الرئسيةميديا وإعلام

إعلام عبري..”صفقة المخطوفين” تحرّر إسرائيل من كذبة “النصر المطلق”

عن «هآرتس» وترجمة “الأيام الفلسطنية”

آلاف الغزيين، الذين عادوا إلى انقاض بيوتهم، هم كما يبدو فشل آخر خطير في التخطيط للحرب. فشمال القطاع، مثل ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، اعتبر جزءاً لا يتجزأ من «أرض الميعاد»، أي أماكن مقدسة لن نتنازل عنها إلى الأبد، وهي العلاج التاريخي لدمار الانفصال. ها هو يتضح أنها كانت مجرد ورقة مساومة بالإجمال، وأنه مقابل ثمن مناسب يمكن التنازل عنها.

الثمن حقا يستحق. إعادة المخطوفين، الذين تم التخلي عنهم، وتم استخدامهم طوال 15 شهرا ورقة مساومة في لعبة سياسية مشوهة، تساوي كل قطاع غزة. هذه ليست أقوالاً أخلاقية وقيمية، لكنها بالتدريج أخذت تترسخ ولكن بتأخير باعتبارها الإنجاز الأساسي وربما الوحيد في هذه الحرب، وأيضا هو ما زال يتعرض للتهديد طالما أنه يحلق فوق المخطوفين، الذين لم يتم تحريرهم بعد من أسر «حماس»، خطر استئناف الحرب.

أيضا استئناف الحرب لم يعد هدفا استراتيجيا، بل وعد سياسي، جوكر تم توزيعه على مسيحانيي «الصهيونية الدينية» مقابل تمديد حياة الائتلاف. على ضوء ذلك من الجدير أيضا فحص السرور الذي يرافق النجاح في «لي ذراع (حماس)»، التي وافقت على زيادة وتبكير حصة المخطوفين، الذين سيتم إطلاق سراحهم، وكأن صمود نتنياهو وتصميمه على تأخير فتح ممر نتساريم أمام السكان الغزيين هو الذي احدث المعجزة.

من الضروري التذكير بأن جميع المخطوفين، حتى الذين تم الحكم عليهم باستمرار الانتقال خلال خطة المراحل المؤلمة، كان يمكن لنتنياهو إطلاق سراحهم قبل اشهر كثيرة مقابل وقف مطلق وكامل للحرب على الفور. ويجب عدم نسيان إسهام الزعيمين بايدن وترامب في تسريع الصفقة وتنفيذ مراحلها الأولى. وبدونهما كانت عودة المراقبات ستكون مجرد أمنية للمستقبل البعيد فقط.

تعطي صفقة المخطوفين إسرائيل التحرر من أوهام أساسية، بسببها يواصل معظم المخطوفين التألم.

الأول هو وهم تدمير «حماس»، الذي يمر «بالتكيف».

والثاني هو أن كذبة تفوّق ضغط الجيش الإسرائيلي يتم استبدالها بـ»حملة وعي».

«ما الذي سيفكر فيه الغزيون بشأن الدمار الذي لحق بممتلكاتهم، وكيف سيردون على تدمير بيوتهم؟»، يتساءلون في مختبر الوعي التابع للاستوديوهات والمحللين والمفكرين الذين يقومون بمسح الشبكات الاجتماعية، ويقومون باصطياد أشخاص عرضيين لإجراء المقابلات معهم من اجل استخراج إثباتات منهم بأن الفلسطينيين في غزة يكرهون «حماس»، وأنها هي المسؤولة عن الكارثة، وكأن الأمر يتعلق بتحليل حملة انتخابات واحتمالية فوز «حماس» فيها. هكذا تبدو مسودة محتلنة لصورة النصر.

لكن عندها تبين أيضا التناقض الكبير. ليس آلاف الأطنان من القذائف وتصفية القادة والزعماء أو تدمير مصانع إنتاج السلاح هي التي ستدمر «حماس»، بل حملة انتقام سكان غزة على الدمار الذي أوقعته عليهم «حماس». البؤساء، الذين ينبشون في الأنقاض للعثور على أبناء عائلاتهم تحتها، ملقاة عليهم الآن مهمة تدمير «حماس»، حيث يجب عليهم الانتقام. هل لم نكن لنتصرف بهذا الشكل لو أن زعماءها يجلبون لنا مثل هذا الدمار؟

الآن، سكان غزة، الذين كان يمكن أن يحملوا من الآن فصاعدا راية الانتفاضة ضد «حماس»، أو على الأقل يمنعونها من كل دعم جماهيري، يرون كيف أن اسرائيل تدير مع «حماس» ذاتها هذه المفاوضات على أهمية احترام الاتفاق كأمر مقبول على دولتين متساويتين في المكانة، وليس على منتصر ومهزوم.

صحيح أن «حماس» تم ضربها ضربة قاسية، وقيادتها تم تدميرها، وأنفاقها تم تفجيرها، لكنها هي التي تدير «مشروع العودة» لمئات آلاف الغزيين إلى أحيائهم، ورجال شرطتها هم الذين يشرفون على توزيع الغذاء الذي يأتي في قوافل المساعدات، وموظفوها هم الذين يتسلمون آلاف الخيام التي يتم إرسالها إلى القطاع.

يوجد بديل لذلك، لكن استخدامه يهدد «استمرار الحرب»، وصورة الحرب التي كانت مستمرة وما زالت مستمرة، وخاصة الكلمة التي قمنا بإعطائها، أي الوعد بمواصلة الحرب. لذلك، نحن سنستمر. ما هو الثمن إذاً؟ مثلما هي الحال بالنسبة لـ»حماس» يبدو أننا نحن أيضا لا يهمنا هذا الثمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى