الرئسيةمجتمع

أحكام ثقيلة في قضية “أحداث خميس آيت عميرة”

أسدل القضاء الستار على واحدة من أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام المحلي خلال الأسابيع الأخيرة، والمتعلقة بأحداث الشغب التي شهدتها منطقة خميس آيت عميرة التابعة لإقليم اشتوكة آيت باها، عقب موجة الاحتجاجات التي عمّت عدداً من المدن المغربية أواخر شتنبر الماضي.

 أصدرت محكمة الاستئناف بأكادير، مساء الاثنين، أحكامًا وُصفت بالثقيلة في حق سبعة عشر متهمًا، تراوحت بين 15 سنة و3 سنوات سجناً نافذاً، بتهم تتعلق بـ“إضرام النار عمداً في ممتلكات عمومية وخاصة، التجمهر المسلح، والعنف في حق موظفين عموميين أثناء مزاولتهم لمهامهم، والمشاركة في التخريب والسرقة”.

تفاصيل الأحكام

وفق ما أفادت به مصادر قضائية، فقد حكمت المحكمة بـ 15 سنة سجناً نافذاً على ثلاثة متهمين ثبت تورطهم في استعمال العنف وإضرام النار في مركبات ومقرات عمومية، فيما أدين آخر بـ 12 سنة سجناً نافذاً بعد متابعته بتهم تتعلق بالسرقة الموصوفة والعنف ضد عناصر الأمن.

كما قضت المحكمة بـ 10 سنوات سجناً نافذاً في حق تسعة متهمين شاركوا في أعمال تخريبية جماعية، و5 سنوات على متهم واحد و4 سنوات على آخر، بينما حُكم على اثنين من المشاركين في التجمهر دون أعمال عنف بـ 3 سنوات سجناً نافذاً لكل منهما.

وبهذا، بلغ مجموع العقوبات الصادرة 162 سنة سجناً نافذاً، مع تحميل المدانين الصائر، ومنحهم حق الطعن والاستئناف وفق الإجراءات القانونية الجاري بها العمل.

خلفيات الأحداث

تعود فصول القضية إلى أواخر شتنبر 2025، حين شهدت منطقة خميس آيت عميرة مواجهات بين عدد من الشباب الغاضبين والقوات العمومية، في سياق احتجاجات متفرقة كانت قد انطلقت بالموازاة مع دعوات “جيل Z” للمطالبة بإصلاحات في قطاعات الصحة والتعليم والتشغيل، ومحاربة الفساد.

وقد تحولت بعض الوقفات المحدودة،  إلى أعمال تخريب وإضرام نار في سيارات ودراجات تابعة للسلطات، ما استدعى تدخلاً أمنياً لتفريق المتجمهرين وإيقاف المتورطين. كما سُجلت خسائر مادية ببعض المحلات التجارية والمرافق العمومية، دون تسجيل خسائر بشرية.

قراءة في دلالات الحكم

يرى متتبعون أن الأحكام الصادرة تعكس صرامة الجهاز القضائي في التعاطي مع أعمال العنف التي تمس النظام العام، لكنها في الوقت ذاته تُعيد طرح السؤال حول الأسباب العميقة للتوتر الاجتماعي في عدد من مناطق سوس، خصوصاً خميس آيت عميرة التي تُعاني من الهشاشة العمرانية وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.

كما يعتبر مراقبون أن معالجة مثل هذه الأحداث، التي تبرأت منها حركة جيل “زد” تتطلب إلى جانب المقاربة الأمنية””، مقاربة تنموية واجتماعية تُعيد الثقة إلى المواطنين، وتفتح قنوات للحوار بدل الانفجار.

في انتظار مرحلة الاستئناف

المحامون الذين ترافعوا عن المتهمين أعلنوا نيتهم استئناف الأحكام، معتبرين أن بعضها “غير متناسب مع طبيعة الأفعال المنسوبة”، فيما شددت النيابة العامة على أن “الأحكام استندت إلى معطيات مادية وشهادات ميدانية موثقة، وفق مقتضيات القانون الجنائي”.

وفي انتظار ما ستسفر عنه جلسات الاستئناف، تظل قضية “أحداث آيت عميرة” مثالاً جديدًا على هشاشة العلاقة بين الاحتجاج الشعبي والتعبير السلمي من جهة، وحدود التدخل الأمني والقضائي من جهة أخرى، في مشهد يعيد إلى الأذهان النقاش الأوسع حول العدالة الاجتماعية وسبل احتواء الغضب الشبابي بالمغرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى