نجيب كومينة يكتب:كتابات الراحلة السعداوي التي كان لها مفعول الصدمة بالنسبة للإناث والذكور على حد سواء
كانت صرخة نوال السعداوي بداية ثورة هزت الذكورية الراسخة في عقل المجتمعات العربية، برجالها ونسائها، و جعلت الكثير من النساء يتحررن من طابوهات كرست القهر وسوغته وتنتفضن ضد شرطهن وضد الثقافة التي تعيد انتاجه في الفضاء الانتربولوجي العربي الغارق في تقاليد وافكار ومؤسسات عفى عنها الزمن.
“المراة والجنس” و “الانثى هي الاصل” وغيرهما مما تجرات على كتابته نوال السعداوي كان له مفعول الصدمة بالنسبة للاناث والذكور على حد سواء. وكان بداية تغيير في رؤى الكثيرين والكثيرات ممن حررتهم من اسر الصحاري القاحلة والفوات، بحيث منحتهم افاق جديدة للنظر والتفكير والفعل من اجل خلخلة الجامد وتحريك الراكد و استيعاب منطق الحقوق والمساواة، ومندئد جرت مياه كثيرة تحت الجسور وتدفقت وتجددت، وفي المقابل تحركت الرجعية بكل اطيافها تحت مفعول هذه الصدمة و جعلت من نوال السعداوي وكل من تشرب افكارها و شاركها القناعات و سعى الى تطوير ما اتت به هدفا لحرب لم تهدا بعد، ومن سوء الحظ ان ماكتبته نوال السعداوي بنفس تقدمي وتحريري جاء في فترة ردة وتراجع لقوى التقدم تفاقم على مدى نصف قرن من الزمن والا لكان اثره ولكانت نتيجته اقوى مما كان.
نوال السعداوي ستظل، كما فاطمة المرنيسي التي عاصرتها، راسخة في تاريخنا كعلامة فارقة شاء من شاء وكره من كره، لا نها تجرات واخترقت المحظور واطلقت مسارا نحو التحرر من ذكورية بئيسة تاتت لها السيطرة وشكلت وجها من اوجه انحطاط لم نتخط بعد عتبة الخروج منه رغم المظاهر والاستهلاك المرضي.
تعبير طيور الظلام عن فرحها بوفاة نوال السعداوي، بعد ان بلغت من السن ما بلغت، يدينهم و يظهر لكل من ما تزال تخامره درة شك انهم عديمي الاخلاق و مزبلة للاحقاد والضغائن وكل العفن الذي لا يغسله صابون و لا يديبه الزمن. بؤساء فكرا، بؤساء عاطفة، بؤساء ايمانا، لان المفروض ان يساهم الايمان الصادق في تطهير القلوب من الغل والحقد والضغينة والا كان شيئا اخر يجب ان يوجد له اسم اخر.
لا احد يخلد، والخلود وهم كما علمنا الرواقيون مند قرون غابرة، لكن الافكار الخلاقة المحررة لوعي وطاقات وقدرات الانسان تخلد ومنها افكار الكبيرة نوال السعداوي التي سيستمر تداولها وسيعاد اكتشافها في الاوقات المناسبة كما تمت اعادة اكتشاف افكار ارسطو وسبينوزا و روسو وماركس وروزا لكسمبورغ وغيرهم