
عرض مسرحية “بريد” بالرباط
قدمت فرقة مسرح الشامات، مساء الثلاثاء، بقاعة باحنيني بالرباط، عرضها المسرحي “بريد”، من تأليف وإخراج بوسلهام الضعيف، والمقتبس نصه من رواية “بريد الليل” للكاتبة اللبنانية هدى بركات.
وتروي هذه المسرحية، التي شارك في تشخيصها كل من عبد الحق الزروالي وهند بلعولة وسفيان نعيم وأمين بلمعزة، حكايات أفراد نتعرف عليهم عبر رسائلهم التي كتبوها شوقا وألما في أشد فترات حياتهم تعقيدا، سيما تحت وطأة الحرب والتهجير، ولكن لم يكن مقدرا لها أن تصل لمن أُرسلت إليهم.
وعلى خشبة تنيرها إضاءة خافتة وديكور بسيط ينضح بالرمزية بشكل يعكس طابع الحنين الذي يسود المسرحية، أبدع الممثلون في تجسيد المأساة الوجودية لشخصيات أنهكتها العزلة وصارت تسعى للبوح بوجعها لأناس ليسوا أقل معاناة، لعل هذا التواصل الإنساني، إن نجح، يخفف عنهم شيئا من الألم.
ويتجسد هذا التواصل المفقود في المسرحية في شخصية “ساعي البريد” الذي استودعته الشخصيات مآسيها المغلفة في أظرفة لعله ينجح في إيصالها لمن ينتظرها، ولكن دون جدوى، لأن ظروف الحرب أحالت المنازل ركاما ولم يعد هناك عناوين، فبقيت الرسائل حكايات مجهولة في حقيبة ووجدان ساعي البريد.
وقال بوسلهام الضعيف، في تصريح للصحافة بالمناسبة، إن “إخراج المسرحية بصيغتها الحالية شكل تحديا كبيرا باعتباره تكييفا مسرحيا لنص روائي ذي بناء سردي مركب”، مشيرا إلى “تعدد الفضاءات والأزمنة والرؤى الذي يميز الرواية مقابل مطلب البساطة والاختصار الذي تفرضه البنية المسرحية”.
وأوضح، في المقابل، أنه سعى للبقاء وفيا لروح الرواية وجوهر رسالتها الإنسانية التي تحتفي بالاتصال الإنساني في أزمنة الحرب والضياع، مضيفا أنه لجأ لتقنيات مسرحية مختلفة لترسيخ هذه القيمة الإنسانية العابرة للحدود لدى الجمهور المغربي.
بدوره، عبر عبد الحق الزروالي في تصريح مماثل، عن سعادته بالمشاركة في هذا العمل “الذي يعكس ممارسة مسرحية راقية بالنظر للتعقيدات الفنية والأدبية التي تميزها، وأيضا للقيم الإنسانية العميقة التي تعج بها أحداثها وتفاصيلها”.
وأضاف أن هذا النوع من الأعمال “يشكل رد اعتبار للفن المسرحي الذي بدأ يطغى عليه الطابع الاستعراضي على حساب عمق النصوص والحوارات ورمزية الرسائل”.
وتسعى أعمال فرقة مسرح الشامات إلى إيصال رسالة فنية تهدف إلى ترسيخ دور المسرح في الحياة الاجتماعية والثقافية، متبنية شعار “مسرح مواطن، مسرح للحياة”.
وتضع الفرقة ضمن برامجها مجموعة من الأنشطة الهادفة، من بينها ورشات للتكوين المسرحي، يشرف عليها نخبة من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، بهدف صقل المواهب وتأهيل جيل جديد من المبدعين القادرين على التفاعل مع قضايا المجتمع بلغة فنية عميقة.