تواجه وزارة الفلاحة المغربية مرة أخرى تحديات كبيرة في معالجة أزمة الإنتاج المحلي، وهذه المرة تتعلق بزراعة الزيتون، أحد المنتجات الزراعية الأساسية في البلاد. بعدما أثار مشروع استيراد الأضاحي استياءً واسعًا وفشلًا واضحًا في تحقيق أهدافه، تتجه الأنظار نحو الوزارة وتخوفاتها من أن تكرر نفس الخطأ باللجوء إلى استيراد الزيتون، متجاهلة مشكلات القطاع الزراعي الوطني.
أعرب عدد من منتجي الزيتون وزيت الزيتون في منطقة مراكش آسفي عن قلقهم إزاء ما يرونه تلميحات من الوزارة نحو دعم استيراد الزيتون لتغطية النقص الكبير المسجل هذا العام، و يرى هؤلاء المنتجون أن الوزارة تبرر هذا التوجه بحماية السوق المحلية وضمان استمرارية الصادرات، لكنهم يرون في ذلك إهمالًا للقطاع الزراعي الوطني وضربة موجعة للمنتجين المحليين.
وفقًا لهؤلاء المنتجين، فإن اللقاء الأخير الذي جمع وزير الفلاحة محمد الصديقي مع مسؤولي فدرالية مصبرات المواد الفلاحية بداية الشهر الجاري، يعتبر خطوة مقلقة, فهم يرون في تشجيع استيراد الزيتون الأجنبي تكرارًا لتجربة استيراد الأضاحي التي لم تسفر إلا عن إهدار الأموال العامة دون تحقيق نتائج ملموسة في تحسين سوق الأضاحي المحلية.
في هذا السياق عبّر رشيد، وهو فلاح شاب من إقليم الحوز، عن استيائه من هذه السياسات، مشيرًا إلى أن الحوار حول القضايا الزراعية يجب أن يبدأ مع الفلاحين أنفسهم قبل النظر في دعم الوحدات الصناعية.
وأضاف أن القطاع الزراعي يعاني من مشاكل عدة منذ سنوات، بدءًا من الجفاف والتغيرات المناخية التي أثرت بشكل كبير على الإنتاج، وصولًا إلى القروض البنكية التي تثقل كاهل المزارعين وتزيد من أعبائهم المالية.
إلى ذلك يرى، المتحدث ذاته، إلى أن تجاهل الوزارة لهم سيقود العديد من الفلاحين نحو الإفلاس، لذا دعا الهيئات المهنية إلى التحرك للدفاع عن مصالح المنتجين، ونقل صوتهم ومعاناتهم إلى المسؤولين والرأي العام.
وأضاف أن تأخر إزهار أشجار الزيتون هذا العام قد لا يؤدي فقط إلى ضعف المحصول، بل إلى سنة بيضاء تمامًا.
من جهته، أبدى فلاح آخر من قلعة السراغنة استغرابه من غياب الوزارة عن مشاورات منتجي الزيتون، رغم أنهم الأكثر تضررًا، واعتبر أن الحلول المقترحة خلال اجتماع 3 غشت لا تقدم شيئًا يخفف من أعباء المنتجين كما عبّر عن خيبة أمله من وعود الوزارة بتفعيل عقود البرنامج، التي لم يرَ لها أي أثر في الواقع.
في ظل هذه الظروف الصعبة، شدد فلاح آخر من قلعة السراغنة على أهمية فتح باب الحوار والنقاش مع المنتجين والمستثمرين في قطاع الزيتون. وأكد أن الحلول السهلة، مثل استيراد الزيتون، لا تفيد سوى فئات محدودة، وتكلف ميزانية الدولة مبالغ طائلة دون تقديم حلول مستدامة للقطاع.
الفلاحون في منطقة مراكش آسفي كانوا قد دقوا ناقوس الخطر منذ مارس الماضي بشأن تأخر إزهار أشجار الزيتون. وقد عبرت الجمعية الجهوية لمنتجي الزيتون بالمنطقة عن مخاوفها من تأثير هذا التأخر على محصول الزيتون هذا العام، خاصة بعد ارتفاع أسعار الزيتون بشكل غير مسبوق في الموسم الماضي.
ختامًا، طالبت الجمعية الجهوية لمنتجي الزيتون وزارة الفلاحة بوضع خطة استعجالية لمواجهة الخطر الذي يهدد زراعة الزيتون والفلاحين المنتجين. ودعت إلى التعاون مع المعاهد الوطنية للأبحاث الزراعية لتحديد الأسباب الحقيقية لعدم إزهار أشجار الزيتون هذا العام. كما شددت على ضرورة دعم الفلاحين بالأسمدة والإعانات المالية لمساعدتهم في الحفاظ على أشجارهم، وتيسير إجراءات استغلال وتعميق الآبار، إلى جانب بناء سدود تلية للحفاظ على المياه التي تذهب هدراً بعد هطول الأمطار.
في ظل هذه الظروف الصعبة، يبقى السؤال الأهم: هل ستتخذ وزارة الفلاحة خطوات جريئة لحماية المنتجين المحليين والقطاع الزراعي الوطني، أم أنها ستكرر نفس الأخطاء السابقة وتلجأ إلى استيراد الزيتون كحل سريع؟