقلا عن حملة أطلقها نشطاء من إتنية البلوش في المملكة المتحدة، إن 90 شخصا آخرين قتلوا في أقصى جنوب شرق إيران في اضطرابات 30 سبتمبر التي اندلعت بسبب انتشار خبر غير مؤكد حول اغتصاب قائد في شرطة محافظة سيستان بلوشستان فتاة في سنّ المراهقة.
من جهتها أكدت “إرنا” أن أحد عناصر الحرس الثوري قتل السبت في مدينة سنندج مركز محافظة كردستان، كما توفي أحد أفراد قوة “البسيج” شبه العسكرية المرتبطة بالحرس في طهران “بعد معاناته من إصابة خطرة بالرأس جراء اعتداء مسلح”. ويرفع ذلك إلى 14 عدد القتلى في صفوف قوات الأمن.
“الكثير من الاحتجاجات”
تشهد إيران أكبر موجة اضطرابات اجتماعية منذ نحو ثلاث سنوات، شملت خروج تظاهرات شارك فيها طلاب جامعات وحتى تلميذات شابات هتفن “المرأة، الحياة، الحرية”.
وقال الناشط والصحافي المقيم في الولايات المتحدة عميد مماريان عبر تويتر “تشير مقاطع الفيديو من طهران إلى وجود الكثير من الاحتجاجات في كل ركن من أركان المدينة بأعداد صغيرة وكبيرة”.
وفي مدينة سقز بمحافظة كردستان مسقط رأس أميني، هتفت طالبات مدارس وسرن في الشارع ملوحات بحجابهن في الهواء، وفق ما أظهرت مقاطع فيديو قالت منظمة “هنكاو” الحقوقية إنه تم تسجيلها السبت.
وانتشرت لقطات مروعة تظهر تعامل القوات الأمنية العنيف غالبا مع المحتجين، وجرت مشاركتها عبر الإنترنت رغم انقطاع الشبكة على نطاق واسع وحظر منصات وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسية.
يُظهر أحد مقاطع الفيديو رجلاً قُتل بالرصاص أثناء قيادة سيارته في سنندج، وقد قال قائد شرطة الإقليم علي آزادي لاحقًا بأنه “قتل على يد قوات مناهضة للثورة”.
ويظهر في مقطع فيديو آخر تمت مشاركته على نطاق واسع رجالا غاضببن ينتقمون على ما يبدو من أحد أفراد ميليشيا “البسيج” بضربه بشدة.
وظهرت في مقطع فيديو آخر امرأة شابة قيل إنها قتلت بالرصاص في مدينة مشهد بشمال شرق البلاد.
وقال كثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي إن الفيديو ذكرهم بالشابة ندى آغا سلطان التي تحولت إلى رمز لدى المعارضة الإيرانية بعد أن قُتلت بالرصاص في احتجاجات العام 2009.
“لم نعد خائفين”
في مواجهة العنف والقيود على الإنترنت، اعتمد المتظاهرون تكتيكات جديدة لنشر رسالتهم في الأماكن العامة.
وأظهرت صور تحققت فرانس برس من صحتها، لافتة كبيرة وُضعت على جسر في طريق مدرس السريع في طهران وكتب عليها “لم نعد خائفين. سنقاتل”.
في فيديو آخر، يظهر رجل يحمل علبة رشّ وهو يغير كتابة على لوحة إعلانات حكومية على نفس الطريق السريع من “الشرطة في خدمة الشعب” إلى “الشرطة قتلة الشعب”.
وانتشرت أخبار عن تلوين المياه في عدة نوافير في العاصمة الإيرانية بدهان أحمر بلون الدمّ، لكن رئيس منظمة حدائق بلدية المدينة علي محمد مختاري قال “هذه المعلومات خاطئة تمامًا ولا يوجد أي تغيير في ألوان النوافير في طهران”.
واتهمت إيران قوى خارجية بإثارة الاحتجاجات، فيما نُظمت احتجاجات تضامنية في عشرات المدن في أنحاء العالم. وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحكومات أخرى عقوبات جديدة على إيران.
وبشأن وفاة أميني، قالت السلطات الجمعة إن تحقيق الطب الشرعي خلص إلى أنها توفيت نتيجة لحالة طبية طويلة الأمد، وليس نتيجة ضربات على الرأس كما يؤكد النشطاء.
وقال والد أميني لمحطة “إيران إنترناشيونال” ومقرها لندن، إنه رفض التقرير الرسمي، مؤكدا “رأيت بأم عيني أن الدماء نزلت من أذني مهسا ومؤخر رقبتها”.