الرئسيةمجتمع

إلغاء التغطية الصحية للطلبة.. بين إصلاحات تبدو ضرورية وتحديات في التنفيذ التنفيذ

في خطوة غير متوقعة، أعلن مشروع القانون المتعلق بدمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن إلغاء نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الذي كان مخصصًا للطلبة.

و يبدو للوهلة الأولى أن هذه التغييرات تأتي في إطار الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى ترشيد النفقات وتحسين المنظومة الصحية، لكن هذه الخطوة تثير العديد من التساؤلات حول تأثيراتها على الفئات المستهدفة، وكيفية تطبيقها في ظل الظروف الحالية.

فالنظام الذي تم إلغاؤه كان يهدف إلى توفير التغطية الصحية للطلاب الذين لا يستفيدون من أي تأمين صحي آخر، بيد أن الحكومة تبدو وكأنها تتجه نحو تفعيل آلية جديدة توفر للطلبة التغطية الصحية، ولكن من خلال تضمينهم في التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، الذي أصبح يشمل كافة المواطنين، وبذلك، سيكون بمقدور الطلاب الاستفادة من هذا النظام فقط إذا كانوا من “ذوي الحقوق” – أي الذين يتمتعون بتغطية صحية ضمن أسرهم.

لكن التوسع في هذا النظام يتضمن تغييرات مهمة، حيث تقرر رفع سن الاستفادة من 26 إلى 30 عامًا، شريطة أن يكون الطالب غير متزوج وملتزمًا بالدراسة في مؤسسة تعليمية معترف بها سواء في القطاع العام أو الخاص، إن هذه التعديلات قد تبدو إيجابية في ظاهرها، لكنها تفتح المجال لمزيد من التساؤلات حول ملاءمتها للمجتمع الجامعي، وخاصة في ظل التفاوت الاجتماعي والاقتصادي الذي قد يعيق قدرة بعض الطلاب على الاستفادة من هذه التغطية.

إن أحد الجوانب الأكثر إثارة للجدل هو ما يتعلق بالطلبة الذين كانت الدولة تتحمل عنهم المساهمة السنوية، هؤلاء سيستفيدون من نظام تأمين مخصص للأشخاص غير القادرين على تحمل تكاليف الاشتراك، ولكن هذه الاستفادة ستكون مشروطة بتقديم طلبات ضمن فترات زمنية محددة، وقد تتطلب عملية التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد.

كما ان الاعتماد على التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد يطرح تحديات عملية، ففي حين أنه يمكن أن يكون خطوة نحو تحسين إدارة الدعم الاجتماعي، فإن الكثير من الطلبة قد يجدون صعوبة في الوصول إلى هذا السجل، وخاصة في ظل نقص الوعي والإلمام بالإجراءات المعقدة التي قد تكون مطلوبة، و علاوة على ذلك، فإن ربط التأمين الصحي بمؤشر الدعم الاجتماعي قد يخلق حالة من الإرباك والاعتماد المفرط على الإجراءات البيروقراطية، مما قد يؤخر أو يعرقل وصول الخدمات إلى المستفيدين الفعليين.

وفي هذا السياق، تبرز الحاجة إلى إعادة تقييم مدى قدرة هذا النظام على تلبية احتياجات الطلبة بشكل عادل وفعال. بدلاً من إلغاء النظام الذي كان يوفر التغطية الصحية بشكل مباشر للطلبة، كان من الأفضل تحسينه أو توسيع نطاقه بما يتماشى مع التحديات المالية الحالية، دون إلغاء التغطية تمامًا.

من جهة أخرى، فإن فرض شروط إضافية مثل “عدم القدرة على تحمل الاشتراك” قد يعرض بعض الطلاب إلى ضغوط إضافية، في الوقت الذي يفترض أن يكون الهدف هو تسهيل وصولهم إلى الخدمات الصحية.

بالمجمل، بالرغم من أن المشروع يهدف إلى دمج الأنظمة الصحية لتبسيط الإجراءات، فإن النتائج المترتبة على إلغاء نظام التأمين الصحي للطلبة تتطلب تفكيرًا أعمق، و على الحكومة أن تواكب هذه الإصلاحات بخطط تنفيذية واضحة تضمن عدم تعريض الطلبة للعديد من المخاطر الصحية والاقتصادية، وإلا، فقد يكون لهذه الخطوة تأثير سلبي على الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، مما يزيد من تعقيد وضعهم بدلاً من تحسينه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى