الرئسيةرأي/ كرونيك

لطيفة البوحسيني تكتب: تقاطب واستقطاب بين العلمانيين / الحداثيين والإسلاميين المحافظين، شاخت حججهما وبهتت فكرتهما وأصبحا متجاوزين

البوحسيني
بقلم الناشطة و الفاعلة الحقوقية لطيفة البوحسيني

هذا التقاطب والاستقطاب بين العلمانيين / الحداثيين والاسلاميين المحافظين طال أمدهما وانكشف تهافتهما وضعفت قدرتهما على التعبئة وشاخت حججهما وبهتت فكرتهما وأصبحا متجاوزين.

فإذا كانت لكل اتجاه في الماضي أسباب ودواع مقنعة للوجود والتعبير عن نفسه كتيار سياسي، فإن التحولات العميقة والمتعددة سواء الذاتية منها الخاصة بكل اتجاه، أو الموضوعية علاقة بالمجتمع وبالنظام السياسي، تفرض أخذها بعين الاعتبار والتفاعل معها وترتيب المراجعات العميقة التي تستدعيها وتدعو إليها.

بدل ذلك، يسترعي الانتباه كيف انشغل هؤلاء بتمديد عمر الصراع بينهم بشكل فاضح، يؤكد أن وراء الأكمة صراع المواقع لكل واحد منهما.

توارت القضايا إلى الخلف وحضرت أساليب التحييد والتهميش والاستئصال المتبادل.

تراجعت التعبئة والنقاش العميق والاستفادة من التراكمات واستخلاص الدروس منها، وحضر بدل ذلك الاصطفاف خلف بعض المؤسسات استنجادا بها وطلبا لحمايتها وإنقاذ الواحد من مخالب عدوه المفترض.

ها هو تيار يستنجد بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان كي يقوم مقامه في الدفاع عن التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان رافعا لواء الدستور (2011) والتي يهددها “النكوصيون الظلاميون”.

بالمقابل ها هو “التيار” الآخر يحتمي بالمجلس العلمي الأعلى طالبا منه حماية الدين الإسلامي من هجمات “الكفار” المارقين والخارجين عن الدين.

هي ياسادة مجالس ومؤسسات دستورية وضعت في سياق معين وكان الغرض منها نوعا من “الحكامة”، لكنها تحولت إلى أدوات يعتمدها النظام اليوم لضبط المجتمع وتمرير سياساته فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان وقضايا المجتمع بالشكل الذي يجعله الرابح الأول والأخير.

تحولت إلى وسائل الضبط، لأنكم بدل الاستمرار في الانغماس في قلب المجتمع والإنصات إليه وفسح المجال له في إطاراتكم ليرفع صوته ويسمع هديره ومطالبه، فضلتم الانشغال بترتيب ما يضمن لكم رضى هذه المجالس ومعها الإضعاف الذاتي الواضح.

من أراد أن يتموقع ويضمن لنفسه مكانا تحت شمس المجالس وفي لجانها ومعها التعويضات، فله ذلك…

فقط، وجب التنبيه إلى أن هذه المقاربة بلغت مداها واستنفذت ما كان منتظرا منها…ولم يعد في جعبتنا ما يكفي من صبر على صراع يهرب القضايا العادلة لخدمة الاجندات الشخصية المتلبسة بلباس الايديولوجيا سواء السياسية منها أو الدينية

نحن بحاجة للانخراط في قلب المجتمع والتقاط قضاياه الحيوية والصراع من أجل انتزاع مكتسبات بخصوصها..والاستعداد لأداء الثمن والكلفة.

لسنا بحاجة إلى توجيه بيانات الالتماس و”الرغبة والمزاوكة” للنظام لينظر بعين الرضى لهذا الاتجاه ومعها خدمة الوجه “الحداثي” للنظام، أو تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم تذكر بالتشبث بالعمق الديني المغربي، خدمة للبعد الديني لنفس هذا النظام.

فليس هناك أي تعارض بين العمق الديني والأفق الحقوقي.

كل المرجعيات القائمة على تحقيق القضايا العادلة مرحب بها، وهي مرجعيات تتقاطع لا تتناقض حينما يكون الهاجس والهدف هو الدفع في اتجاه تحقيق الكرامة.

يبدو أنها دورة تشرف على نهايتها، يبقى من الملح التفكير وطرح النقاش بالشكل الذي يجعلنا نستفيد من كل التراكمات، الفكري منها والسياسي والتنظيمي لفتح آفاق جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى