
من كان يظن أن الحلم الأوروبي قد يتحول إلى تجارة رابحة على حساب جيوب المغاربة؟!
فالمعطيات الصادمة التي كشف عنها البرلماني مصطفى ابراهيمي، عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، حول ملف التأشيرات، تفضح واقعاً أشبه بـ”ابتزاز مؤسس” يدر الملايير على دول غنية وشركات وسيطة، بينما يخسر المواطن المغربي فرصته وماله وأعصابه.
100 مليار سنتيم مقابل الأوهام
حسب الأرقام الرسمية التي استند إليها النائب البرلماني، أنفق المغاربة سنة 2024 ما يقارب 100 مليار سنتيم على ملفات التأشيرات الأوروبية، وعلى رأسها “شينغن”، و برغم من هذه المبالغ الضخمة، فإن نسبة الرفض بلغت 20%، أي أن حوالي 20 مليار سنتيم تبخرت من جيوب المواطنين دون خدمة ولا تفسير، وكأنها ضريبة على حلم السفر.
شركات وسيطة.. احتكار واستنزاف
لا يتوقف النزيف عند بوابات القنصليات، بل يمتد إلى الشركات الوسيطة التي تحتكر مواعيد حجز الملفات، والتي حوّلت التأشيرة إلى “مزاد علني” لا يخلو من شبهات الريع والاحتكار، و رسوم باهظة تضاف إلى كلفة الملف، وكأن السفر أصبح امتيازاً طبقياً.. ليتحول حلم السفر إلى عبئ ثقيل على من يسعى له من أجل الدراسة أو العمل أو العلاج أو حتى سياحة، اما في الحالات المستعجلة كزرع الأعضاء أو عمليات دقيقة، يتحول الانتظار و رفض “الفيزا” من ورقة إدارية إلى “حكم بالإعدام” مؤجل
إجحاف مزدوج
وصف البرلماني ابراهيمي هذا الوضع بـ”الإجحاف المزدوج”، لأنه ينهك القدرة الشرائية للأسر المغربية، ويستنزف الاقتصاد الوطني في الوقت نفسه، فالأموال التي تُصرف بلا مردود تُعد استنزافاً صريحاً للعملة الصعبة، في بلد يئن تحت عجز تجاري مزمن ومديونية ثقيلة.
دعوة إلى المحاسبة والشفافية
في ذات السياق لك يكنف ابراهيمي بالانتقاد، بل طالب الحكومة بتقديم حصيلة دقيقة للتكاليف التي يتحملها المغاربة مع كل الدول التي تفرض التأشيرات، وفتح مفاوضات جادة مع التمثيليات الدبلوماسية لإلزامها بتقديم مبررات مكتوبة لكل رفض، كما شدد على ضرورة تمكين المواطنين من استرجاع جزء من مصاريف التأشيرة في حالة الرفض، وهو حق منطقي وبدهي في زمن “الشفافية” و”المعاملة بالمثل”.
في الوقت الذي يتباهى فيه المسؤولون بشعارات “المغرب الجديد”، يظل المواطن المغربي عالقاً أمام أبواب القنصليات، يدفع ماله ووقته وكرامته، مقابل ورقة صغيرة قد تُمنح أو تُرفض بقرار إداري بارد،
فهل تتحرك الحكومة حقاً لوقف هذا النزيف، أم أن جيوب المغاربة ستظل البقرة الحلوب التي ترضع “شينغن” ومن معها، بينما المواطن يكتفي بتأشيرة الإحباط؟