
إسرائيل عالقة في شِباك نتنياهو
عن “هارتس” ترجمة “الأيام الفلسطنية”
من يريد معرفة ما الذي سيحدث يجب عليه أن يعرف في البداية ما الذي حدث، حيث يوجد في شبكة “إكس” حساب بعنوان “أخبار قبل سنة”، وأن يهتم بذلك.
في كل يوم يختار حدثاً مهماً كان قبل سنة، ويقوم بطرحه.
هذا حساب وحشي، يعرض تاريخ السنوات الأخيرة، ويقدم حبكة تروي قصصنا بأثر رجعي. أحياناً يثير خيبة الأمل والغضب من الأغبياء الذين يقودوننا، وأحياناً من أنفسنا ومن العمى الذي أُصبنا به.
يوم الخميس الماضي، نشر في الحساب فيلم، فيه الإشارة الأولى لحياة هيرش غولدبرغ بولن، تم الحصول عليها بعد 201 يوم في الأسر.
في الفيلم، الذي ظهرت فيه للمرة الأولى يده المبتورة في أعقاب إصابته، قال لأبناء عائلته: أمي، أبي، ليفي وأورلي، ظلوا أقوياء وحاربوا من أجلي.
الصدمة التي سببتها مشاهدة هذا الفيلم كانت شديدة. معرفة أنه بعد بضعة أشهر من ذلك قتل في أحد الأنفاق مع خمسة من أصدقائه هي نبأ لا يحتمل، وهكذا أيضاً الاعتراف بأن رئيس الحكومة رفض فعل المطلوب من أجل إعادته.
عند النظر إلى الوجه الجميل لهيرش الحي، وهو يتحدث، يتفطر القلب من عدم العدل. موته المأساوي الزائد لم يؤدِ إلى مسار العمل المطلوب – صفقة سريعة لتحرير المخطوفين الباقين – بل إلى عملية التأثير التي نضجت في مكتب رئيس الحكومة، والتي في نهايتها نقل مستشاروه المقربون وثيقة سرية إلى صحيفة “بيلد” الألمانية من أجل التأثير على الرأي العام ضد التظاهرات من أجل إعادة المخطوفين.
السؤال المهم هو كيف حدث أننا سمحنا لهذا النظام الفاسد بممارسة وسائل سيطرة متزايدة علينا وتقليص هامش حريتنا بوساطة الدعاية وفرض الرعب؟
وفي ظل عدم وجود لجنة تحقيق رسمية يجب علينا الاكتفاء بتوثيقات أخرى. هاكم طريقة أخرى لرسم الحبكة، هذه المرة بإعادة سريعة إلى 8 تشرين الأول وحتى الآن.
نشر جون براون (الاسم المستعار لسبستيان بن دانييل) منشوراً في الفيس بوك في اليوم التالي لهجوم “حماس” كتب فيه: “لا أعرف كيف ستنتهي الحرب وما الذي سيحدث للرهائن. ولكني أعرف بيقين أنه في اليوم التالي… لن يأتي رئيس الحكومة الإسرائيلية ويقول: أنا أخطأت، هذه هي الكارثة الكبرى التي أصابت إسرائيل أثناء ولايتي، وأنا أتولى منصب رئيس الحكومة، لذلك أنا المسؤول والذنب هو ذنبي”.
هو سيتهم كل العالم، الاستخبارات، “حماس”، الجيش الإسرائيلي، الاحتجاج، اليسار الذي نسي ماذا يعني أن تكون يهودياً، العرب، والطيارين.
وليس من كان المسؤول عن الجميع، وقام بحل جميع الأجهزة في إسرائيل من أجل مصلحته الشخصية. أعرف بيقين أن كل الأبواق التي تطالب الآن بالوحدة ستبرر موقفه، وستساعده آلة السم في ترسيخ هذه الرواية في أوساط جمهوره.
يجب الاعتراف بأن هذا مدهش، ولكنه غير مدهش حقاً. عرف بن دانييل كيف يرسم بدقة العملية؛ لأن القالب معروف.
يتميز تكتيك نتنياهو دائماً بتقنية حكم لها خصائص استبدادية، بسيطة، وناجعة.
وأما الذين لم يدركوا فهم ممثلو المعارضة والاحتجاج، مثل يائير لابيد، وبني غانتس، و”إخوة السلاح”، الذين تحركوا على الفور لاستبدال الدولة المنهارة، وأعلنوا أن هذا ليس هو الوقت المناسب للتظاهر.
تكمن المشكلة في التفكير الغبي للمعسكر الليبرالي الذي يعتقد أن حدود الاحتجاج، التي رسمها أنصار الحكومة ومعظم المواطنين الذين أعماهم الخوف والرغبة في الانتقام، يجب أن تبقى قائمة.
ليس كل شيء مكتوباً. في الواقع مثلما يمكن أن نرى من خلال الخطين الزمنيين، الخط الذي يسير إلى الخلف والخط الذي يتحرك إلى الأمام، كان كل شيء متوقعاً.
الآن نحن عالقون في الشبكة التي نسجها نتنياهو خلال السنتين الأخيرتين، ونُقصف بالأحداث والوقائع كل يوم، ونغرق في ضجة الدعاية غير المحتملة، ونشجع أنفسنا بأنه توجد فرصة للخلاص، لكن في أعماقنا نعرف أن هذا ربما لن يحدث في القريب.