الرئسيةثقافة وفنون

شيرين في موازين.. من يواسي الصوت حين ينكسر؟

بقلم: بثينة المكودي

في خضم الجدل والضجيج الذي رافق ظهور الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب في حفلها الأخير بالمغرب ضمن مهرجان موازين، لم يكن المشهد مجرد لحظة فنية مرتبكة، بل مرآة مكشوفة لحالة إنسانية عميقة، فالفنانة التي اعتادت أن تصعد إلى الخشبة بكل ما فيها من صدق ووجع، بدت هذه المرة شاحبة الروح منهكة المشاعر ما فتح الباب أمام سيل من التعليقات القاسية والتكهنات السطحية.

لكن ما إن هدأ صخب المنصات، حتى ارتفعت أصوات مختلفة من قلب الوسط الفني تدعو إلى التروي والتفهم، وتؤكد أن شيرين ليست وحدها، وأن ما تقدمه من إحساس لا يمكن أن يُختزل في لحظة ضعف أو أداء مضطرب.

الفناة سميرة تدعم شرين

والفنانة أحلام كتبت بكل وضوح “شيرين صوت لا يتكرر واللي ما يقدر الموهبة مكانه مش معانا في هذا الفن”، بينما قال راغب علامة “إن شيرين ليست مجرد صوت جميل إنها حالة فنية صادقة وعلينا كمجتمع فني أن نحميها لا أن نحاكمها”، أما أنغام “فاكتفت بكلمات قليلة لكنها مؤثرة شيرين أختي وكلنا مرينا بظروف صعبة كفاية تنمر”.

إن ما وقع في المغرب تحديدا، كان لحظة فاصلة ليس فقط في مسار شيرين الفني بل أيضا في علاقتها بجمهورها؛ جمهورها الذي عبّر بعضه عن خيبة أمل من العرض، لكنه سرعان ما تحوّل إلى درع من التضامن والمحبة مطالبًا بإفساح المجال للتفهم بدل الهجوم، وانتشرت وسوم داعمة مثل كلنا شيرين وشيرين الإنسانة ترفض اختزال الفنان في لحظة ضعف أو نظرة سطحية.

وجدير بالذكر  أن هذا لا يعفي الجهة المنظمة من مسؤوليتها تجاه الجمهور، فمن الواجب أن تكون هناك شفافية منذ البداية ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحالة النفسية أو الجسدية للفنان، فالجمهور ليس مجرد رقم في مدرجات بل طرف أساسي في العلاقة الفنية، ويستحق الاحترام والوضوح.

المصادر الفنية  تؤكد أن شيرين تخطط للعودة قريبا بمشروع فني جديد، وأنها وجدت في موجة الدعم الأخيرة ما يشبه البلسم، وسط كل هذا الضجيج، وأن ما حدث لم يكن نهاية بل بداية أخرى مختلفة أكثر نضجا وصدقا.

وهنا يطرح السؤال نفسه، متى سنتوقف عن محاكمة الفنان وكأنه آلة تعمل بلا توقف؟ متى نفهم أن الشهرة لا تعني الحصانة من الألم، وأن المسرح لا يلغي الهشاشة، ففي زمن الأحكام السريعة، والتعليقات القاسية عبر المنصات، يتحول التعب الإنساني للفنان إلى مادة للسخرية بدل أن يكون لحظة تفهم واحتضان.

شيرين لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فكثير من الفنانين مروا بأزمات نفسية أو صحية، وبدل أن نجد فيهم مرآة لإنسانيتنا، ننقلب عليهم بجفاء لا يشبه الفن ولا روحه، إن الحاجة اليوم، إلى وعي جديد يميز بين النقد والتشفي، وبين الرأي والتنمّر، فالفن لا ينمو في بيئة قاسية، ولا يزهر تحت ضغط الأحكام الجاهزة.

وللاشارة فإن شيرين، هي صوت، وألم، وقصة، وهي أيضًا فرصة لنتذكر أن من يغني لنا، قد يحتاج منا في لحظة ما أن نصمت قليلا ونمنحه ما يستحقه من رحمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى