الصين على أعتاب تريليون دولار فائض تجاري.. هل يشهد 2024 رقماً قياسياً تاريخياً؟
تتجه الصين إلى تسجيل فائض تجاري تاريخي قد يصل إلى تريليون دولار أمريكي في العام 2024، وفقاً لتقديرات وكالة “بلومبرغ”، يُعد هذا الإنجاز الاقتصادي، إن تحقق، علامة بارزة في مسيرة البلاد الاقتصادية، ويعكس تحولها إلى واحدة من أهم القوى الاقتصادية العالمية التي تعتمد بشكل متزايد على الصادرات لتحقيق النمو الاقتصادي، حيث بلغ الفائض التجاري السلعي للصين حوالي 785 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2024، وهو ما يمثل زيادة قدرها 16% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023، ويُعزى هذا الأداء الاستثنائي إلى عدة عوامل رئيسية ساهمت في تعزيز الصادرات والحد من الواردات، في وقت تواصل فيه الصين استراتيجيتها لتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
ومن اللافت للنظر أن الفائض التجاري الصيني يشمل تجارة السلع فقط، حيث سجل هذا القطاع نمواً هائلاً ليصبح أحد أعمدة الاقتصاد الصيني، خاصة في مجالات التقنية والتصنيع.
وإذا ما استمرت وتيرة التوسع التجاري الحالية حتى نهاية العام، قد تحقق الصين فائضاً تجارياً يتجاوز تريليون دولار للمرة الأولى في تاريخها.
يأتي هذا النمو المتسارع نتيجة لعدة عوامل ساعدت الصين في تحقيق هذا الفائض القياسي، من أبرزها: زيادة الصادرات في مجالات التقنية والتصنيع حيث تواصل الشركات الصينية تحقيق طفرة في إنتاج وتصدير المنتجات التقنية والمعدات الصناعية المتقدمة، كما أن الطلب المتزايد على المنتجات الصينية من الأسواق العالمية، خاصة من الدول النامية، ساهم بشكل ملحوظ في تحقيق هذا الفائض.
إضافة إلى ذلك أظهرت الصين تطورًا في قطاع الإنتاج المحلي لتلبية الطلب الداخلي، مما يقلل الاعتماد على الواردات ويعزز قيمة الصادرات، ويمثل الإنتاج المحلي المتنامي محوراً رئيسياً في استراتيجيات الحكومة الصينية نحو الاكتفاء الذاتي وتقليل الواردات، هذا و عملت على تعزيز علاقاتها التجارية مع عدة مناطق خارجية وتوسيع أسواقها التقليدية، خاصة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية. وقد ساعد تنويع الأسواق في تعويض التباطؤ في الطلب من بعض الاقتصادات الكبرى.
في نفس السياق، استطاعت الصين تخطي العديد من التحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم، بفضل سياسات اقتصادية مرنة وملائمة ساعدت في استمرار تدفق السلع الصينية إلى الأسواق العالمية.
على صعيد آخر، و رغم المؤشرات الإيجابية، يواجه الاقتصاد الصيني بعض التحديات التي قد تؤثر على تحقيق هذا الهدف، فالتوثرات التجارية مع الولايات المتحدة، وتباطؤ النمو في بعض الأسواق الكبرى، بالإضافة إلى التقلبات الاقتصادية العالمية، قد تؤدي إلى تقليص نسبة الفائض التجاري.
كما قد تؤدي هذه الفوائض التجارية الكبيرة إلى إثارة قلق الشركاء التجاريين للصين الذين قد ينظرون إلى هذا الفائض على أنه عامل يسبب اختلالات تجارية تؤثر على توازنات الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن تحاول بعض الدول فرض إجراءات حمائية للتقليل من العجز التجاري مع الصين.
من جهتها و لتعزيز فائضها التجاري، من المتوقع أن تستمر الصين في تنفيذ سياسات داعمة للصادرات، وتقديم تسهيلات مالية وإعفاءات ضريبية للشركات المحلية، كما قد تستمر الحكومة الصينية في التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مثل الصناعات التقنية والطاقة المتجددة، وتطوير استراتيجيات جديدة لتعزيز تنافسية منتجاتها عالميًا.
ختاماً، يمثل هذا الفائض التجاري القياسي، في حال تحقيقه، خطوة مهمة للصين لتعزيز مكانتها كقوة اقتصادية عالمية، وإبراز قدرتها على الاستجابة لمتطلبات الاقتصاد العالمي المتغيرة.