في الواجهة

جمانة حداد: هذا ليس اسمه عنفاً “منزلياً”..صفة “منزلي” تخفف الوطأة

هذا الرجل المزعوم الذي يهين امرأة، أو يضربها، أو يقتلها، لا لسبب سوى لأنها امرأة، كم هو جبان يا ترى؟هذا الرجل المزعوم الذي يغتصب امرأة فقط لأنه يستطيع، ولأنه يظنّ أن هذا حقّه، كم هو فاشل يا ترى؟هذا الرجل المزعوم الذي يستقوي على امرأة بعضلاته، كم هو ضعيف يا ترى؟

فلنسمّ الأمور بأسمائها يا صديقاتي: هذا ليس اسمه “عنفاً منزلياً”. أرفض من الآن فصاعداً أن أسمّيه هكذا. هذا اسمه عنف الرجال على النساء. ضرب الرجال للنساء. قتل الرجال للنساء. اغتصاب الرجال للنساء. صفة “منزلي” تخفف الوطأة. تستر حقيقة الجريمة المرتكبة وطبيعتها والمفترس فيها والفريسة. تستر أسبابها خصوصاً: الخوف من المرأة، والحقد عليها بسبب هذا الخوف تحديداً، من جانب بعض الرجال.

أقول “بعض” الرجال، ولكن لا يتوهمن أحد أن هؤلاء أقلية.

هناك من يمتنع عن أذيّة النساء، عن اقتناع، ووعي، وعن سابق تصوّر وتصميم. ولكن هذه فئةٌ قليلة. بل نادرة. بل نادرة جدًّا.

وهناك من يمتنع عن إذيّة النساء، لا بسبب أخلاقياته أو نبله. هم يمتنعون لأنهم مدجّنون بالقانون، أو يفعلون ذلك منعا للحرج من إظهار الوحش في داخلهم، أو بسبب الخوف من العقاب، أو بسبب الأعراف الاجتماعية التي باتت سائدة في البيئة التي كبروا فيها. وهذه الفئة من الرجال ليست قليلة. بل هي فئة كبيرة.

كفى! لا يمر يوم، بل لا تكاد تمر ساعة لا يصلني فيها خبر اعتداء مرعب على امرأة من هنا ومن هناك ومن جميع أنحاء العالم.

كفى! لا بدّ لهذا النظام الذكوري البطريركي الجائر أن يسقط! إنكم تحوّلون النسويات المعتدلات فينا الى راديكاليات بسبب نذالتكم. ولا أعني هنا المرتكب فحسب. بل سلسلة الظلم كلها: من المرتكب الى الساكت عليه الى المتساهل معه الى المبرر له الى المسؤول عن عدم محاسبته. أنظروا حولكم: السفلة يحكمون العالم.

أيها المعتدي المجرم، تذكير بسيط: هذه الكفّ التي تصفعني بها، تكوّنت في رَحمي.

هذه العضلات التي تستقوي بها عليّ، تكوّنت في رحمي.

هذا الصوت الذي تهددني به، تكوّن في رحمي.

هذا القضيب الذي تغتصبني به، أيضاً تكوّن في رحمي.

كلا، ليست تمطر. هذه أنا أبصق عليك.
المصدر: مونت كارلو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى