بعد وفاة عامل مغربي بايطاليا، بسبب ضربة شمس في أشغال البناء، قررت السلطات الإيطالية ، منع العمل تحت أشعة الشمس، في ظل الارتفاع الحالي لدرجات الحرارة.
وإن كان الأمر كذلك ببلاد الطاليان، فهل حكومة المغرب، تنتبه للظروف القاسية، التي يعمل فيها عمال البناء والطرقات والأوراش الكبرى، ولا سيما من بعد وصول درجات الحرارة لعتبة 45 و 40 درجة في مدن الساحل بالدار البيضاء والقنيطرة.
أو أنه مع التحضير للمونديال، فالأولوية للعرس الكروي، ولو تطلب ذلك زهق الأرواح والإضرار بصحة العمال والأغلبية منهم ، عمال الجورني وخارج مقتضيات الحد الأدنى من قانون الشغل.
فهل سننتظر تدخل المنظمات الدولية، كما فعلت في قطر، حتى تعي الحكومة بواجب حماية أرواح وصحة عمال الأوراش في الهواء الطلق، أولا وقبل كل شيء.
اليماني ..وكأن الإنسان عندنا هنا مجرد الة لا تحترق ولا تنهك
في الوقت الذي قررت فيه السلطات الإيطالية منع العمل تحت أشعة الشمس خلال فترات الذروة، عقب وفاة عامل مغربي بأشغال البناء نتيجة ضربة شمس قاتلة، لا تزال أوراش المغرب المفتوحة تعج بالعمال الذين يشتغلون تحت لهيب الحرارة، دون حماية تذكر، ودون إجراءات وقائية صارمة تحفظ صحتهم وسلامتهم.
ففي الدار البيضاء،والقنيطرة، وسيدي سليمان، وسطات ومكناس وأكادير … مدن تثقل كاهلها درجات الحرارة التي تتجاوز في بعض الساعات 45•درجة، تستمر الأوراش الكبرى في العمل، كأن الطقس لا يعني أحد، وكأن الإنسان مجرد آلة لا تحترق ولا تنهك.
من ينصت لأنين عمال يشتغلون خارج الزمن والحق، بلا تعاقد، ولا تأمين
في هذا السياق، تساءل الناشط النقابي الحسين اليماني: “في خضم التحضيرات الجارية لمونديال 2030، تسابق الحكومة الزمن لتشييد الملاعب والبنيات التحتية، لكنها تغض البصر عن وجوه مرهقة تنزف عرقا تحت شمس لا ترحم، فهل هناك من يحصي عدد من يسقطون في صمت؟ ويضيف، من ينصت لأنين عمال يشتغلون خارج الزمن والحق، بلا تعاقد، ولا تأمين، ولا حتى جرعة ماء بارد تحفظ أجسادهم من الانهيار؟”.
وأضاف الفاعل النقابي”لا يمكن أن نبني حدث كروي عالمي فوق أكتاف عمال لا يملكون حتى أبسط وسائل الوقاية، ولا يمكن أن يكون العرس الكروي أهم من أرواح الذين يصنعونه.
ويستغرب اليماني قائلا “ننتظر ماذا؟ أن تأتي منظمات أجنبية وتكشف ما نراه كل يوم؟ أن يحدث كما حدث في قطر، حين اضطرت السلطات هناك لتعديل القوانين بفعل الضغط الدولي؟”.
“أين الحديث عن الكرامة؟ وعن العدالة الاجتماعية؟
هذا وختم تصريحه بتساؤل يختصر المأساة “أين الحديث عن الكرامة؟ وعن العدالة الاجتماعية؟ وعن الصحة كحق دستوري؟ كلها مفاهيم تُكتب في الخطب، بينما يلتهمها لهيب الواقع في كل ورش مفتوح تحت السماء”.
وتجدر الاشارة أنه في خضم هذا الصمت المطبق، لا يبقى للعمال إلا أجسادهم المنهكة، وعرقهم الذي يسيل على إسفلت يغلي، وشمس تحرق أكثر مما تضيء، ففي بلد يتهيأ لاستقبال العالم، لا تزال قيمة الإنسان تُقاس بما ينجزه من إسمنت وحديد، لا بما يستحقه من كرامة وعدالة.
فهل يلتفت المسؤولون أخيرا إلى من يشيدون الحلم بأيديهم العارية؟ أم سنواصل دفن الحقيقة تحت الأنقاض، إلى أن يصبح الحديث عن الحق في الحياة مجرد ترف لا يليق بالمنهكين.